إذا ما تحقق حلم العراقيين بتشكيل أغلبية برلمانية واضحة في انتخابات عام 2018، ونجحوا في نبذ التوافقية، ونظام توزيع الحصص. فإن عصراً جديداً سيبدأ حينئذ، حاملاً معه الكثير من الأمل والقوة والنجاح.
إن محاولات من هذا النوع تبدو مشجعة للغاية حتى الآن. وتقوم على تفاهمات بين قوى فاعلة ومؤثرة في المجتمع العراقي. وهي إذا أحرزت الفوز فليس هناك ما يمنع من التطلع لواقع جديد مختلف إلى حد ما، عما ألفناه في هذه السنين.
ولعل أول ما ستمتد إليه يد هذه الأغلبية هو الدستور. وأهم ما ستفعله إعادة النظر في فقراته التي كتبت في ذروة الحماس للديمقراطية، وهي الفقرات التي برهنت على قصر نظر شديد، ارتكبته المعارضة السابقة وهي تضع أقدامها في دهاليز السلطة لأول مرة.
فبعد عام 1991 بدأ العراقيون العودة إلى مجتمع ما قبل الدولة، وغدوا أكثر قرباً إلى القبلية منهم في أي وقت مضى. وتكللت بالضياع جهود سبعين عاماً من الحكم الوطني. حتى بات الأمن معقوداً على هامات شيوخ العشائر، لا على أكتاف ضباط الشرطة.
وكان من الواجب على خبراء الدستور مراعاة هذه الحقيقة، وهم يستعيرون هذا البند أو ذاك من الدستور الأمريكي أو البريطاني. فيعهدون إلى هذه العشائر بانتخاب مجلس محافظة، أو أعضاء برلمان، والدفاع عن الأرض. وهم يعلمون أن وطنهم الحقيقي هو العشيرة، وولاءهم الأيديولوجي لرجال الدين.
وبسبب ذلك حوى الدستور الكثير من الهفوات، وعلى رأسها إقرار النظام الفيدرالي، الذي كانت تعمل به المحافظات الثلاث الخارجة عن سلطة الدولة. وقد جر هذا الصنيع الويلات على العراق، وكاد أن يمزقه شر ممزق. ومازال يشكل خطراً محتملاً على وحدته.
ومن واجب حكومة الأغلبية التي تمثل مجموعات عربية وكردية أن تعمل على تشذيب هذا النظام تمهيداً لإلغائه. وتقر صراحة بعدم جواز إقامة أي فيدرالية جديدة، في البلاد. لأن هذا البند ليس سوى قنبلة موقوتة تهدد بالانفجار في أي وقت.
ومن شأن حكومة تحظى بالأغلبية النيابية أن تنهي الحلقات الزائدة التي أتت بها قوى ما بعد 2003، وتقوم بتخفيض أعداد الوزراء والبرلمانيين والوكلاء ونواب الرئاسات الثلاث. وتقوم بشطب الوزارات الفائضة عن الحاجة مثل حقوق الإنسان والمرأة والهجرة والمهجرين. وتضع حداً لوجود هيئات انتفت الحاجة إليها بسبب تقادم العهد وتغير الظروف، مثل مؤسسات الشهداء والسجناء السياسيين والمسائلة والعدالة وغير ذلك كثير.
إن مثل هذه الخطوات التي أصبحت بحكم الضرورة الآن، هي القادرة على إعادة النظام وإعمار المدن وبناء المصانع وتشجيع وسائل الإنتاج وكف أيدي اللصوص والخارجين عن القانون من العبث بمقدرات الناس.
إن أربعة أعوام لن تكون كافية لتحقيق كل هذه الأحلام، ولكنها ستكون مقدمة للتغيير المنشود، وخطوة رائدة لكف الأذى عن العراقيين وتحسين صورة السياسيين، بعد ما أسودت كثيراً في أعين المواطنين!
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat