تظاهرات ومزايدات عراقية
جواد كاظم الخالصي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
خرجت التظاهرات التي تبناها الشباب العراقي والكثير من ابناء الطبقة الفقيرة لمجتمعنا ليحاول هؤلاء جميعهم الى ان تكون التحركات الجماهيرية شبيهة بما يحصل في مصر وغيرها من الدول الاخرى التي طبعت قبلة التغيير السياسي في بلدانها من خلال التظاهر السلمي الهادف وبشكل متحضّر يرقى الى اقناع جماهير الامة كافة وبالتالي اقناع العالم من حوله مهما اختلفت سياساتهم وقناعاتهم وان كانت تلك الدولة كبيرة او صغير المهم ان يصل الصوت الحقيقي الى عقلاء العالم على مستوى الحكومات والجماهير التي تشكل هذا البلد او ذاك ، ولذلك الانطلاق من تلك المفاهيم يتطلب وعيا حقيقيا بعيدا عن تسييس المنطلقات التي يخرج من اجلها الناس البسطاء وغيرهم اخرين فلا يمكن ان نصل الى ما يعتبر قمة في التحضر إلا من خلال نوعية الخطاب السليم كي نحصل على حقوقنا التي نريد حتى نصل الى مصاف الدول التي تجعل من التظاهرات وسيلة لحلول الكثير من القضايا المستعصية في عمل السلطات التنفيذية والتشريعية لكل بلد .
هذا ما يحصل وبشكل طبيعي في الدول الديمقراطية ذات الانظمة البرلمانية ومن المؤكد ان نظامنا في العراق نظاما برلمانيا يرقى الى امكانية اعتباره ديمقراطيا في لغة الخطاب والتعامل مع المسؤول وغيره وهذا بحد ذاته يتيح المساحة الجغرافية لكيفية التعاطي مع الجماهير حينما تقوم بالمسيرات الشعبية للتعبير عن اراءهم من قبيل الاحتجاج على أمر معين في الحياة السياسية العامة والاجتماعية بشكل مباشر وهي من المطالب الانسانية التي لابد ولكل دول العالم ان تخضع وتستجيب حكوماتها لتلك المطالب والا لما وُجد البرلمان كممثل عن الشعب لتلبية تلك المطالب بالتنسيق مع السلطات التنفيذية عندما تقصر في أداءها المهني في أي وزارة من الوزارات ، لكننا اليوم نرى ان الشباب العراقي يتظاهر ضد السلطة التشريعية ذاتها التي تعتبرها الجماهير امتدادها الطبيعي في الحياة السياسية العراقية وهذا التقصير ينم عن التفاوت الكبير بينهم وبين عامة الناس من قبيل الرواتب والتقاعد المفروض وفق القانون بشكل غير معقول لكل برلماني وهنا انتفضت جماهير الطبقة الوسطى والفقيرة على حد سواء بكل اطيافها الدينية والعرقية واختلاف ثقافاتها ومستوياتها العلمية ولكن للأسف هناك خلط للاوراق على الساحة العراقية فالبعض يريد استغلال تلك التظاهرات لفرض واقع التنظيمات الارهابية واستغلال الوضع العام للضرب تحت وفوق الحزام وفقا لما تقتضيه الحاجة للعبث في السلم الاهلي ،، وهناك من يريد استغلال تلك التظاهرات والمتظاهرين لركوب الموجة وتنفيذ اجنداته الحزبية على رقاب هؤلاء ومن هذه الشاكلة كثيرون وربما سمعنا منهم الكثير من التصريحات والاتهامات يمينا وشمالا وكأنه الحمل الوديع والاخرون وحوشا كاسرة،، كما الكثير من السياسيين والبرلمانيين يقفون متضامين مع التظاهرات ومع مطالبها حرفيا وتنفيذها على وجه السرعة استجابة لطلب الشعب وما يدعو له وهذه في الحقيقة حلقة مفرغة ومضحكة في نفس الوقت فطالما أننا نسمع ان ما يقارب 90% من البرلمان مع تلك المطالب في الغاء تقاعدهم كأعضاء برلمان فلماذا لا يذهبون الى أول جلسة قادمة ليصوتوا على قانون الغاء التقاعد ولتنتهي المشكلة ويذهب الناس الى بيوتهم ونتجنب الاختراقات الامنية التي ربما يستغلها عتاة الارهاب ويضربون في اوساطهم ليقتلوا ويدمروا ما استطاعوا ، كما نكون بذلك دولة ديمقراطية متحضرة تستجيب لاعتراضات مواطنيها ، وكذلك سنشهد ايقاف الكثير من المزايدات السياسية للبعض الذي يريد اظهار نفسه على أنه مع الجماهير وغيره يقف بالضد من مطالبهم وهذا ما حدث مع الاسف من قبلهم الذي يحاول ان يحشد الموقف واستغلاله ضد الحكومة وهم يعلمون جيدا ان الاوضاع العامة في المنطقة قد تخرج عن السيطرة في أي وقت ولكن هذا البعض يفكر بكيفية استغلاله والانتخابات البرلمانية قادمة على الابواب ولابد من التحضير لها عبر تلك النوافذ وان كان فيها تحريف او اختلاق في المعلومات والمواقف.
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
جواد كاظم الخالصي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat