مأزق اردوغان يلعب في النار
جمعة عبد الله
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
فاز الاستفتاء التركي , على كلمة ( نعم ) لتعديلات في الدستور , التي تمنح للرئيس اردوغان صلاحيات واسعة , وبشكل مطلق , بأن تكون أشبه بصلاحيات الدكتاتور , ولكن تحت عباءة الديموقراطية المثقوبة بالف ثقب وثقب , بأن تكون سمة هذه الصلاحيات الجديدة في الدستور , بمثابة العودة الى حكم السلطان العثماني بالمطلق , بعد سقوطها بعد الحرب العالمية الاولى , ومجيء اول رئيس لجمهورية تركيا الجديدة عام 1923 . وتنصيب ( مصطفى كمال اتاتورك ) اول رئيس ومؤسس للجمهورية الجديدة . فأن هذا الاستفتاء اسقط هذه الجمهورية , رغم ما صاحب نتائج الاستفتاء , من تزوير وغش وتلاعب , بالصوت والصورة , مما حدى بالمعارضة السياسية , ان تطعن بالنتيجة المزورة , وقدمت شكوى طعن الى المحكمة العليا بالمطالبة , بأعادة الاستفتاء من جديد , لان نتائجه مزورة غير نزيهة , وكما هددت باللجوء الى المحاكم الاوربية بالشكوى والطعن والرفض . وهي مدعومة من تقرير البعثة الاوربية المشرفة والمراقبة لعملية الاستفتاء , التي صرحت بصريح العبارة , بعدم نزاهتها , واكدت بانها رافقتها اخطاء وسلبيات كثيرة , اثرت على النتيجة النهائية بفوز نعم , ورغم نتيجة الاستفتاء بفوز بكلمة ( نعم ) بفارق ضئيل جداً , بنسبة 51% , بينما التصويت على كلمة ( لا ) 49% . وهذا اكبر صفعة قوية لمنظمي الاستفتاء , الذين كانوا يتوقعون حصول كلمة نعم على اكثر من 60% . هذه هزالة الانتصار بطعم الهزيمة , ورافقتها انتقادات وطعون وتشكيك في الداخل والخارج , ولم ترسل دولة اوربية ( ماعدا روسيا ) رسائل تهنئة الى اردوغان , فقد رفضت الدول الاوربية التعديلات على الدستور , وخاصة عودة عقوبة الاعدام , ومصادرة الحريات الديموقراطية . مما استشاط اردوغان غضباً من الموقف الاوربي , واتخذ موقف الهجوم العدائي تجاه اوربا , وراح يناطحها بسيل من الاتهامات والاوصاف , مثل عودة النازية من جديد , او عودة الحروب الصليبية , والحرب التصريحات الاردوغانية ضد اوربا , كأنه ثور مجنون يناطح الجدار الحديدي , مما زاد من شقة الشرخ والخلاف اكثر من السابق , وسد باب اوربا بوجه اردوغان , بأن يكون عضواً في الاتحاد الاوربي . ان مناطحة اردوغان بالجدار الاوربي , بمثابة شتائم الشحاذ المتسول , لمن يمنحه مالاً او يعطف عليه ببعض المال , اذا عرفنا بأن تركيا تعتمد في اقتصادها ونشاطها التجاري بشكل اساسي على اوربا , وتمنحه تسهيلات كثيرة , وخاصة في قطاع السياحة المورد المالي الاساسي لميزانية المالية السنوية . وقد سأت علاقته مع اوربا خلال العامين الماضيين , مما انعكست سلبياً على الاقتصاد التركي , بزيادة العجز المالي وزيادة البطالة والتضخم , في تراجع كل القطاعات والنشاطات الحيوية , مما اثر على تدهور العملة التركية ( الليرة ) فقد كانت قبل سنوات قليلة , قيمتها , ليرة ونصف تساوي دولار واحد , اما في خضم التراجع الرهيب بما يحدث الآن في تركيا , انقلبت المعادلة في قيمة العملة التركية , فصار الدولار الواحد يساوي , ثلاثة ليرات ونصف , والقادم افدح خسارة , اذا عرفنا بأن التدهور مستمر في كل القطاعات الحيوية , واصلاً تركيا تعاني من مشاكل داخلية كبيرة , كقضية الشعب الكردي ومسألة الاقليات الاخرى , ومسألة مصادرة الحريات الديموقراطية , التي اشتدت , بعد المحاولة الانقلابية العسكرية الفاشلة . ان اردوغان يسير على حبل النار, وقد يحرق نفسه , اذا استمر على هذا المنوال , من السياسة العنجهية المتغطرسة والمتكبرة , بمرض العظمة . وقد يجد حزبه ( حزب العدالة والتنمية ) بأن اردوغان اصبح عبء ثقيل عليهم , قد يضحوا به , قبل ان يغرقوا جميعاً في الطوفان , وهذا جائز في الافق , طالما تركيا تترنح بالمشاكل الداخلية , والتدهور الاقتصادي والتجاري والسياحي , وخاصة بعد فشل اردوغان في ابتزاز الاتحاد الاوربي , في مسألة اللاجئين , وتهديده الى الدول الاوربية بقبول شروطه , وإلا سيرسل اليهم بمليونين مهاجر ولاجئ , اذا لم يتم قبول عضوية تركيا في الاتحاد الاوربي , وفتح الحدود للمواطنين الاتراك بدخولهم الى الدول الاوربية دون فيزا , لكن رفضوا ابتزازه , والعلاقة مع الاتحاد الاوربي تسير من سيء الى الاسوأ , ان الاستفتاء على تعديلات في الدستور عمقت الازمة في الداخل والخارج , وخاصة المعارضة السياسية تحشد قواها , في مجابهة الدكتاتورية الاردوغانية , ولم يقبلوا بنتائج الاستفتاء والتهديد باللجوء الى المحاكم الاوربية , سيقضي على امال اردوغان ان يصبح السلطان المطلق , ان الاوضاع المتفاقمة تجعله يترنح , ولا تتحمل تركيا ضائقة الازمة المالية والاقتصادية الخانقة لسنوات قليلة , ان البعبع الاردوغاني انتهى , اصبح سلطاناً عارياً , وياتي اليوم الذي تقول فيه تركيا . كش ملك . كش اردوغان
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
جمعة عبد الله
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat