صفحة الكاتب : د . صلاح الصافي

رسائل بلاسخارت وحياء  مفقود
د . صلاح الصافي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 إنكم فاسدون، إنكم تستخدمون السلاح، إنَ لكم الجزء الأكبر فيما يحدث بالعراق، هذه كلمات بلاسخارت ممثلة الأمم المتحدة في العراق، هي رسائل ارسلتها بالعلن من خلال احاطتها المقدمة لمجلس الأمن حول الوضع في العراق، إلى الطبقة السياسية التي تحكم في العراق، تكلمت فأوجزت وأوضحت، لم يعد بعد الآن التغطية على أفعالهم، وإن الضحك على الذقون لن يستمر إلى ما لا نهاية، تضحيات تشرين هي التي أنطقت بلاسخارت، وهي من أوصلت القناعة، بدليل أن الحديث بدأ عن المجازر التي ارتكبت بحق المتظاهرين من قبل المليشيات والحكومات.
وأكدت بلاسخارت، وبتهديد واضح وصريح، إن بقاء النظام على سلوكه الحالي، أي هيمنة الفساد على مؤسسات الدولة بالمطلق، ومن الفساد الذي يؤثر على المجتمع الدولي هو انتشار المخدرات في المجتمع العراقي، بل أصبح أيضاً ممراً لنقل المخدرات لدول الجوار.
وأهم ما قالته ممثلة الأمم المتحدة، إن الحكومات والأحزاب تعمل ضد مصالح العراق، بمعنى أوضح وجودهم هو لتدمير العراق، قادة يعملون ضد شعوبهم.
وانتقدت عدم احترام سيادة العراق، من خلال ضرب العراق من قبل الإيرانيين والأتراك وانتهاك سيادة العراق، وهو اشارة واضحة للسلطة الحاكمة، إنهم من أوصل العراق إلى هذه الحالة، وإنهم من سبب بإهانة العراق، وجعل الوطن أرض مستباحة لكل من هب ودب.
فماذا تبقى لهذه الطبقة؟، فالعراق لا يزال في صدارة قائمة الدول الفاشلة أو الهشّة، فعند التدقيق في مؤشرات هذا الوصف نجدها تدور حول محور يتركز في عجز الدولة عن القيام بوظائفها الرئيسة، وأهمها: الحد من الفقر والتدهور الاقتصادي، والمشاكل بين المكونات، وشرعية الدولة، والخدمات العامة، والمنظومات الأمنية، والفصائل السياسية، والتدخل الخارجي، واللاجئون والمشردون.
العجب العجاب يكمن في وعي مأزوم للطبقة السياسية الحاكمة في العراق يطغى عليه التفكير بالسلطة وليس بالدولة، والفرق بينهما يتعارض في المجال السياسي. فالدولة تعمل وفق منطق الاسترضاء، أي تحقيق الرضا والقبول لدى جمهورها، اللذَين يعدان الركيزة الأساسية في شرعيتها، أما السلطة فهي تعمل وفق منطق الاستحواذ، أيْ العمل على توسيع دائرتَي الهيمنة والنفوذ السياسي، بعيداً عن شرعية المنجز التي تمنح الثقة بين أصحاب السلطة والجمهور.
لم يتبقى للدولة من هيبة في ظل سيطرت وسطوت الأحزاب، توهمنا بأننا نعيش في ظل دولة، إذ نجد أن المشكلة أكثر تعقيداً، وهي سيطرة القوى الموازية للدولة على المجال السياسي، لتكون مأساتنا مركّبة من غياب للدولة، وهيمنة (مافيات سياسية) على مفاصل الحياة العامة، ويساعدها في ذلك اقتصاد أحادي جعل السيطرة السياسية بوابة للهيمنة على جميع موارد الدولة.
ما يشهده العراق في ظل سطوة الأحزاب على القرار في الدولة العراقية، مرحلة أخطر من دكتاتورية صدام،  لأننا نعيش في ظل تعددية مفرطة لقوى اللا دولة أو قوى الدولة الموازية، وغياب شبه تام للمؤسساتية التي يتجسد فيها مفهوم الدولة.
بعد كل ما استعرضناه حول احاطة بلاسخارت، هل هذا الكلام سوف يؤثر في هذه الطبقة السياسية، وهل سوف تقوم بإعادة حساباتها، وتصحيح عملها من أجل إعادة البناء بعيداً عن تقاسم الحصص، وهل يمكن لهذه الطبقة السياسية تكوين سلطة قوية قادرة على سحب السلاح المنفلت وتشكيل حكومة قوية بعيداً عن المحاصصة البغيضة.
قيل قديماً (إذا لم تستحي افعل ما شئت)، وهذه الطبقة بعيداً عن الحياء، لذلك لا ينتظر منها خيراً، لأن همها الوحيد هو مصالحها ومصالح من تعمل لها من الدول، فلن يلتفتوا إلى كلام بلاسخارت، ولن تهتز شواربهم، يظنون أنهم باقون، وأظن متيقنناً أن أيامهم قليلة ونهايتهم قريبة، وإن غداً لناظره قريب.
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . صلاح الصافي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/10/06



كتابة تعليق لموضوع : رسائل بلاسخارت وحياء  مفقود
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net