
أن ما يتناوله الكتاب السردي ( قضية تقاعد ) , يضعنا امام سريالية غريبة وابعد من الخيال , في مسالة في غاية البساطة والسهولة , في إجراءات معاملة التقاعد لموظف خدم في مؤسسات الدولة ( وزارة الثقافة والإعلام ) في السابق , لاكثر من عقدين من الزمان , وجاء الوقت لكي يطالب بحقه القانوني والشرعي في التقاعد . ولهذا السبب شد احزمته وحقائبه ليودع الغربة وان يعود الى احضان الوطن , وأن يحصل على حقه الشرعي , والاستقرار النهائي في احضان الوطن, ويطوي ويودع سنوات الغربة الطويلة , التي دامت ثماني وعشرين عاماً , اكل فيها الحصرم وليس العنب , وزادت بوصلة آماله المشرقة , بعد دعوة وزير الثقافة له , ان يعود الى الوطن ويتعهد في مساعدته وتسهيل الإجراءات معاملة التقاعد , وأن كل شيء واضح يدل على حقه القانوني ان ينال الراتب التقاعدي. دون لف ودوران , على هذه الوعود والتعهد , توجه بالسفر الى العراق ' في رحلة جوية طويلة من أطراف أفريقيا ( المغرب ) في فصل الشتاء البارد مع عائلته ( زوجته وابنه المعاق ) وخلال رحلته توقف في مطار القاهرة , وهناك صدم بالخبر المؤسف , بأن مطار بغداد مغلق , لا يستقبل الرحلات الجوية القادمة , وبعد سؤال وجواب , عرف اسباب اغلاق مطار بغداد , هو تناحر وتنافس الفصائل المتنفذة , لم يتفقوا على ارسال الحقائب الدولارية المسروقة والمرسلة الى خارج , دون أخذ حصة مالية , وأدى هذا الخلاف الى لعلعة الرصاص والنار داخل مطار بغداد , مما اضطرت ادارة المطار الى اغلاقه في وجه الرحلات الداخلية والخارجية , حتى يتفقوا على الحصص المالية وتوزيعها بالتفاهم بينهم , وكانت ساعات الانتظار طويلة ومتعبة , في ظل البرد والجوع من الرحلة الطويلة . وبعد انتهى خلاف الفصائل المتصارعة على المال المنهوب , سمح بفتح المطار واستقبال الطائرات القادمة. وعندما وصل الى مطار بغداد , صدمته الدهشة والغرابة التي لم يتصورها حتى خياله , حيث يزدحم مطار بغداد باصحاب اللحى واللباس الأفغاني والايراني وغيرهم , مع نسائهم وأطفالهم ' بروائحهم الكريهة , كأنها رائحة روث متعفن , لاحظ أنهم يستقبلون بالحفاوة والترحيب واجراءات سريعة في ختم جوازاتهم , بينما هو العراقي يدخل في حلقة تساؤلات وتحقيقات أمنية مزعجة , عن سبب الزيارة ؟ وماهو الكفيل الذي يتعهد بدخوله الى بغداد ؟ , وإجراءات عويصة خرج منها بصعوبة , وفي اليوم التالي , بدأ في الصباح في متابعة اجراءات معاملة التقاعد , ولفت نظره الإهمال والخراب والفوضى والصخب في كل زاوية , ومشاهد الفقر والبؤس واضحة في كل معالم في الحياة , في عراق العهد الجديد , وأدرك أو افهم بأنه لا يتم إنجاز اية معاملة , إلا بالدفع المالي والرشوة وغير ذلك تهمل , أو تتبع اجراءات معقدة ومتعبة ومرهقة , ولكن كان بحوزته الامل بتعهد وزير الثقافة , وذهب الى الوزارة لكي يقابل الوزير المعني , لكن صفعته الدهشة , في الرد على سؤاله , أي وزير تقصد ؟ , الوزير الذي تعهد ووعده بالإنجاز السريع لمعاملة , أبعد عن منصبه , لم يصدق ما يسمع ( يا لسوء الحظ عرفت قبل قليل , أن وزير الثقافة الذي وعدني بالمساعدة , حالما اصل بالعراق قد ازيح من منصبه وحل مكانه شخص آخر !! ) ص29 . ( - أن الوزير الذي وعدك بمساعدتنا لم يغادر منصبه إلا منذ بضعة أيام قليلة كما نص الخبر , وليس معنى هذا أنه لم يعد يملك نفوذاً في الوزارة , أو أن المدراء العامين الذين يتعامل معهم الوزير , طيلة وجوده في منصبه , لن يرضخوا لطلباته البسيطة !! وقضيتك بسيطة واصولية !! ) ص29 . مما اضطر ان يخرج كل صباح في متابعة قضية التقاعد , فكان يرمى من مديرية إلى أخرى , من موظف الى آخر , كأنه كالكرة القدم تتقاذفها الأقدام اللاعبين , في إجراءات معقدة وصعبة , مع نظرات الحقد والعدوانية في نظرات وملامح الموظفين , لأنهم يعتقدون انه كان يتمتع بالرفاه والسعادة في الغربة , وهم بقوا في العراق , تجرعوا معاناة الجحيم في الحصار والجوع وصعوبة الحياة والعيش ( - تركتنا نموت من الجوع في الثمانينات, أثناء الحصار وهربت الى الخارج لتتمتع هناك , والآن جئت تطالب تقاعداً في بلدك !! ) ص102 , لذلك ينظر إليه بروح الشك والريبة , كأنه عميل أو جاسوس أو لصاً أو قاتلاً , أو بهلواناً يجيد الرقص على الحبال , مع مرور الأيام بالتعب والإرهاق دون ان يحصل على أية نتيجة , أو تقدم حتى لو خطوة بسيطة , أخذ المال بحوزته يشيح نتيجة المبيت في فنادق شعبية مختلفة ونتيجة الطعام والشراب , واجرة سيارات التكسي , وهو يتنقل بين مديرية إلى اخرى كل يوم , ومسألة مرض زوجته بالضغط العالي وتحتاج الى المعالجة والدواء , ولهذا السبب شعر بعسر التكيف في الحياة المعيشة مع شحة المال بحوزته , , يمكن ان يحرم من وجبات الطعام نهار أو نهارين ولكن كيف الحال مع ابنه المعاق ( - لم تكن أي مشكلة في ان نبقى أنا وزوجتي بلا طعام لنهار أو نهارين كاملين !! لكن المشكلة في ولدنا الشاب , الذي يعاني من تخلف عقلي منذ طفولته , فهو لا يتحمل الجوع ولا يفهم ما سنقوله من وضعنا الجديد ( العيش في الفنادق ) لانه اصم ابكم ايضاً ) ص32 . أدرك ان الواقع الحياتي في العراق مزري وبائس في العهد الجديد , والحياة العامة تغوص في الفقر والبؤس, لانه بكل بساطة متناهية لوضع العراق الجديد , بأن ( الذين جاءوا لحكم العراق بعد الاحتلال الامريكي للعراق , كانوا يحملون في نفوسهم المريضة , غلاً وحقداً لهذا الشعب الكريم , المنكوب بحكامه , هؤلاء الذين جاءوا من الخارج , محمولين على دبابات المحتلين , من الشرق والغرب جاءوا لتصفية عقد ذلهم وسوء أحوالهم السابقة في خارج العراق !! ) ص62 . يعتقدون في عقليتهم المريضة والسيئة والخبيثة , بأن العراق غنيمة كالبقرة الحلوب , تدر الذهب والدولار , والشاطر والذكي من ينهب ويسرق أكثر من الآخر , في تقاسم المحاصصة الطائفية للوزارات وكل مؤسسات الدولة الصغيرة والكبيرة , ويتركون كسرات من الفتات الضئيلة للشعب المظلوم , ليعيش حياة الكفاف والفقر والإهمال والحرمان , ومعاناة شظف العيش القاسية . كان يتصور بأن منصب الوزير متنفذ وفعال بما يريد من يحتل الكرسي , ولم يتصور ان الكراسي والمناصب , هي ديكورات لا تنش ولا تهش , وبعد مراجعات كثيرة وعويصة , ادرك ان انجاز معاملة التقاعد تتطلب رشوة مالية , وطلب منه ان يدفع مبلغ من المال , ستة مليون دينار عراقي تقريباً ( خمسة آلآف دولار) , حتى يحصل على الراتب التقاعدي , ولا فائدة في المراجعات هنا وهناك, وهو لا يملك هذا المال , قد سلبوا كل ما كان يحمل من المال , ضاع في الرشوة هذا الموظف وذاك , وتيقن انه أصيب بالخيبة والخذلان والخداع , ولا فائدة في البقاء في العراق , فقد سدت الابواب بوجهه , وعليه ان يودع بغداد بالفراق الأبدي , بالحزن والدموع والحسرات الموجعة , كأن الوطن طرده شر طردة , ليتجرع علقم عودته الخائبة الى الوطن , وعاد الى بلد الغربة ( المغرب ) وهو يحمل الامتنان من حسن الاستقبال والطيبة من الأقرباء والمعارف , وكذلك من عامة الناس وهم يحملون الطيبة والشهامة العراقية الاصيلة .
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat

أن ما يتناوله الكتاب السردي ( قضية تقاعد ) , يضعنا امام سريالية غريبة وابعد من الخيال , في مسالة في غاية البساطة والسهولة , في إجراءات معاملة التقاعد لموظف خدم في مؤسسات الدولة ( وزارة الثقافة والإعلام ) في السابق , لاكثر من عقدين من الزمان , وجاء الوقت لكي يطالب بحقه القانوني والشرعي في التقاعد . ولهذا السبب شد احزمته وحقائبه ليودع الغربة وان يعود الى احضان الوطن , وأن يحصل على حقه الشرعي , والاستقرار النهائي في احضان الوطن, ويطوي ويودع سنوات الغربة الطويلة , التي دامت ثماني وعشرين عاماً , اكل فيها الحصرم وليس العنب , وزادت بوصلة آماله المشرقة , بعد دعوة وزير الثقافة له , ان يعود الى الوطن ويتعهد في مساعدته وتسهيل الإجراءات معاملة التقاعد , وأن كل شيء واضح يدل على حقه القانوني ان ينال الراتب التقاعدي. دون لف ودوران , على هذه الوعود والتعهد , توجه بالسفر الى العراق ' في رحلة جوية طويلة من أطراف أفريقيا ( المغرب ) في فصل الشتاء البارد مع عائلته ( زوجته وابنه المعاق ) وخلال رحلته توقف في مطار القاهرة , وهناك صدم بالخبر المؤسف , بأن مطار بغداد مغلق , لا يستقبل الرحلات الجوية القادمة , وبعد سؤال وجواب , عرف اسباب اغلاق مطار بغداد , هو تناحر وتنافس الفصائل المتنفذة , لم يتفقوا على ارسال الحقائب الدولارية المسروقة والمرسلة الى خارج , دون أخذ حصة مالية , وأدى هذا الخلاف الى لعلعة الرصاص والنار داخل مطار بغداد , مما اضطرت ادارة المطار الى اغلاقه في وجه الرحلات الداخلية والخارجية , حتى يتفقوا على الحصص المالية وتوزيعها بالتفاهم بينهم , وكانت ساعات الانتظار طويلة ومتعبة , في ظل البرد والجوع من الرحلة الطويلة . وبعد انتهى خلاف الفصائل المتصارعة على المال المنهوب , سمح بفتح المطار واستقبال الطائرات القادمة. وعندما وصل الى مطار بغداد , صدمته الدهشة والغرابة التي لم يتصورها حتى خياله , حيث يزدحم مطار بغداد باصحاب اللحى واللباس الأفغاني والايراني وغيرهم , مع نسائهم وأطفالهم ' بروائحهم الكريهة , كأنها رائحة روث متعفن , لاحظ أنهم يستقبلون بالحفاوة والترحيب واجراءات سريعة في ختم جوازاتهم , بينما هو العراقي يدخل في حلقة تساؤلات وتحقيقات أمنية مزعجة , عن سبب الزيارة ؟ وماهو الكفيل الذي يتعهد بدخوله الى بغداد ؟ , وإجراءات عويصة خرج منها بصعوبة , وفي اليوم التالي , بدأ في الصباح في متابعة اجراءات معاملة التقاعد , ولفت نظره الإهمال والخراب والفوضى والصخب في كل زاوية , ومشاهد الفقر والبؤس واضحة في كل معالم في الحياة , في عراق العهد الجديد , وأدرك أو افهم بأنه لا يتم إنجاز اية معاملة , إلا بالدفع المالي والرشوة وغير ذلك تهمل , أو تتبع اجراءات معقدة ومتعبة ومرهقة , ولكن كان بحوزته الامل بتعهد وزير الثقافة , وذهب الى الوزارة لكي يقابل الوزير المعني , لكن صفعته الدهشة , في الرد على سؤاله , أي وزير تقصد ؟ , الوزير الذي تعهد ووعده بالإنجاز السريع لمعاملة , أبعد عن منصبه , لم يصدق ما يسمع ( يا لسوء الحظ عرفت قبل قليل , أن وزير الثقافة الذي وعدني بالمساعدة , حالما اصل بالعراق قد ازيح من منصبه وحل مكانه شخص آخر !! ) ص29 . ( - أن الوزير الذي وعدك بمساعدتنا لم يغادر منصبه إلا منذ بضعة أيام قليلة كما نص الخبر , وليس معنى هذا أنه لم يعد يملك نفوذاً في الوزارة , أو أن المدراء العامين الذين يتعامل معهم الوزير , طيلة وجوده في منصبه , لن يرضخوا لطلباته البسيطة !! وقضيتك بسيطة واصولية !! ) ص29 . مما اضطر ان يخرج كل صباح في متابعة قضية التقاعد , فكان يرمى من مديرية إلى أخرى , من موظف الى آخر , كأنه كالكرة القدم تتقاذفها الأقدام اللاعبين , في إجراءات معقدة وصعبة , مع نظرات الحقد والعدوانية في نظرات وملامح الموظفين , لأنهم يعتقدون انه كان يتمتع بالرفاه والسعادة في الغربة , وهم بقوا في العراق , تجرعوا معاناة الجحيم في الحصار والجوع وصعوبة الحياة والعيش ( - تركتنا نموت من الجوع في الثمانينات, أثناء الحصار وهربت الى الخارج لتتمتع هناك , والآن جئت تطالب تقاعداً في بلدك !! ) ص102 , لذلك ينظر إليه بروح الشك والريبة , كأنه عميل أو جاسوس أو لصاً أو قاتلاً , أو بهلواناً يجيد الرقص على الحبال , مع مرور الأيام بالتعب والإرهاق دون ان يحصل على أية نتيجة , أو تقدم حتى لو خطوة بسيطة , أخذ المال بحوزته يشيح نتيجة المبيت في فنادق شعبية مختلفة ونتيجة الطعام والشراب , واجرة سيارات التكسي , وهو يتنقل بين مديرية إلى اخرى كل يوم , ومسألة مرض زوجته بالضغط العالي وتحتاج الى المعالجة والدواء , ولهذا السبب شعر بعسر التكيف في الحياة المعيشة مع شحة المال بحوزته , , يمكن ان يحرم من وجبات الطعام نهار أو نهارين ولكن كيف الحال مع ابنه المعاق ( - لم تكن أي مشكلة في ان نبقى أنا وزوجتي بلا طعام لنهار أو نهارين كاملين !! لكن المشكلة في ولدنا الشاب , الذي يعاني من تخلف عقلي منذ طفولته , فهو لا يتحمل الجوع ولا يفهم ما سنقوله من وضعنا الجديد ( العيش في الفنادق ) لانه اصم ابكم ايضاً ) ص32 . أدرك ان الواقع الحياتي في العراق مزري وبائس في العهد الجديد , والحياة العامة تغوص في الفقر والبؤس, لانه بكل بساطة متناهية لوضع العراق الجديد , بأن ( الذين جاءوا لحكم العراق بعد الاحتلال الامريكي للعراق , كانوا يحملون في نفوسهم المريضة , غلاً وحقداً لهذا الشعب الكريم , المنكوب بحكامه , هؤلاء الذين جاءوا من الخارج , محمولين على دبابات المحتلين , من الشرق والغرب جاءوا لتصفية عقد ذلهم وسوء أحوالهم السابقة في خارج العراق !! ) ص62 . يعتقدون في عقليتهم المريضة والسيئة والخبيثة , بأن العراق غنيمة كالبقرة الحلوب , تدر الذهب والدولار , والشاطر والذكي من ينهب ويسرق أكثر من الآخر , في تقاسم المحاصصة الطائفية للوزارات وكل مؤسسات الدولة الصغيرة والكبيرة , ويتركون كسرات من الفتات الضئيلة للشعب المظلوم , ليعيش حياة الكفاف والفقر والإهمال والحرمان , ومعاناة شظف العيش القاسية . كان يتصور بأن منصب الوزير متنفذ وفعال بما يريد من يحتل الكرسي , ولم يتصور ان الكراسي والمناصب , هي ديكورات لا تنش ولا تهش , وبعد مراجعات كثيرة وعويصة , ادرك ان انجاز معاملة التقاعد تتطلب رشوة مالية , وطلب منه ان يدفع مبلغ من المال , ستة مليون دينار عراقي تقريباً ( خمسة آلآف دولار) , حتى يحصل على الراتب التقاعدي , ولا فائدة في المراجعات هنا وهناك, وهو لا يملك هذا المال , قد سلبوا كل ما كان يحمل من المال , ضاع في الرشوة هذا الموظف وذاك , وتيقن انه أصيب بالخيبة والخذلان والخداع , ولا فائدة في البقاء في العراق , فقد سدت الابواب بوجهه , وعليه ان يودع بغداد بالفراق الأبدي , بالحزن والدموع والحسرات الموجعة , كأن الوطن طرده شر طردة , ليتجرع علقم عودته الخائبة الى الوطن , وعاد الى بلد الغربة ( المغرب ) وهو يحمل الامتنان من حسن الاستقبال والطيبة من الأقرباء والمعارف , وكذلك من عامة الناس وهم يحملون الطيبة والشهامة العراقية الاصيلة .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat