صفحة الكاتب : محمد السمناوي

مشروع كتابة دائرة معارف السيدة زينب عليها السلام: حياة، ثورة، وإرث
محمد السمناوي

إن الحديث عن السيدة زينب عليها السلام كحديث عن نبع عذب، أو زهوة ربيع. فحياتها سيرة عطرة، وكلماتها نور ساطع، وأفعالها قدوة حسنة. لقد كانت تجسيداً للأخلاق الفاضلة والقيم السامية، فكانت كلماتها نورًا يهدي القلوب، وأمرها رشدًا يرشد إلى الصواب، ووصيتها خيرًا ينتفع به الناس. لقد كانت امتداداً لأبيها وامها وأخويها الحسن والحسين وجدها النبي الأكرم ( عليهم آلاف التحية والسلام)، فورثت عنهم الفضيلة والكرم والنبل، لا تكفي الكلمات لوصف عظمة السيدة زينب وأثرها العظيم على التاريخ والإنسانية. فكلامها كان له وقع السحر على القلوب، وأفعالها كانت مثلاً أعلى يُحتذى به. لقد كانت قائدة فذة، وبليغة اللسان، وشجاعة القلب، فتركّت بصمة واضحة في تاريخ الإسلام، وأصبحت رمزاً للصبر والثبات والتضحية، نعم إن الحديث عن السيدة زينب كحديث عن نور ساطع في ظلمات الزمان. فقد كانت مثالاً للإنسان الكامل، الذي يتمتع بجمال الخلق والخلق. كانت كلماتها نورًا يضيء الدروب، وأفعالها خيرًا ينتفع به الناس، وتركّت إرثًا عظيمًا للأجيال القادمة، كما تُعتبر السيدة زينب بنت أمير المؤمنين عليه السلام، وابنة سيدة نساء العالمين، شخصية محورية في تاريخ الإسلام. لقد كانت شاهدة عيان على أحداث عظيمة، وشخصية مؤثرة في ثورة كربلاء.

أشرق نورها في السنة الخامسة للهجرية النبوية، وغابت شمسها في السنة الثانية والستين أو الخامسة والستين، وما بينهما كانت الحوراء زينب سلام الله عليها، وقد نشأت السيدة زينب عليه السلام في أحضان النبوة، وترعرعت في حجر الإمامة، ونهلت من معين الوحي وأسرار التنزيل، وتغذت من علوم وآداب أصحاب الكساء الخمسة، ولبست كساء الحزن والألم واللوعة والفراق عليهم جميعاً في طوال حياتها في دنيا كربلاء.

أبوها أمير المؤمنين عليه السلام الذي نهل العلم والحكمة من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأصبح باباً لمدينته، بل وكلاهما قد تغذيا من ثدي الوصال، وقد قال الشاعر:

قد غذيتما من ثدي وصالٍ كان من جوهر التجلي غذاها

لــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك ذات كذاته حيث لو لا أنها مثلها لما أخاها

إنما المصطفى مدينة عـــــــلم وهو الباب فمن آتاه آتـــــــــــــــــــــاها

أمها السيدة الزهراء عليها السلام تفاحة الفردوس والوجود، والشاهدة على الشهود، وهي الجوهرة القدسية التي كانت مكونة في سرادق العرش، وقد أجاد المحقق الكمباني الأصفهاني بإرجوزته:

جوهرة القدس من الكنز الخفي بدت فأبدت عاليات الأحرف

وقد تجلى من سماء العــــــــــــــــــظمة من عالم الأسماء أسمى كلـــــــــــــــمة

ان مشروع كتابة "دائرة المعارف الزينبية" تسعى إلى تقديم صورة شاملة عن حياة السيدة زينب، بدءًا من نشأتها في بيت النبوة وحتى دورها البارز في ثورة كربلاء وبعدها. سنستعرض جوانب حياتها المختلفة، ونحلل أثرها في التاريخ الإسلامي، وندرس إرثها الذي لا يزال حياً حتى يومنا هذا.

ان السيدة زينب عليها السلام، ليست مجرد شخصية تاريخية، بل هي رمز للصبر والثبات والإيمان. هذه الدائرة المعارف تغوص في أعماق حياة هذه السيدة العظيمة، لتكشف عن جوانب شخصيتها المتعددة: القائدة، العالِمة، الخطيبة، والصابرة. سنستعرض سيرة حياتها، ونحلل خطبها، وندرس تأثيرها في الثقافة الإسلامية.

ان دراسة سيرة السيدة زينب ليست مجرد دراسة تاريخية، بل هي رحلة إلى عالم من القيم والمبادئ. هذه الدائرة المعارف تقدم قراءة متعمقة في حياة السيدة زينب، بهدف استلهام الدروس والعبر من سيرتها العطرة، وتطبيقها في حياتنا المعاصرة. سنستعرض دورها في الحفاظ على دين الله تعالى، ودفاعها عن الوحي والتنزيل.

ان فكرة هذا المشروع أنقدحت في ذهن الباحث في إحدى الفترات التي كان يتتبع بها ما يكتب عن السيدة زينب عليها السلام، فوجد ان هناك خللاً كبيراً وقلة الكتابات لا سيما الأكاديمية في أوروقة الجامعات، فلم يجد الباحث إجازات لأبحاث التخرج عن سيرة ومسيرة السيدة زينب عليها السلام لا في العراق ولا في الشرق الأوسط، إلا القليل النادر، فضلاً عن الرسائل الماجستير والأطاريح.

ثم توسعت الفكرة في البحث والإستقراء عن كل ما يكتب عن حياة السيدة زينب عليها السلام بلغات متعددة لا سيما الفارسية والأوردو، فوجد الباحث هناك خللاً كبيراً آخر في البحث والكتابة عن السيدة زينب عليه السلام في اللغات العالمية الأخرى، فمثلاً لم يجد ولا بحثاً في اللغة الإسبانية يتناول حياة السيدة زينب عليها السلام، حيث الناطقين بها ما يقارب 493 مليون نسمة، فضلاً عن اللغة الصينية التي ينطق بها ما يقارب الميار و300 نسمة.

ومن هنا كان لا بد من القول ان جميع ما كتب عن السيدة زينب عليه السلام في عصرنا الراهن هو قليل جداً، فقد ذكرت دائرة المعارف الإسلامية ان فيها ما يقارب 26 موضوع عن السيدة زينب في اللغة العربية، وهذه المواضيع قليلة جداً، فحياة هذه السيدة مملوءة بالفضائل والمكرمات، وهي مقرونة بالمصائب والنوائب.

وعند التتبع في خطبها ومروياتها وتراثها على جميع الأصعدة التربوية والإجتماعية والأخلاقية والعقدية والسياسية، وجد الباحث ان هناك كماً هائلاً وكبيراً من المعارف والمضامين لم تبحث بما يتناسب مع شأنها، ولم تشرح ولم يسلط عليها الضوء، فكل كلمة ولفظ صدر منها عبارة عن مشروع ودستور حياة يستحق أن يدرس في أروقة العلم والجامعات وأن يكتب بها الأبحاث والدراسات الأكاديمية.

وفي فهارس المخطوطات وجد الباحث ان هناك العديد من المؤلفات التي كتبت عن السيدة زينب عليها السلام لم تطبع ولا زالت في رفوف الخزائن الخطية سواء في العراق وإيران والهند، وتركيا، والفاتيكان، وغيرها من البلدان، ومن هنا يأمل الباحث أن يجد ممن يتعاون معه في العمل بهذا المشروع في تتبع بكل ما كتب عن السيدة زينب عليه السلام سواء من القدماء أو المتأخرين، وصولاً بالمعاصرين.

وفي الختام يتمنى الباحث ان تقدم السيدة زينب عليها السلام إلى العالم بما يليق بها، في كونها الإنسان الكامل والقدوة الصالحة بمختلف اللغات العالمية، ومن المحزن جداً أنك لا تجد ولا ورقة صغيرة عن حياة السيدة زينب عليه السلام باللغة الصينية حيث ينطق بها ما يقارب مليار و300 نسمة، وكذلك الناطقين باللغة الإسبانية، فضلاً عن اللغات الأخرى، أسال الله تعالى أن يوفق جميع الأخوة العالمين في المشاريع الفكرية لا سيما أصحاب المؤسسات الدينية في العمل على كتابة هذه الموسوعة المعرفية للحوراء عليها السلام، والحمد لله رب العالمين.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد السمناوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2025/01/17



كتابة تعليق لموضوع : مشروع كتابة دائرة معارف السيدة زينب عليها السلام: حياة، ثورة، وإرث
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net