صفحة الكاتب : واثق الجابري

الإيفاد الجماعي
واثق الجابري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
 من النادر وانت تسير في شوارع العراق أن لا ترى شجار أومشكلة وصراع هناك ,وتبادل الإتهامات غير اللائقة بين سائقي السيارات مثلاً وخاصة الشباب , في منتصف الشارع وقطع الطريق , والكارثة كبيرة حين التصادم بقصد او غيره , لا تعرف من أين تأتي الأسلحة البيضاء والسوداء وأدوات التصليح المحورة للقتال , الكل يتفرج في الشارع , وتتدخل العشائر والثارات , ولا ينتهي النزاع الاّ بخسارة أحد الطرفين خسارة بشعة ظالمة , لا تساوى ربما 1% من الحقيقية . في العام الماضي وفي أحد الدول المجاورة مع عائلتي وأقاربي في انتظاري في العاصمة , لم نستدل على العنوان بالضبط , , وقد إستقلنا التكسي للعنوان لم يصل بنا الى العلامة الدالة لكوننا في وقت متأخر و لا نعرف التكلم معه الاّ بالإشارة , استوقف سائق تكسي أخر بإشارة ونحن نسير توقف بسرعة ولسرعة السيارة التي نسير بها صدمنا السيارة الأخرى , بصورة عنيفة استشاط عقل اطفالي ذعراً , والقلقل إنتاب الجميع , بعد يوم كامل من السفر التكسي , سائقنا لم يتحرك من سيارته ونزل السائق الأخر وتوقعنا سيضربه  ولا نعرف تقاليدهم , ولكن حسب ما فمهنا سلم عليه وهنئه بالسلامة وحمد الاثنان الباري عز وجل , لم نرى انه يملك اًلة جارحة او حتى لم يغضب , ولم يتصل بالعشيرة وأبناء العم البواسل , أخذ العنوان وترك عمله في التكسي سائراً أمامنا الى أن أوصلنا الى المكان المطلوب , وعرفنا رغم اننا لا نفهم ما دار بينهم من حديث  ان الحوار افضل طريق للحلول , وان سائقنا لم يكن يقصد ايذائه , ولغة العنف والتصعيد لا تفضي الى نتائج , والمواقف يوم لك ويوم عليك , قارنت ذلك مع مجتمعنا الذي اتبع خطوات السياسين وقلدهم في كثير من المواقف السلبية , والعنف والعصبية صارت مبدأ اجتماعي ,وتطبيع من الفعل السياسي وضوضاء الأعلام المتشنج , وإتباع سياسة الدخول بالأزمة وحلها بأزمات اكبر وحلول جزئية , والتوجه نحو التصعيد والعنف الذي يسمح للتدخلات الخارجية ,  و معظمها سلبي لم يستثمر ساسة العراق التجربة في عشرة سنوات , وأيقن المواطن ان لدول الجوار بل كل دول العام تدخل سلبي في شؤونه , وهذا ما جعلهم بموضع القوة ونحن بالضعف , ولا يمكن تجاوزه الاّ بتقوية الجبهة الداخلية وتشخيص المشكلات مشتركين للبحث عن حلولها, وترك التأزيم والأتجاه للحوار الداخلي بالاتجاه الخارجي وموقف موحد ,  اعاد ذلك ذاكرتي الى بداية دخولنا من الحدود وحاول إبني رمي قنينة ماء فارغة من شباك السيارة , منعه السائق وقال (جريمة ) اي ممنوع او يحاسب عليه القانون , وأخذها بجانبه الى ان وجد حاوية نفايات وضعها فيها , تكلمنا مع انفسنا وقنلنا ،ومن يراك وانت في هذه المنطقة التي تخلو من السكان والمارة !
وبعد وجودنا اكثر من عشرة أيام عرفنا  لماذا كل من صادفنا حريص على بلده , فهم يجدون وسائل الراحة والرفاهية والخدمات ,  والمناظر الخلابة والنشرات الضوئية ووسائل النقل المتنوعة , سواء كان في منطقة فيها  سكان او خالية حتى من الحيوان , لم نطفيء أجهزة التبريد ولا نزال نعتقد ان كابوس القطع الوطني يطادرنا,قلت لا يهم قطع الكهرباء هنا والحياة مستمرة على مدار الساعة والناس يتبضعون للصباح , يجلسون بشكل عوائل وإنفرادي ومزدوج , لم نسمع صوت يعلو من احدهم فوق الاخر , ولغة الحوار والتفاهم هي السائدة , بل لم نسمع ايّ جدال , ترسخت تلك القيم فينا لفترة من الزمن , ولكنها عادت تتلاشى كلما أبتعدنا عنها زمنياً , فهل نحتاج  للإيفاد كي نتعلم طباع  الشعوب ؟ .
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


واثق الجابري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/08/28



كتابة تعليق لموضوع : الإيفاد الجماعي
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net