عليٌّ.. قرآنٌ الله المهجور!
الشيخ محمد مصطفى مصري العاملي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
الشيخ محمد مصطفى مصري العاملي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
بسم الله الرحمن الرحيم
عن الإمام الصادق عليه السلام:
إِنَّ الله جَعَلَ وَلَايَتَنَا أَهْلَ البَيْتِ قُطْبَ القُرْآنِ، وَقُطْبَ جَمِيعِ الكُتُبِ، عَلَيْهَا يَسْتَدِيرُ مُحْكَمُ القُرْآنِ، وَبِهَا نَوَّهَت الكُتُبُ، وَيَسْتَبِينُ الإِيمَانُ (تفسير العياشي ج1 ص5).
كلماتٌ تأسرُ الألباب، وتكشفُ عن سِرٍّ من أسرار القرآن الكريم، بحيث صارت ولاية آل محمد عليهم السلام (قُطبَه)، ويدورُ مُحكَمُ القرآن حولها!
إنَّ القُطبَ هو الأمر الذي يدلُّ على الجمع أو الاجتماع، لذا قيلَ (قُطب الرَّحَى) لما يَجمَعُ أمرَها وتدورُ حولَه، ويقال قطبُ القوم لسيِّدِهم الذي يلوذون به.
والولاية لآل محمدٍ هي قُطبُ القرآن والتوراة والإنجيل وسائر كتب السماء معاً.. فكيف ذلك؟
قَد يُفسَّرُ ذلك، أو يُلازمه ما دلَّ على أنَّ إكمال الدين إنما تمَّ بالولاية، فهي التي تَجمَعُ وتختزلُ أحكام الشريعة، وهي التي أخذ الله تعالى بها المواثيق على الأنبياء ليقرُّوا بها، ثم يبشِّروا بها أقوامهم ويأمروهم بتصديقها.
وما دلَّ على أن القرآن بِهِم تُعرَفُ متشابهاته، وتُستجلى غوامضه، ويُكشفُ عن بطونه..
وقد تتضمن إشارة إلى أنَّ ما دلَّ على ولايتهم من القرآن هو آياتٌ محكماتٌ لا تحتمل اللبس والتأويل.. بلغت الغاية من الوضوح وإن لم تُذكر أسماؤهم عليهم السلام فيه.
أو أن التارك لإمامتهم تاركٌ للقرآن فعلاً، لأنَّ القرآن بمحكماته يأمر باتِّباعهم، فغير المتَّبِع لهم غير متَّبعٍ للقرآن، فيدور الإيمانُ بالقرآن مدارَ ولايتهم وتصديقهم واتِّباعهم..
وَقَدْ أَمَرَ رَسُولُ الله (ص) أَنْ يُقْتَدَى بِالقُرْآنِ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَذَلِكَ حَيْثُ قَالَ فِي آخِرِ خُطْبَةٍ خَطَبَهَا: إِنِّي تَارِكٌ فِيكُمُ الثَّقَلَيْنِ، الثَّقَلَ الأَكْبَرَ، وَالثَّقَلَ الأَصْغَرَ.
فَأَمَّا الأَكْبَرُ فَكِتَابُ رَبِّي.
وَأَمَّا الأَصْغَرُ فَعِتْرَتِي أَهْلُ بَيْتِي، فَاحْفَظُونِي فِيهِمَا فَلَنْ تَضِلُّوا مَا تَمَسَّكْتُمْ بِهِمَا (تفسير العياشي ج1 ص5).
فكان القرآن والعترةُ باباً للهدى فتحه الله تعالى لخلقه، وأرشدهم إلى لزوم اتِّباعه، لينالوا بذلك المعالي في الدُّنيا والآخرة.
لكنَّ المؤمنَ يتعجَّبُ من كثرة الناس الذين لم يستنيروا بنور القرآن الكريم، ولم يتَّبعوا آل محمدٍ (ص)، أنوار الله تعالى في أرضه وسمائه.
فيخالُ بعضُ الأحبَّة أن العيبَ في العلماء، حمَلَةِ رسالة الأئمة عليهم السلام إلى الناس، ويبالغ ويغالي بعضهم حتى يقول: لو كان هؤلاء العلماء قد أحكموا علومَهم، وأصلحوا أنفسهم، ونشروا تراثَ آل محمدٍ عليهم السلام كما ينبغي لاتَّبَعَهم الناس.. ولكنهم أهل القصور والتقصير..
حتى أنَّ من المؤمنين من يتحامل على أهل العلم ويُحَمِّلُهم مسؤولية كلِّ انحرافٍ وخطأ ورِدَّةٍ في المجتمع.
وأهلُ العِلم وإن كانوا لا يُخرجون أنفسهم من حدِّ التقصير كما هو حال كلِّ مؤمن، إلا أنهم لا يتحمَّلون المسؤولية في كفر الكافرين.
فإنَّ الناس على قسمين:
1. أهلُ الحق، أو الذين يطلبونه، وهم الذين يستنيرون بنور القرآن الكريم، حين فتحوا له عقولهم وقلوبهم فاستفادوا منه.
2. أهلُ الشِّقاق والنفاق، الذين لا يطلبون الحق، وما صار هؤلاء من أهل الهداية بالقرآن ولا بالعترة، بل ازدادوا نفوراً وطغياناً وكفراً ورجساً!
والقسم الثاني لا يُريد الهداية مهما رأى من آيات الله تعالى، ومنهم من قال عنه تعالى: ﴿وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذينَ أُوتُوا الكِتابَ بِكُلِّ آيَةٍ ما تَبِعُوا قِبْلَتَك﴾ (البقرة145).
وهؤلاء ليسوا ممَّن يُرتجى منهم خير.. ولقد ظهر من آيات الكتاب ما يُبرزُ موقفَ هؤلاء ونظرائهم من القرآن الكريم والعترة الطاهرة ويُبيِّنُ حقيقتهم.. فهم أهل النفور من القرآن الكريم، والجحود للعترة الطاهرة.
النفور من القرآن الكريم
أما القرآن الكريم، فقد قال تعالى عنهم:
﴿وَلَقَدْ صَرَّفْنا في هذَا القُرْآنِ لِيَذَّكَّرُوا وَما يَزيدُهُمْ إِلاَّ نُفُوراً﴾ (الإسراء 41).
إنَّ الغرض من إنزال الله تعالى للكتاب هو التذكير، والعود إلى الله عز وجل، لكنَّ هؤلاء يزدادون نفوراً!
وقال تعالى: ﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ القُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنينَ وَلا يَزيدُ الظَّالِمينَ إِلاَّ خَساراً﴾ (الإسراء82).
والغرضُ أيضاً هو الشفاء والرحمة، شفاءٌ للنفوس والأبدان، ورحمةٌ إلهيةٌ عميمةٌ للمؤمنين، لكنَّ الظالمين جحدوا فكانت خسارتهم أعظم.
وقال تعالى: ﴿وَإِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زادَتْهُ هذِهِ إيماناً فَأَمَّا الَّذينَ آمَنُوا فَزادَتْهُمْ إيماناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ * وَأَمَّا الَّذينَ في قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ وَماتُوا وَهُمْ كافِرُونَ﴾ (التوبة124-125).
أي شكاً إلى شكِّهم (الباقر عليه السلام في تفسير العياشي ج2 ص118).
فالآيات الكريمةُ لا يتأتى منها إلا الهدى والإيمان، لكنَّ الجاحدَ يزداد كُفراً كلَّما نزلت آيةٌ جديدةٌ وكان بها من الكافرين.
ومن شَكَّ يزداد شكاً، ومَن نفرَ يزداد نفوراً..
وهكذا يزداد أصحاب القلوب المريضة مَرَضاً كلَّما أنزل الله تعالى سورةً، فأيُّ معادلةٍ غريبةٍ هذه؟
الله تعالى ينزل آياتٍ للهداية، فيزداد المرضى مَرَضاً!
لا يتوهَّمَنَّ متوهِّمٌ أن الآية نفسها أمرَضَتهُم، بل لا يتأتى من الآية إلا الهدى، لكنَّ جحودَهم لها أو شكَّهم وكفرَهم بها (وهو مِن أفعالهم) أدى بهم إلى أن يزدادوا عن الله بُعداً كلَّما أرسل لهم آية!
قال تعالى عن القرآن الكريم:
﴿قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاء وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُوْلَئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ﴾ (فصلت44).
وورد في الدعاء عن لسان الإمام الصادق عليه السلام في القرآن الكريم:
اللهمَّ وَكَمَا أَنْزَلْتَهُ شِفَاءً لِأَوْلِيَائِكَ، وَشَقَاءً عَلَى أَعْدَائِكَ، وَعَمًى عَلَى أَهْلِ مَعْصِيَتِكَ، وَنُوراً لِأَهْلِ طَاعَتِكَ، اللهمَّ فَاجْعَلْهُ لَنَا حِصْناً مِنْ عَذَابِك (الكافي ج2 ص574).
إنَّ على العبد أن يفتحَ قلبَه للقرآن الكريم، ويستعدَّ لتلقي الإيمان والرحمة الإلهية، فيصير الكتاب له نوراً وحِرزاً ودليلاً.
أمّا إن كان من أهل الشكِّ أو الجحود أو المعصية.. ووطَّنَ نفسه على المعاندة، فإنَّه يعمى عن آيات الكتاب الكريم، ولا يهتدي إلى اتباعها سبيلاً.. فيزداد عن الله بُعداً كُلَّمَا توالَت وتَتَالَت آيات السماء.
الكفر بالعترة الطاهرة
إنَّ مما يلفت العاقلَ هو أنَّ موقف أهل الشكِّ والكفر والنفاق والمعاصي كان واحداً تجاه القرآن الكريم، وتجاه العترة الطاهرة..
فإنَّ مَن ازداد من القرآن نفوراً ازداد بالعترة الطاهرة كفراً!
والسبب هو السبب، فهو لا يريد الإيمان، وكلَّما أنزل الله تعالى آية ازداد رجساً، فكيف بأعظم آيات الله: عليٍّ وآله الأطهار.
قال تعالى:
﴿قُلْ يا أَهْلَ الكِتابِ لَسْتُمْ عَلى شَيْءٍ حَتَّى تُقيمُوا التَّوْراةَ وَالإِنْجيلَ وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَيَزيدَنَّ كَثيراً مِنْهُمْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْياناً وَكُفْراً فَلا تَأْسَ عَلَى القَوْمِ الكافِرينَ﴾ (المائدة68).
وفسَّرَها الباقر عليه السلام بقوله: هِيَ وَلَايَةُ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ (ع) (بصائر الدرجات ج1 ص74).
فكلُّ من كفر بالولاية كان من أهل هذه الآية، يستوي في الانضمام لمصاديقها الملحدون والكافرون والمشركون والمخالفون، وأشدُّهم أعداءُ آل محمدٍ من الأوائل، وبنو أميَّة، ومن سار على نهجهم.
وقد كان لهؤلاء موقفٌ واضحٌ من ولاية أمير المؤمنين عليه السلام، فما إن نزل أمرُ الله تعالى بها حتى ازدادوا طُغياناً وكُفراً.
وههنا يُلاحَظُ أنَّ ما فعلوه مع القرآن والعترة فعلوه مع سائر أنبياء الله تعالى، فهذا نوح عليه السلام:
﴿قالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمي لَيْلاً وَنَهاراً * فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعائي إِلاَّ فِراراً * وَإِنِّي كُلَّما دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصابِعَهُمْ في آذانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْباراً﴾ (نوح5-7).
فازدادوا فراراً منه كلما دعاهم ليلاً بعد نهار، وقد بذل غاية مجهوده قَرناً بعد قرنٍ، وما كان عليه السلام مقصِّراً، لكنَّهم أصرّوا واستكبروا، ولا ينفعُ مع الإصرار دليلٌ ولا بُرهان.
قال تعالى: ﴿فَلَمَّا جاءَهُمْ نَذيرٌ ما زادَهُمْ إِلاَّ نُفُوراً﴾ (فاطر42).
لقد أنذرَ الله تعالى عبادَه، فجاءهم الأنبياء والرسل بأمره عزّ وجل، فازدادوا نفوراً وكفراً، حتى وصل الأمر إلى رسول الله صلى الله عليه وآله، فما تغيَّرت سيرتهم، ثم من بعده ساروا على نفس النهج فكفروا بوصيَّيه: بعليٍّ عليه السلام، والقرآن الكريم.
قال تعالى: ﴿وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ يَقُولُ يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبيلاً * يا وَيْلَتى لَيْتَني لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَليلاً * لَقَدْ أَضَلَّني عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جاءَني وَكانَ الشَّيْطانُ لِلْإِنْسانِ خَذُولاً * وَقالَ الرَّسُولُ يا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هذَا القُرْآنَ مَهْجُوراً﴾ (الفرقان27-30).
لقد أعرَضَ قومُ النبيِّ صلى الله عليه وآله عن الكتاب.. لقد ضلُّوا عن (الذِّكر)، وهجروا (القرآن).
فصار كتاب الله المنزل خلفَ ظهورهم.. ثمَّ تلاه الكتاب الناطق!
ولقد فسَّر الباقر عليه السلام (الذِّكر) الذي عنه ضلوا ب (الولَايَةَ) (تفسير القمي ج2 ص113)، وفي حديثٍ آخر عن الباقر والصادق عليهما السلام حول الذِّكر قالا عليهما السلام: يعني علياً (عليه السلام) (البرهان ج4 ص131).
وقد سبقهم أميرُ المؤمنين عليه السلام إلى ذلك حين قال: فَأَنَا الذِّكْرُ الَّذِي عَنْهُ ضَلَّ.. وَالقُرْآنُ الَّذِي إِيَّاهُ هَجَرَ (الكافي ج8 ص28).
وهكذا أعرضت الأمّة عن ولاية أمير المؤمنين عليه السلام من يومها الأول إلى هذا اليوم.. والولاية هي قطب القرآن، بها يستبين الإيمان، فلا بالقرآن عملوا، ولا بالإيمان تمسَّكوا، فحقَّ على أكثرهم العذاب حقاً.
لكنَّ هنا مفارقةً في غاية الأهميَّة:
وهي أنَّ القوم منذ اليوم الأول ضَيَّعوا الثقل الأصغر تماماً، فغيَّبوه ظاهراً وباطناً.
وحافظوا على الثقل الأكبر ظاهراً، وإن ضيَّعوا حدوده.. واكتفوا بحفظ حروفه، وأكثروا من استماعها وقراءتها دون فَهمٍ وتدبُّر.
فمنذ أيام الإسلام الأولى ظلَّ القرآن مَتلُوَّاً، غير معمول فيه، أما آل محمدٍ فغُيِّبَ اسمُهم ونهجهم معاً، إلا بمقدارٍ عجزت الأمَّة عن تغييبه، لتظلَّ حجَّة الله تامَّة.
لكن.. هناك مرحلةٌ قبل مجيء أمر آل محمد عليهم السلام، أي قبل ظهور الإمام صاحب العصر والزمان، حين يموت الحقُّ ويذهب أهلُه، ويشمل الجورُ البلاد، وتتغيَّر المعالم، حتى يحين وقتُ اختلاف الأمَّة مع القرآن حتى في الظاهر، يقول الصادق عليه السلام عن ذلك الزمان:
وَرَأَيْتَ القُرْآنَ قَدْ ثَقُلَ عَلَى النَّاسِ اسْتِمَاعُهُ!
وَخَفَّ عَلَى النَّاسِ اسْتِمَاع البَاطِل! ..
القرآن رمزُ الحقِّ يصيرُ ثقيلاً حينها!
وكلُّ باطل يصيرُ استماعُهُ خفيفاً سهلاً يسيراً!
يعتادُ الناس على الباطل ويألفوه، فيصير كلام الله تعالى ثقيلاً حتى في الاستماع، فضلاً عن العمل!
فماذا يفعل المؤمن في ذلك الزمن؟
فَكُنْ عَلَى حَذَرٍ، وَاطْلُبْ إِلَى الله عَزَّ وَجَلَّ النَّجَاةَ، وَاعْلَمْ أَنَّ النَّاسَ فِي سَخَطِ الله عَزَّ وَجَلَّ، وَإِنَّمَا يُمْهِلُهُمْ لِأَمْرٍ يُرَادُ بِهِمْ! (الكافي ج8 ص39و42).
يحذر المؤمن ويخشى من أن يقع من حيث لا يشعر، فيُشرِك هؤلاء في الإعراض عن آيات الله، أو يرضى بفعالهم.
عودٌ على بدء
بهذا تبيَّن أن ولاية آل محمدٍ عليهم السلام هي قطب القرآن، وعليها يدورُ رحى مُحكماته، وأنَّ من لم يؤمن بولايتهم عليهم السلام واتَّخَذَ كتاب الله الناطق مهجوراً فهو لم يؤمن بالقرآن حقاً.
وأنَّ أهل النفاق يزدادون نفوراً وكفراً وطغياناً كلَّما نزلت عليهم آيات الله، وهذا كان حالهم مع ما أتى به الأنبياء والأوصياء، ومع القرآن الكريم.
لذا عَلِمَ المؤمنُ أنَّ هؤلاء ليسوا ممَّن يُرتجى منهم الخَير، فأعرض عنهم.
ثمَّ لم يتألّم المؤمن بعد ذلك على ما أصابهم، وقد قال تعالى: ﴿فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ﴾ (فاطر8).
يعمل المؤمن بتكليفه، وقد قال الإمام: لَا عَلَيْكَ إِنْ آنَسْتَ مِنْ أَحَدٍ خَيْراً أَنْ تَنْبِذَ إِلَيْهِ الشَّيْءَ نَبْذاً (المحاسن ج2 ص232).
فإن قَبِلَهُ بقبول الحق اهتدى، وإلا كان ممَّن تَعَمَّدَ هُجران القرآن الناطق، عليّ عليه السلام.. أعظم مظلومٍ في هذه الأمة.
والحمد لله رب العالمين.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat