صفحة الكاتب : حيدر عاشور

قصة قصيرة سلطة الوهم
حيدر عاشور

 كل شيء في حياته من صنع الخيال ،دائم الحلم ويعطي لنفسه ألقابا ومسميات ،ويتحدث على لسان القادة والمسؤولين وكأنهم أصدقائه المعتمدين عليه في صنع القرارات .. كل صعاليك المنطقة تعرفه جيدا لأنه يفرغ همومه وجيوبه يوميا على طاولات الشوارع والأرصفة.. تعرفه المكتبات لأنه الوحيد الذي يقتني الكتب والصحف كل يوم ليتحدث عن الملوك والفترة التي حكم فيها الهاشميون يرددها لكل من يرغب في الحديث عن العولمة وعلم اللاهوت ... النهر يجري بتيارات متذبذبة نحو الأمام ليصب في محيطات كبيرة ويمر بأطوار عديدة فمسيرته بناء وزراعة .. وهو يسير عكس التيار بلا حواصل منفعية أو قيمة مستقبلية ،أيامه متشابهات منذ طلاقه وتركه لولد وبنت في حجر من نفرته من كثرة الخيال المصطنع للفوقيات السلطة الوهمية،وسارت الحياة معه دون ان تعطيه غير منطقة واحدة ومحيط بكون واحد يحلق بهما كيفما يشاء ويدور بكل الأزقة تعرفه البواب والمحلات والفنادق وحتى الرصيف ينطق باسمه حين يثمل .. ففي كل ضغطت قدم يطلق صوت من الأرض يعلن اسمه (ماجد ... ماجد ... ماجد ......) وهو يصدق الأصوات ويتحدث معها ويشرح الالمه لها حتى يصل غرفته وهي قصره القديم وعبارة عن متحف لكل شيء أكل الدهر عليه وشرب ... جلس في دائرته يصارع الماضي بالحاضر متذكرا ماقدمه لهذه الأرض من كلام صادق لإنسان  واهم بالوطنية .حين كان يمثل بلده مقاتلا على جبهات القتال لمنع الاسرائليين من احتلال لبنان وسوريا ...وكان فتى صغيرا بين مقاومين أشداء .. بقيت هذه الذاكرة الوحيدة وسام شرف يحمله أينما يذهب...وهو في خياله المعمق سمع صوت احدى قريباته من امه تسأل عنه ... تعجبت دائرته لهذا الحدث المهم ..أول مرة منذ عشرين سنه مضت  يسأل عن ماجد بهذه ألهفة والود والمعروف عنه يتعاط كل المحرمات من اجل لحظة نسيان ... هم واقفا واخذ يتفرس الموقف فتذكرها واخذ يعانقها بحرارة ويسأل عن أمه واخوته 

فهذه الفتاة كانت الوحيدة كحلقة وصل بينه وبين عائلته وهي من أجمل ما أنجبته أخته الكبيرة .. نظرت اليه بعطف وحنان وأغرقت عيونها بالدموع وكادت تصرخ بأعلى صوتها .. وهي تعلن حزنها بابتسامة رقيقة مع احمرار واصفرار وجها الشبيه بوردة عباد الشمس وهي تعانق الشمس وجها لوجه .. خاف كثيرا وبدا يقرا عيونها وهو يقول أمي رحلت :

-لا من قال ذلك.. العمر الطويل لجدتي 

- إذن ماذا بك ؟

-عندي هدية لك قاتلت حتى تراك وهي معي الان 

- لا تمزحي معي انا تركت الزواج والى الأبد واكره جميع النساء ولولا معزتك لكنت تصرفت معك غير هذا التصرف ... خذيها وارحلي يكفيني أمري لوحدي مع وحدتي القاتلة وان سعيد بها طالما انا بعيد عنكم .

هنا تقدمت فتاة صغيرة بعمر الزهور ترتدي من أجمل الثياب ومعطر بعطر يحبه شخصيا شم العطر وكاد يبكي وهو يقول لبنت أخته اخرجوا رجاءا ... جاءه الصوت الملائكي بثقله وهمه وآلامه وهي تقول له .

-هل عرفتني كي تطردني .

وقف كالتمثال الرخامي الذي تركه نحاته زمنا ولكنه حافظ على نقاوة جماله ودقت فنه ... تفحصها وسيل من الدموع تهطل على وجنتيه واخذ يشهق بالبكاء .. تجمهرت الموظفات حولهما وهن يبتسمن لحاله وينظرن اليها كعشيقة أرسلتها السماء لهذا المنفلت في كل شيء في حياته .. ازداد ألمه الداخلي وانفجر حاضننا للفتاة وهو يصيح رسل ابنتي حبيبتي كم كبرت .. هي صورتك في قلبي لم تبارحيه أبدا وسقط على الأرض مغشيا عليها بعد أن أبكى الجميع وفاق من النوم في حالة يرثى لها من الذعر يلتفت حول نفسه عسى ان يشاهد رسل الى جانبه .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حيدر عاشور
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/02/25



كتابة تعليق لموضوع : قصة قصيرة سلطة الوهم
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net