صفحة الكاتب : حيدر حسين سويري

تحرير الموصل: رَمَقُ أرملةٍ وصراخُ أيتام
حيدر حسين سويري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

   يروى أن الإمام علي(ع) عندما تولى الخلافة، ذات ليلة (كما يفعل في جميع لياليه، من التجوال وآداء حقوق المستحقين) مر بخربةٍ في أطراف الحي، فسمع أطفالاً يبكون وأُمهم تصبر عليهم، فسلم عليها، وسألها: هل لكِ من حاجةٍ يا أمة الله؟ مما بكاء أولادكِ؟ فقالت: شكراً لك أيها الصالح، إنما بكاء أولادي من الجوع. فقال: أين أبوهم؟ قالت: ذهب للقتال مع علي فقُتل. فقال الإمام: سأتيكِ بعد قليل. ذهب الإمام ثم عاد حيثُ أحضر معهُ الطعام والدقيق والحطب يحمله على ظهره، قال: هيئي الخبز بينما أطبخ الطعام، وبينما هي تحضر العجين، أجلسَ الأولاد حولهُ وبدأ بمداعبتهم، فاخذوا يضحكون ويمرحون، وهي تنظر إليهم وتَسُبَ عليً، فهي لا تعرف أن الجالس هو علي، ثم قام الإمام فأوقد نارَ التنور فثارت، فبدأ بإخمادها لتكون جمراً، فلفحتهُ نيرانها، فقال وهو يخاطب نفسهُ: ذُقْ ما تركت من حق الأرامل والأيتام، فسمعت المرأةُ كلامه فعلمت أنه علي، فأرادت أن تعتذر منهُ، لكنهُ طلب منها أن تعذرهُ وأن تدعو الله ليغفر لهُ، وأن تسامحهُ على تقصيره في آداءِ حقها وحق أبنائها.(القصة ليست نصاً وإنما بتصرف)

   تحررت الموصل، والسؤال: ما هو ثمن تحريرها؟ وماذا بَعدُ؟ ومَنْ للأرامل والأيتام؟

   ثمن التحرير الحقيقي تدفعه أرملةٌ، تَجلسُ الآن حائرة بين أيتامٍ، أصبحوا بلا مُعينٍ إلا الله، تجلسُ في خَربةٍ مظلمةٍ، في زاوية منسيةٍ من هذا الخراب، الذي يُسمى ظلما (وطن) ...هي مرتعبةٌ مما ستتعرض له خلال رحلتها المُخيفة، في مستقبلها المشؤوم، بين أروقةِ دوائر الدولة المتهالكة، المتعفنة بالروتين والبروقراطية، ووحوش يتربصون بهن، ككلابٍ تريدُ أن تنهش أجسادهن الخاوية، وينصبون فخاخ(المتعه المزعومة) في أبشع حالات الإبتزاز الجنسي عبر التاريخ، فإن نجت من هذا الجحيم المحتوم، فلن تنجو من هواجس العوز، ومصاريف المدارس، ورؤيتها إبنة الشهيد التي لا تملك من الثياب، ما يخفي نظرة الذل والعوز والحرمان، تحت عينيها الشاحبتين ....

   ما تفعلهُ الحكومة ومؤسساتها بذوي الشهداء والجرحى، فعلٌ داعشيٌ محضٌ، تجلبب بجلبابٍ آخر، لكنه غير معلن، لأن العرف والعادات ألجمت هذا الجيش من الأرامل عن التصريح والشكوى، فكأن الأرملة أجرمت بحق هذا المجتمع، حينما خسرت زوجها في هذه الحرب اللعينة، ليستمر هذا العالم السفلي المظلم، الذي أحاط بهذه العوائل المرتهنة فيه بلا ذنب، بالخوف والعوز والحرمان والقلق ....

   يجب على الذين يطالبون بإعمار المدن المحررة، أن يطالبوا كذلك بحقوق هذا الجيش، من الأرامل والأيتام، وإعمار مناطقهم، وتوفير الحياة الكريمة لهم، ولا يكونوا كأعورٍ دجال، ينظر إلى جانبٍ ويغفل الجانب الآخر، فلولا دماء الشهداء، لما تحررت أرض الحدباء...

بقي شئ...

   نبارك لقواتنا الأمنية: من الجيش والشرطة والحشدين(الشعبي والعشائري)، النصر المؤزر على داعش(الشر والرذيلة)، لنمضي في بناء مستقبلنا، وكفى الله المؤمنيين شر القتال...


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حيدر حسين سويري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/07/17



كتابة تعليق لموضوع : تحرير الموصل: رَمَقُ أرملةٍ وصراخُ أيتام
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net