صفحة الكاتب : د . صادق السامرائي

تسويغات وتعزيزات وتُحسَبُ تحليلات؟!!
د . صادق السامرائي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

هذا اليوم كنت مع زميلي نتحدث عن موضوع إنساني عام , وفي معرض تفاعلنا حوله ,
قال : لنضع قبعة إختصاصنا على رؤوسنا ونتأمله!!
قلت:لا نريد أن نضعها إلا عند ممارسة المهنة!
قال: قبعة إختصاصنا ضرورية لرؤية حقيقة الأحداث والتفاعلات!

وفي جوهر ما قاله زميلي ألم ووجيع ودموع خصوصا حينما يتعلق الأمر بأحوالنا العراقية   والعربية ,  فعندما أقرأ الأحوال بذلك المنظار أجدني أمام حالات مرضية متنوعة ذات إضطرابات فكرية ونفسية واضحة , وبحاجة لعلاج , خصوصا عندما تتصفح المنشور في المواقع والصحف , وما يردك من كتابات يتم الترويج لها عبر الإنترنيت.

فهناك تسويق شديد للكتابات العدوانية المريضة , التي تكشف عمّا يعانيه الذي كتبها من الأمراض النفسية , ومعظمها مكتوبة بمداد جراحه وعقده ونزعته الإنتقامية , وهذا ينطبق على نسبة  من الكتابات المنشورة , والتي تساهم في صناعة الويلات وتحقيق التداعيات , وكأنها من أعمال إشفاء الغليل!!

وهناك مَن يتخمني يوميا بمقالات يختارها من المواقع والصحف , وجميعها يشترك في أنها تعبّر عما فيه من عقد وإضطرابات نفسية , لأنها متماثلة وذات غاية سلبية بارزة.
كتابات ينقطع أصحابها عن واقعهم المكاني والزماني ويعيشون واقعا معتقا ومتعفنا في أعماقهم , التي يغوصون فيها ويستخرجون منها غثيث الرؤى والتصورات والأفكار , التي  تساهم في زيادة ترسيخ العلل الداخلية الفاعلة فيهم.

وقد حذرت من هذه الكتابات قبل أكثر من عقد , وأسميتها الكتابات الترويحية أو التنفيسية , والتي عليها أن لا تُنشر بقدر ما تكون وسيلة علاجية ذاتية , يتخلص بواسطتها صاحبها مما فيه من الجراح والكدمات والدمامل النفسية والأقياح , التي عليه أن يكتبها فوق الماء لا فوق السطور ويضخها في الآخرين.

كتبت هذه المقالة وسيل من المقالات يتوافد إلى بريدي الإليكتروني , والتي يخبرك عنوانها عن جوهر مضمونها وعقدها وآليات تعبيرها عن إضطراب نفوس وأفكار أصحابها , وإحترت في ما أتصفحه منها , فهي تسمى تحليلات ودراسات وبحوث , وما فيها من أصول ومعايير ذلك شيئا , ولا تستند لمصدر موثوق , أو تأتي بشواهد رصينة , وإنما هي من وحي الذاكرة والتجربة والجرح والعقدة والمعاناة والنزعات الكامنة في أعماق أصحابها , ومكتوبة عن بعد في غير مكان موضوعها , ومقطوعة عن أهل ذلك المكان ,  لكنها تحاول أن تنتهج الأسلوب الإنفعالي الإقناعي , بتأجيج العواطف الخافية وتغذيتها , وفقا لصياغات نفسية في دواخلهم تحاول أن تزيح عن كواهل ضمائرهم العذاب المرير , فتراها تعزف على أوتار النفوس المرضوضة بالشدائد والويلات والفقدان الأليم.

وهكذا , فعندما أقرأها بمنظار الإختصاص أجدها تسويغية تبريرية وتعزيزية لما هو قائم وتستثمر فيه , للتعبير عما يتحكم فيها من عقد ونوازع وتطلعات خفية , وكأن ما يحصل ويدور يفرحها ويثلج قلبها ويمنحها الشعور الزائف بالسعادة والبهجة والخيلاء!!

وبهذا فهي تساهم بقوة في تعزيز المآسي والتداعيات , بسبب حاجاتها النفسية  , وعدم وعيها لما تعانية , وإنكارها لضرورات العلاج النفسي لكي تتعافى وتتفاعل مع الواقع المعاصر بعلمية وإنسانية وإدراك صحيح لمفردات الحياة الحرة السعيدة.

بكل ألم وحزن , لا بد من القول بأن هذه الكتابات قد شاركت في صناعة ناعور الويلات وتمادت في دائها , وأوهام مناهجها الضارة بالحياة بمعانيها ومفرداتها كافة!!

وتلك معضلة مجتمع أصابته المظالم والحروب بآفات سلوكية ونفسية وفكرية متنوعة , ولا يمتلك قدرات مواجهتها ومعالجتها وتجاوزها , حتى صار مجتمعا تتخاطب فيه الجراح والدمامل والمرارات , ولا شيئ يعلو على صوت سفك الدماء والخراب والدمار , وفقا لما لا يحصى من المسوغات!!

أللهم شافينا من سلوكيات أمّارة السوء التي فينا!!!

د-صادق السامرائي
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . صادق السامرائي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/12/08



كتابة تعليق لموضوع : تسويغات وتعزيزات وتُحسَبُ تحليلات؟!!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net