صفحة الكاتب : هادي جلو مرعي

هدوء يسبق العاصفة أم عاصفة إنتهت بهدوء
هادي جلو مرعي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 بعد مخاض عسير ومواجهات في الشارع وفي البرلمان، وعلى منصات الأنترنت ووسائل الإعلام إجتمع مجلس النواب العراقي ومنح الثقة لحكومة محمد شياع السوداني التي تسلمت مهامها بهدوء بالغ من حكومة الكاظمي، وشرعت بجملة تغييرات في هيكل الحكومة بعد تفاهمات مهمة مع قوى فاعلة سياسية تمثل مكونات الشعب العراقي القومية والدينية. ولعل ابرز تلك التفاهمات كانت مع القوة الكردية الأهم والأبرز في أربيل بزعامة مسعود البرزاني، وقوى السيادة بزعامة خميس الخنجر ورئيس البرلمان محمد الحلبوسي التي مكنت من إنهاء الإنسداد السياسي، وصوتت لحكومة السوداني سابع رئيس للوزراء منذ العام 2003 حيث تقع على عاتقه مسؤولية صعبة بعد سنوات من الجفاف السياسي والأمني والإرتباك الواضح في الإجراءات برغم وفرة الموارد المالية التي يمكن الإعتماد عليها بإعتماد سياسة حكم رشيد إعترضتها مصالح محلية ودولية ومواقف ممانعة من هذا الطرف أو ذاك، وأضعفت الى حد بعيد موقف كل رئيس وزراء يتولى مقاليد السلطة في بلاد الرافدين مع مافرضته التدخلات الخارجية من عوامل إنهاك وفقدان للسيادة والقرار المستقل.


     يمكن القول إن العراق يتغير برغم وجود النار تحت رماد الأزمات المتعاقبة، لكن الفاعل الدولي هو الآخر تغير مزاجه، وتغيرت الوجهة لديه نحو براغماتية عالية تجعل من بعض المواقف الحالية غريبة مقارنة بمواقف من نفس الفاعل قبل سنتين، أو ثلاث، ويعود ذلك الى حجم وتأثير التحولات الدولية الهائلة، والمصاعب التي تواجه الدول المهتمة بالشأن العراقي بدءا من أزمة الطاقة العالمية، وصراع الأقطاب التي أضيفت الى قائمة منافسة شرسة بين الفاعل الإيراني المؤثر، والعربي المتحفز لمنع العراق من الذهاب بعيدا في دائرة الرؤية الإيرانية، وقد أنهك الطرف الإيراني، ومعه  الطرف العربي بسبب تطورات وتحولات لم تكن متوقعة، وجاءت متسارعة، وبنسق صادم أثمرت عن تغيير في الرؤية والفعل السياسي، وقرارات حاسمة لبت ظروفا موضوعية مهدت لتشكيل الحكومة العراقية بطريقة لم تكن متوقعة، مع حديث مستمر عن إمكانية الإبقاء على حكومة الكاظمي، وإستمرار ضغط التيار الصدري على قوى الإطار التنسيقي الشيعي المتهم بقربه من إيران، ومع ما أفرزه حراك تشرين الذي بدأ في أكتوبر 2019 وإستمر لأشهر طويلة، لكنه إنتهى الى عدم قدرة على التأثير المباشر في نظام الحكم الذي بقي متماسكا، وأفرز حكومة جديدة، لكنها قد تكون مختلفة لجهة التحديات التي تنتظرها، أو لجهة المسؤوليات، وحجم التراكمات الماضية، وعدم القدرة على تحمل المزيد من الأزمات التي عصفت بالبلاد على صعد شتى.


     ولأن تلك الأزمات لم تتوفر عوامل حل حقيقية لها فقد تكون مرشحة للإنفجار في أية لحظة برغم عدم وجود فاعل دولي لتأجيجها مؤقتا على الأقل وقد يكون سبب التأجيج الفشل في محاربة الفساد، والتقصير في تقديم الخدمات، ولذلك فمن المهم التحرك نحو الملفات الصعبة، وتوفير الخدمات، وإحداث فرق في الحرب على الفساد، وأسترداد الأموال المنهوبة التي تصل الى مئات المليارات من الدولارات، ويكون الجواب على السؤال التالي عن الوضع الراهن الذي يشهد هدوءا حذرا: هدوء يسبق العاصفة، أم عاصفة إنتهت بهدوء؟ إن ذلك مرهون بالأداء الحكومي الذي يجب أن يتوجه الى تلبية المطالب الشعبية التي سببت المشكلة بين الشعب والنظام السياسي طوال عقدين من الزمن حيث الفشل في تقديم أداء مقنع، ولذلك فنحن بإنتظار ماستفعله حكومة السوداني خلال الأسابيع والأشهر المقبلة لنحكم على المشهد. فأما أن نعود الى حالة الفشل، أو نخطو نحو نجاح نتمناه.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


هادي جلو مرعي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/11/11



كتابة تعليق لموضوع : هدوء يسبق العاصفة أم عاصفة إنتهت بهدوء
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net