صفحة الكاتب : عبد الرضا حمد جاسم

رحلة دون تدخل في كتاب سأخون بلدي لمحمد الماغوط/ 22 (نعم لم اسمع)
عبد الرضا حمد جاسم

نهض المواطن عرب ابن عروبة ابن عربان مبكرا من فراشه فغسل وجهه بسرعة بالماء المثلج و حلق ذقنه كيفما اتفق بشفرة مثلمة و ضرب شعره ضربتين بمشط مكسور ثم القى نظرة عابره الى وجهه و قيافته ثم الى امه و اخته قبل ان يتأبط مصنف "قضيته" و ينطلق الى دوائر الدولة للمراجعة في شانها لقد استغفلهم صاحب البيت و تنكر لعشرين سنه من صباح الخير يا جار و مساء الخير يا جار و تقدم بدعوة قضائية لإخلاء الماجور و طرهم منه الى الشارع

و لكنه كان واثقا ان الدولة لن تنساه في محنته هذه و ان حربة الظلم لا يمكن ان تنفذ من كل دوائر الدولة من موظفين و اختام و مصنفات لتستقر في قلبه و استقل الباص و قصد مكتب القاضي المختص بقضايا المواطنين في وزارة العدل

الحاجب: نعم؟

المواطن: هل سيادة القاضي موجود؟ الحاجب لا انه مسافر

المواطن: الى اين؟

الحاجب: الى جنيف لحضور مؤتمر الحقوقيين الدوليين

المواطن: و متى يعود؟

الحاجب: لا اعرف و غرق في احدى روايات ارسين لوبين و استقل المواطن باص اخر لمراجعة مسؤول اخر

حاجب آخر: هل الأستاذ فلان موجود؟

الحاجب: لا انه مسافر الى سيؤول لحضور مؤتمر التضامن مع الشعب الفلسطيني

المواطن: و متى يعود؟

الحاجب: لا اعرف و انصرف الى براد الشاي ليعده و يخمره

و استقل المواطن باص اخر لمقابلة مسؤول اخر

السكرتيرة: نعم؟

المواطن: هل الدكتور فلان موجود؟

السكرتيرة: لا مسافر الى لاغوس لحضور مؤتمر التضامن مع الشعب الارتيري

المواطن: و متى يعود؟

السكرتيرة، لا اعرف و انصرفت الى مجلة "الشبكة"

و استقل المواطن باص اخر لمقابلة مسؤول اخر

سكرتيرة أخرى: نعم؟

المواطن: هل الأستاذ الدكتور موجود؟

السكرتيرة: لا، انه مسافر الى مالطا لحضور مؤتمر التضامن مع الشعب الكوري.

المواطن: و متى يعود؟

السكرتيرة: لا اعرف، و غرقت في مجلة "بوردا"

و عندما انتهى الدوام الرسمي و خلت الدوائر و المكاتب من الموظفين والمراجعين و لم يبقى فيها الا الأوراق و المعاملات و المصنفات و بعد ان تورمت قدماه من صعود الادراج و هبوطها لم يبقى امامه ما يفعله سوى الانتظار مرة أخرى مع المنتظرين عند مواقف الباصات للعودة الى بيته و اهله و عندما ابتسم له الحظ و اقبل الباص شُتِمَ اثناء الصعود و نُشِلَ اثناء النزول.
وعندما وصل الى مدخل الحارة فؤجئ بأغراض بيته مكومة في الشارع و امه و اخته تجلسان عليها و كل منهما وضعت يدها على خدها و راحت تحدق في هذا العالم و لما كان بطبعه هادئاً مسالما فقد سئل بهدوء: متى حدث ذلك؟

فأجابته الام دون ان تنظر اليه، بعد ذهابك بقليل.

فربت على كتفها مواسياً و جلس القرفصاء على كومة الأغراض و المعاملة لا تزال تحت ابطه و نظر بحنان الى اخته ال الصامتة الشقية وسأل ما بها؟

فقالت الام فوق همنا هذا و نحن نخرج الأغراض و الامتعة و فيما هي منحنية لحزمها جاء احد المارة و قرصها في مؤخرتها

فقال متنهداً: بسيطة

فقالت الام: بسيطة، بسيطة و ماذا ستفعل الان و الليل قد اقبل؟ هل ننام في الشارع؟

فقال لها: لا تبتئسي يا امي ان الدولة لا يمكن ان تنساني انا واثق من ذلك.

و هنا اقبل نحوه شرطي يجرجر قدميه من التعب و سأله و هو يخرج بعض الأوراق من حقيبته الجلدية: هل انت المواطن فلان الفلاني؟

المواطن: نعم

الشرطي: مطلوب لخدمة العلم

..........................

رحلة دون تدخل في كتاب سأخون بلدي لمحمد الماغوط/ 23 (وجبة اليوم و كل يوم)

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عبد الرضا حمد جاسم
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2025/01/11



كتابة تعليق لموضوع : رحلة دون تدخل في كتاب سأخون بلدي لمحمد الماغوط/ 22 (نعم لم اسمع)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net