صفحة الكاتب : د . علي عبدالفتاح الحاج فرهود

العملُ الصالحُ حقيقةُ بيعةِ الغديرِ
د . علي عبدالفتاح الحاج فرهود

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

س١/ هل بايعَ الحاضرونَ كلُّهم حادثةَ الغديرِ العُظمَى الإِمامَ عليًّا (عليهِ السلامُ) بأَنَّه (مولاهم ، ومَولى كلِّ مؤمنةٍ ومؤمنةٍ) ؟
س٢/ ما معنى (الوَلايةِ) بالمفهومِ المناسبِ لحادثةِ (الغديرِ) بعدَ حَجٍّ أَخيرٍ للنبيِّ حاجبٍ ، وفي وقتِ حرٍّ لاهبٍ ، وفي مكانٍ مُقفِرٍ جادبٍ ، وبأَمرٍ إِلهيٍّ واجبٍ ؟

ج١/ نعم.
ج٢/ الوَلايةُ هي وَلايةُ الطاعةِ ، والانقيادِ (الدينيِّ والفِكْريِّ والسياسيِّ والإِداريِّ) ؛ لأَنَّها الوَلايةُ نفسُها التي كانت للنبيِّ (صلَّى اللٰـهُ عليه وآلِه) عليهم ، وعلى مَنْ سواهم بدليلِ قولِه (صلَّى اللٰـهُ عليه وآلِه): ((مَنُ كنتُ مولاهُ ؛ فهذا عليٌّ مولاه)) إِذ إِنَّه من التزييفِ والتناقضِ أَنْ تكونَ وَلايةُ النبيِّ (صلَّى اللٰـهُ عليه وآلِه) انقيادًا دينيًّا وفِكْريًّا وسياسيًّا وإِداريًّا ، وتكونُ وَلايةُ الإِمامِ عليٍّ (عليهِ السلامُ) وَلايةَ نُصرَةٍ فقط. ولو سلَّمنا جدلًا بأَنَّ دَلالتَي الوَلايتَين مختلفتانِ فإِنَّ الحديثَ ((مَنُ كنتُ مولاهُ ؛ فهذا عليٌّ مولاه)) يكونُ متناقضًا في مضمونِ توجيهِه !
وحاشَ للنبيِّ (صلَّى اللٰـهُ عليه وآلِه) أَنْ يقولَ شططًا ؛ لأَنه ﴿...ما يَنطِقُ عَنِ الهَوى﴾ [النجم/٣] ، وهو الأَمينُ على الوَحيِ يُبلِّغُ به وقتَ صدورِه بلا تردُّدٍ ﴿...إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يوحى إِلَيَّ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيتُ رَبِّي عذابَ يَومٍ عظيمٍ﴾ [يونس/١٥]. وما نحن إِلَّا في مضمارِ الطاعةِ والتسليمِ بإِيمانٍ بمصداقِ قولِه تعالى: ﴿...وما آتاكُمُ الرَّسولُ فخُذوهُ وما نَهاكُم عنهُ فانتَهوا واتَّقُوا اللٰهَ إِنَّ اللٰهَ شديدُ العِقابِ﴾ [الحشر/٧].
فهل جرتِ البيعةُ لاحقًا في ميدانِ الأَداءِ الحقيقيِّ الإِيمانيِّ التسليميِّ كما جرت في الأَداءِ الحقيقيِّ بعدَ أَمرِ الرسولِ (صلَّى اللٰـهُ عليه وآلِه) بها ؟ وما الفرقُ اليومَ في عصرِنا الذي نعيشُه بين (مَن يُعلِنُ الوَلايةَ الحقيقيةَ قولًا ، ويُحاربُها فِعلًا) وبين أُولئِكَ الذين عاشوا حدثَ البيعةِ حقيقةً ، وأَقرُّوا بها قولًا وخالفوها فِعلًا ؟!
الإِمامُ عليٌّ (عليهِ السلامُ) خليفةُ محبةٍ وسلامٍ ، وبناءٍ ووِئامٍ ، للٰهِ كان ما كان منهُ ، لا لدُنيا زائلةٍ عنهُ ، عطف على عدوِّه قبلَ نصيرِه ، ووصلَ قاطعَه الذي جفَى بتقصيرِه ، ومنح مَن على غيرِ دينِه ما يَمنحُه مَن على دينِه ، دعا بالتي هي أَحسنُ للدِّينِ وللأَخلاقِ الإِسلاميةِ الساميةِ ، ولم يُرغِمْ أَحدًا عليهما بتعذيبٍ وأَساليبَ قاسيةٍ ، لمْ يسْبِ حُرَّةً أَو أَمَةً ، ولم يبقُرْ بطنًا كافرةً أَو مؤمنةً ، لم يذبَح مُدبِرًا أَو رضيعًا ، ولم يسكنْ قصرًا منيعًا ، لم يضعْ حرسًا مُشدَّدًا ، ولم يترُكْ عبادةً أَو وِرْدًا ، ولم يشعُرْ في جنبِ اللٰهِ إِلَّا بالتقصيرِ ، يُناجيه ليغفِرَ له ظنًّا منه أَنًّه المذنبُ بالعصيانِ الكبيرِ ، وهو الذي سلكَ منهجَ النبيِّ الأَعظمِ بما جعله على المنهجِ الهادي الأَقومِ ، ولا غرْوَ فهو الذي عُرِف بالمُطيعِ العابدِ الزاهدِ الأَكرمِ ، لم يسرِق ثرواتِ دولتِه ، ولم يَحرِمْ منها أَبناءَ أُمتِه ، لم يُمكِّنْ لأَبنائِه وذويه في مُلكٍ بلهْوٍ ، ولم نجِدْ له ولا لهم أَثرًا في زهْوٍ ، لم يُخلِفْ يومًا وعدًا قطعه على نفسِه ، ولم يَكذِبْ بقولٍ لإِخفاءِ حقٍّ وطَمْسِه ، كان مع المظلومِ والحقِّ والقرآنِ ، وما زاغ عنهم يومًا بفِعْلٍ ولا بزلَّةِ لِسانٍ.
فهل أُمتُه المسلمةُ ، ومَن يدَّعون صلةً به من فِكْرٍ ، أَو سياسةٍ على هدْيِه ؟ إِن نَّعَم ؛ فهي البيعةُ الحقيقيةُ فِعلًا. وإِن لَّا ؛ فهي البيعةُ الشكليةُ قولًا.
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . علي عبدالفتاح الحاج فرهود
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2020/08/10



كتابة تعليق لموضوع : العملُ الصالحُ حقيقةُ بيعةِ الغديرِ
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net