الصندوق العجيب والحاكم الغريب
بوقفة رؤوف
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
في وسط ساحة البلدة وقف المتهم ماثلا مطأطئ الرأس أمام السيد القاضي والجموع ملتفة تشاهد مجريات المحاكمة ,لأشهر قصة سطو في التاريخ الحديث والوسيط والقديم للبلدة
أخيرا , حل اللغز , لغز اختفاء الكنز , الصندوق الذي نسجت حوله الأساطير , ارث البلدة قلبها النابض , الكنز الذي لم يتجرأ أحد على فتحه والاطلاع على محتواه للهالة التي تحيط به وقداسته
قيل فيه الكثير , يحتوي على أكبر لؤلؤة في العالم وقيل يحتوي على ماس وأحجار كريمة وذهب وقيل تاج أول مملكة تم تأسيسها كانت البلدة يوما ما عاصمتها , قيل يحتوي على قنينة فيها ماء الحياة , وقيل على خاتم النبي سليمان وقيل يحتوي على المصباح العجيب مصباح علاء الدين
لكن الجميع يتفق على أنه لا يقدر بثمن وأن ما يحتويه هو عصب الحياة للبلدة
صرخ الحارس دون ملابس رسمية عن افتتاح جلسة فضيحة القرون بصوت مجلجل .
وسيق المتهم ليقف أمام السيد القاضي , قال له القاضي : هل تنكر أيها المجرم اللص فعلتك الشنيعة التي قمت بها خلسة ,أم ستعترف بها حتى تريحنا وتريح نفسك مع العلم أننا لا نملك لا دليل ولا برهان يدينك , لكن انت تعلم جيدا عدالة الأرض ليست مثل عدالة السماء ولا بد من كلب فداء أو أي حيوان آخر يقوم بالفداء مقامه
قال المتهم للقاضي : سيدي القاضي لست أنا الذي سرقت الصندوق, لكن مادام يجب التضحية فسأزيح عنكم وعن البلدة هذا الثقل وهذه المسؤولية , سيدي القاضي يدي اليمنى هي التي قامت بهذا الفعل الشنيع لوحدها دون ان ترجع ليّ , ومن هذا المكان أطالبك وأشهد العام والخاص بتوقيع عليها أقسى العقوبات وإنزال القصاص حتى تكون عبرة لغيرها
قال القاضي : وماذا تقترح ايها المتهم لهذه اليد السارقة المارقة ؟
قال المتهم : اقترح ان تأذن لي بنزعها من جسدي بيدي اليسرى الشريفة العفيفة , ثم أرميها وسط اللهيب لتحترق وتكون عبرة لكل من تسول له نفسه في مجرد أن تراوده فكرة الاقبال على هذا الفعل السافل .
تأثر القاضي و الجمهور و وبكى الجميع لهذه الشجاعة النادرة والشهامة الخارقة ونسوا أمر الصندوق وما يحتويه و عن مكانه الذي لم يعثر عليه
حاول القاضي ثنيه , لكن المتهم البطل أبى وأصر وكان له ما أراد , أخذ يده و هو يشدها بكل قوة ويصرخ من شدة الألم وعلا العويل والبكاء الساحة , ارتجت البلدة بالنحيب والعويل لهذا المنظر الرهيب , ثم بعد مدة من الصراع والجهد والألم نجح في نزع يده اليمنى الاصطناعية ورمى بها في النار لتحترق وحدها.
وقف الجميع احتراما له وتشجيعا واعترافا وإقرارا وتم تعينه في منصب حاكم البلدة على بطولته وشجاعته وصندوق الكنز الذي أصبح يملكه هو بدل البلدة .
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
بوقفة رؤوف
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat