لا شبيه لهم
رياض السيد عبد الأمير الفاضلي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
رياض السيد عبد الأمير الفاضلي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
لا يكاد يكتب عنهم القلم لحيرته بين يدي مواقفهم النبيلة، ويسيل مداده مطأطئاً رأس كلماته خجلاً من عظمة من كان لهم الوسام الأكبر والحظ الأوفر، لقد اجتمع ليث الوغى ثابت الجأش، الوحيد المنتصر، الغريب الذي لا يؤنس الدنيا، نعم لقد اجتمع سيد شباب أهل الجنّة مع عينة أهل الأرض الذين شهد لهم بقوله (عليه السّلام) : "أمّا بعد: فإنّي لا أعلم أصحاباً أوفى ولا خيراً من أصحابي، ولا أهل بيت أبرّ ولا أوصل من أهل بيتي، فجزاكم الله عنّي خيراً.
لم يجد أحد في التاريخ أن معصوماً قال مثل هذه الكلمة في أصحابه جميعاً، إنّما كان الأنبياء والأولياء المعصومين (عليهم السّلام أجمعين) يقول مثل هذه الكلمات لخوص من أصحابهم وأوليائهم، لم يعثر في سجلّ الدنيا على هكذا أصحاب مهما بلغت مكانتهم، لم تعرف نفوسهم سوى الشجاعة ورباطة الجأش وقوّة القلب ، والجهاد في سبيل الله سبحانه وتعالى، كما قال الشاعر:
لَبســـــوا القُلُوبَ على الدروعِ وأقبلوا يَتَهَافتون على ذَهَابِ الأَنْفُسِ
تَرَكُوا ٱلدِّيَارَ بِمَن بِهَا وَتسَابَقُوا يَتَهَافتُـــــون عَــــــلَى ذَهَابِ الأَنْفُسِ
لم ينكلوا ولم ير منهم إلّا موقف البسالة وشدّة التمسّك بالله سبحانه وتعالى، واليقين بما يؤول إليه أحوالهم في الطفّ لكن سلّموا لله تسليماً بين يدي حبيب الله وابن حبيبه، فلم يحدثوا أنفسهم بفراق حجة الله تعالى مع أنّه أذن لهم في تركه حيث قال عليه السلام ".. ألا وإنّي قد أَذِنْتُ لكم فانطلقوا جميعاً في حلّ، ليس عليكم مني ذمام. هذا الليل قد غشيكم فاتّخِذوه جملاً..".
لقد علّموا الدنيا درساً لم يكن يتوقعه من كان في زمانهم ومن كان قبله ومن كان بعده، درس لا يشبهه درس، حيث تجد الرجل منهم أنّه يلفظ أنفاسه الأخيرة مغتنماً تلك اللّحظات في الوصيّة بحجّة الله تعالى، لا يقدّم شيئاً على دينه وإمامه وآخرته، إنّما كان مرادهم هو الكون في جهة الحقّ لا غير.
فاز من أتقدى بم سلام الله عليهم، ونجح من أتخذ من موقفهم منهجاً لحياته التي يريد منها أن يكون مع الله سبحان وتعالى ورسوله صلّى الله عليه وآله ، لم ينتظروا الموت بل الموت كان لهم من المنتظرين، لقد كانوا مثالاً لمن أراد أن يكون مع الثقلين، لقد كشفوا زيف من تقمص قميص الدين، وأوقعوا كلّ الأقنعة المزيّفة التي كان يظهر بها من سرق فضائل النبي وآله عليهم السلام أجمعين.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat