إنّ الحركة الجوهرية للنّفس تعطينا صورة عن حقيقة النّفاق باعتباره صورة عن التكامل في الشّر الذي يجعل عالم المادّة يطغى على كلّ العوالم فتنشد النفس كمالها في كدورته فتصبح أكدر وفي ظلمته فتصبح أظلم وفي زيفه فتصبح أزيف وفي انحطاطه فتصبح أحطّ وفي قبحه فتصبح أقبح..إنّ المنافق يستعمل كلّ صور الخير التي يستطيع أن يتصوّرها في حماية وتأطير جنوحه نحو النقيض..إنّه يستعمل صور النقيض لتكريس النقيض..لذا من رام تقييم المنافق في حجم الكلام والقول والتصور ضلّ ضلالا بعيدا، فالمنافق يعرفه فقط من اكتوى بنفاقه، وقد يبدو المظلوم ظالما إن هو رام الأخذ بتلابيب المنافقين..فهم يتقنون التباكي على الحق ويتفنّنون فيما ينطق به الصالحون وتتحرّق به أنفسهم الحرّى..ألا تتدبّر درس الباطن للخضر مع موسى في رحلتهما وكيف أنّ الظاهر كان قاتلا للمعنى..بل وكيف أنّ الحكم على الظاهر دون الباطن خلافا للتأويل قد جعل موسى في حالة من السّؤال والتعجب الدّائمين وهو نبيّ من أولي العزم..إنها رحلة غاية في العبرة والاعتبار..وهي من روائع فنّ التربية بالقصص..وهي أروع ما يظهر جدل الظاهر والباطن في معرفة حقيقة الناس والعالم..ولو أنّك أدركت هذه الحقيقة لعرفت لم عزف النبيّ عن محاربة المنافقين حتى حينما كانوا خلايا نائمة في المجتمع..وكيف أن النّفاق إن حورب من دون دليل كان خطرا..فالحرب عليه غير مباشرة بالتوعية والتثقيف ..الحرب الباردة والدائمة على النفاق..فحتّى النبّي لن يصدّق إن هو قاتل المنافقين قبل أن يتحولوا إلى مشروع قتالي..ذلك لأن لا أحد سيصدّقه..بل سيقول الأشرار والطيبون معا: إن محمدا يقتل أصحابه..
لا يدرك مكر المنافق باليسر المتاح..بل يدرك المنافق في أمور تفضح جنوحه التناقضي: تناقضات القول إذ لتعرفنهم في لحن القول..ذلك لأنّ النقائض تفيض على قوله مهما تذاكى وحرص..والثاني في التباس المحيّا وسيماء الظاهر حيث مهما بدا أمر المنافق ففي نور الأبصار ما يستطيع الوقوف على معالم الكدورة، فلكل سيماه التي يعرف بها وشفرته التي تحيلك على الوجه الخفي..والثالث في تعبيرات النفس ومعالم السّلوك، فالمنافق لا يرحم وفي الظلم له إسراف لا يوقفه إلاّ الرحمن وعلى الصالحين أشدّ لؤما وإيلاما..تاريخ الحقيقة يوقفنا أمام ظاهرة كبرى، هي أنّ الدنيا لو خلت من النفاق لاستقامت رغم وجود الباطل..وإنما النفاق هو الذي يؤمّن للباطل مكثا وبقاء..ولولا النفاق لما لبث الباطل هنيهة..فلقد قهر النفاق الأنبياء والصالحين والأبطال و"النشامى" وأهل المروءة..فالذي يحارب المنافقين سيجد نفسه كمن يقتل الحشرات ويلاحقها في مغاراتها الصغيرة وبين الثقوب وكمن يحصد خضراء الدمن من فوق السطوح..فالحرب على النّفاق لا تسمح لك بأن تكون بطلا ولا أن تمارس شهامة الفرسان...وهكذا فاعلم أنّ شجاعة عليّ بن أبي طالب وفروسيته التي تغنت بها الشعراء وسارت بها الركبان لم تظهر في حربه على المنافقين قدر بروزها في حروبه الأولى..إنّ الحياة مع المنافقين هي أكبر البلاء..والحرب على المنافقين هي حرب قذرة حتى لما تكون أنت فيها على حقّ..فأبسط ما فيها أن يقال: إن محمّدا يقتل أصحابه...
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
إنّ الحركة الجوهرية للنّفس تعطينا صورة عن حقيقة النّفاق باعتباره صورة عن التكامل في الشّر الذي يجعل عالم المادّة يطغى على كلّ العوالم فتنشد النفس كمالها في كدورته فتصبح أكدر وفي ظلمته فتصبح أظلم وفي زيفه فتصبح أزيف وفي انحطاطه فتصبح أحطّ وفي قبحه فتصبح أقبح..إنّ المنافق يستعمل كلّ صور الخير التي يستطيع أن يتصوّرها في حماية وتأطير جنوحه نحو النقيض..إنّه يستعمل صور النقيض لتكريس النقيض..لذا من رام تقييم المنافق في حجم الكلام والقول والتصور ضلّ ضلالا بعيدا، فالمنافق يعرفه فقط من اكتوى بنفاقه، وقد يبدو المظلوم ظالما إن هو رام الأخذ بتلابيب المنافقين..فهم يتقنون التباكي على الحق ويتفنّنون فيما ينطق به الصالحون وتتحرّق به أنفسهم الحرّى..ألا تتدبّر درس الباطن للخضر مع موسى في رحلتهما وكيف أنّ الظاهر كان قاتلا للمعنى..بل وكيف أنّ الحكم على الظاهر دون الباطن خلافا للتأويل قد جعل موسى في حالة من السّؤال والتعجب الدّائمين وهو نبيّ من أولي العزم..إنها رحلة غاية في العبرة والاعتبار..وهي من روائع فنّ التربية بالقصص..وهي أروع ما يظهر جدل الظاهر والباطن في معرفة حقيقة الناس والعالم..ولو أنّك أدركت هذه الحقيقة لعرفت لم عزف النبيّ عن محاربة المنافقين حتى حينما كانوا خلايا نائمة في المجتمع..وكيف أن النّفاق إن حورب من دون دليل كان خطرا..فالحرب عليه غير مباشرة بالتوعية والتثقيف ..الحرب الباردة والدائمة على النفاق..فحتّى النبّي لن يصدّق إن هو قاتل المنافقين قبل أن يتحولوا إلى مشروع قتالي..ذلك لأن لا أحد سيصدّقه..بل سيقول الأشرار والطيبون معا: إن محمدا يقتل أصحابه..
لا يدرك مكر المنافق باليسر المتاح..بل يدرك المنافق في أمور تفضح جنوحه التناقضي: تناقضات القول إذ لتعرفنهم في لحن القول..ذلك لأنّ النقائض تفيض على قوله مهما تذاكى وحرص..والثاني في التباس المحيّا وسيماء الظاهر حيث مهما بدا أمر المنافق ففي نور الأبصار ما يستطيع الوقوف على معالم الكدورة، فلكل سيماه التي يعرف بها وشفرته التي تحيلك على الوجه الخفي..والثالث في تعبيرات النفس ومعالم السّلوك، فالمنافق لا يرحم وفي الظلم له إسراف لا يوقفه إلاّ الرحمن وعلى الصالحين أشدّ لؤما وإيلاما..تاريخ الحقيقة يوقفنا أمام ظاهرة كبرى، هي أنّ الدنيا لو خلت من النفاق لاستقامت رغم وجود الباطل..وإنما النفاق هو الذي يؤمّن للباطل مكثا وبقاء..ولولا النفاق لما لبث الباطل هنيهة..فلقد قهر النفاق الأنبياء والصالحين والأبطال و"النشامى" وأهل المروءة..فالذي يحارب المنافقين سيجد نفسه كمن يقتل الحشرات ويلاحقها في مغاراتها الصغيرة وبين الثقوب وكمن يحصد خضراء الدمن من فوق السطوح..فالحرب على النّفاق لا تسمح لك بأن تكون بطلا ولا أن تمارس شهامة الفرسان...وهكذا فاعلم أنّ شجاعة عليّ بن أبي طالب وفروسيته التي تغنت بها الشعراء وسارت بها الركبان لم تظهر في حربه على المنافقين قدر بروزها في حروبه الأولى..إنّ الحياة مع المنافقين هي أكبر البلاء..والحرب على المنافقين هي حرب قذرة حتى لما تكون أنت فيها على حقّ..فأبسط ما فيها أن يقال: إن محمّدا يقتل أصحابه...
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat