لو اتبع الإخوان المسلمون نهج فكري متحضر لما غضبوا كثيراً ،لفكرة تنادي بها المعارضة المصرية منذ زمن ، عن كون الإخوان بحاجة ماسة الى إعادة تأهيل بعد تلك السنوات الطويلة التي أمضوها داخل السجون والعمل تحت جنح الظلام حين كان تنظيمهم محظوراً من قبل النظام السابق !
ولو أرادوا كذلك الاعتراف بالعلم وأثره على النفس البشرية لعرفوا أنهم بحاجة أيضاً للالتحاق بالدورات والمراكز البحثية المتخصصة في تعليم أساليب قيادة الحكم ، فالمسألة ليست زار تدق فيه الدفوف أو وليمة تقام في شهر رمضان المبارك ، بل هي قيادة دولة ، والدولة المصرية تحديداً ليست كباقي الدول ، فهي مصر الحضارة والتاريخ ، الدولة العميقة والأكثر رقي بين مثيلاتها في الشرق الأوسط قديما وحديثاً …..
فإذا كان مجرد إعادة اندماج السجين المفرج عنه بالمجتمع من جديد مشكلة تحتاج لعلاج وتأهيل نفسي قد يمتد لفترات زمنية متفاوتة، فما بالكم إذا أخرجنا أحدهم من السجن وكلفناه بمهمة حكم بلد بأكملها ؟!
سيذهب البعض الى معارضتنا بالقول ، أن هؤلاء القوم دخلوا السجون بسبب قضايا الرأي ،وليس السلب والنهب ،ونرد عليهم ، ان ما يهمنا في الأمر أنهم انفصلوا عن العالم الخارجي وباتوا لا يواكبون مشاكل المجتمع بل ويحملون تأخر فكري في نواحي كثيرة من الحياة !
أن مصر عروس بهية وجميلة تحتاج لمن يثمنها بالذهب وحين يتقدم لخطبتها أحدا لابد أن يأتيها بما تحتاجه من خبرة ودراية بالحكم وليس بالعنترية وبعض الأحكام الموروثة والصراخ ببعض الآيات القرأنية المحفوظة وتكفير الأخر !
وحتى لا ندخل في جدل عقيم حول هذه المسألة لاحظوا نتائج حكمهم الفاشل طوال الأشهر المنصرمة ، فلم يأتوا بجديد ولم يحافظوا حتى على مقدرات البلد الاقتصادية وراحوا في سبيل التمكين يقضون على كل بارقة أمل ، بل ولم يختلف حكمهم كثيراً عن الحكم السابق ، فالفساد مستشري والقتل ليل نهار والبلطجة أصبحت مؤسسة عظمى لها من يديرها ،وبات المواطن يخاف على نفسه وعرضه كلما أراد تنفس هواء نقي بجوار نيلها العظيم !
حتى الإعلام الذي استطاع أخيرا ان يتنفس نسيم الحرية ، لم يتركوه وشأنه ليقوم بالدور المنوط به وراحوا يخونوه ويتهمونه بالفساد والكفر وبأن رجال الإعلام من فلول النظام السابق !
رغم أننا لو قرأنا التاريخ وبحث المختصون في ملفات أمن الدولة المصرية ، سنجد ان الإخوان المسلمون نفسهم فلول ، فقد كانوا من أكبر مؤيدو النظام السابق ونادوا بعدم الخروج عن الحاكم ، ولم يوفروا جهداً زمن الانتخابات البرلمانية السابقة إلا وتحالفوا مع الحزب الوطني وغرقوا في دهاليز التنسيق معه لإسقاط الآخرين والفوز ببعض المقاعد التي تضمن تواجدهم تحت قبة البرلمان !
لقد استطاعت حركة الإخوان المسلمون منذ أن استولت على نظام الحكم في مصر وسرقت الثورة،من تحقيق انجاز واحد وهو انجاز قاتل بكل المعايير ، ستعاني منه البلاد لعقود طويلة، وهو غياب الرؤية للمستقبل ، فهم قوم لا يبصرون وان أبصروا لا يفهمون وهم كاذبون ولا شك وهذا شأنهم إذا انحصر الأمر داخل جماعتهم المحظورة قانونياً ولكن حين يتعلق الأمر بقيادة دولة مثل مصر عليهم ان يتنحوا جانباً فإدارة الدول يحتاج الى دراية كبيرة بتاريخها الذين يجهلونه وخبرة في اقتصادها الذي لا يفهمون منه غير الصكوك !
أننا لا نلوم الإخوان لأنهم قضوا سنوات في السجون بسبب المبادئ التي يؤمنون بها ، فالحرية ولاشك تحتاج الى ثمن ولكن نلوم عنادهم فالسجين الغير مؤهل في نهاية المطاف لا يمكن ان يحكم قوم أنفصل عن ظروفهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية !
وليتذكروا قوله تعالى {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الألْبَابِ} سورة الزمر الآية 9.
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat