صفحة الكاتب : د . محمد تقي جون

منامات ابن سيا المنامة الستون المهور
د . محمد تقي جون
انتبه ابن سيّا، ويا سوء ما انتبه عليه، ويا حزن وقلق ويأس وتعاسة ما أعلمه به عقله الناهض من دون السعداء الهانئين بنوم عقولهم وأبدانهم. 
انتبه على أن صيغة عقد الزواج التي يقرؤها الشيخ كلَّ مرة ومنذ الازمان السحيقة خلفاً، والى اليوم، وحتى الأزمان السحيقة أماماً، صيغة ناقصة! يعوزها التفكر والدلالة على قدسية وماهية وكنه وفلسفة ومعنى وفكرة وعظمة الزواج الذي اقترحه الله (سبحانه) رحمة للعلمين (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ).
قال ابن سيَّا :" لعلَّ صيغة العقد هذه وراء النهايات التعيسة للكثير من الزواجات المسلمة، ووراء التقولب البليد للزواج على واقع اجتماعي ليس منه محيد: زواج لذيذ عنيف سعادة وألفة، ثم تراجع جنوني تعاسة ونفوراً، ثم طلاق. 
والمرأة يزفها أهلها إلى بيت زوجها، وفي رقبتها حبل مرخي. ثم بعد المدة أعلاه تقوم الأم (وهو الأكثر)، أو الأب (والأكثر بفقد الأم)، أو الأخ الأكبر أو أي أخ (بفقد الأبوين) بجرّ الحبل عند الحاجة، ومن المستحيل رابعه وسابعه وباقعه أن تسلم امرأة قيادها (الحبلي) إلى زوجها، فتكون المرأة كموظفة طلع تعيينها في بيت هذا الرجل المسكين الذي سمي زوجها".
إن صيغة العقد الإسلامي كما يقرؤها الشيخ على المرأة أولاً ثم يعيده على الرجل " إني متعتكِ بموكلي على مهر قدره .....، فان كنت موافقة فقولي: نعم أنت وكيلي". وهي صيغة (عقد بيع وشراء) أكثر منها صيغة عقد ديني اجتماعي مقدس. فلا يوجد فيها إشارة إلى قبول كل منهما الآخر شخصياً، ولا فيها وعد يقطعه كل منهما للآخر بالحب والألفة والإخلاص والالتزام مدى العمر وعلى الأيام.
بينما صيغة العقد المسيحي الذي يقرؤه القس على الرجل اولا ثم يعيده على المرأة " هل توافق على أن تكون بجانبها وتحبها وتحميها في السراء والضراء والصحة والمرض طوال الحياة" فهي صيغة (عهد) أكثر منها صيغة (عقد)! وهي عقد ديني اجتماعي خال من الفقر التجارية؛ فلا فلوس ولا ليرات ولا دولارات!! فالاتفافات المالية متفق عليها خارج العقد فجعلت ثانيوية.
وعلق ابن سيا :" إن موضوع الصيغة ليس بالهين المتروك، بل يجب ان يعطى حقه من الصياغة ليتماهى مع الإسلام ويمثله في الزواج بحيث لا يتخلف عن صيغة عقد الزواج المسيحي.. بل ان نظرة الإسلام ورؤيته في الزواج هي الأفضل والأكمل والأمثل.
وفي عرسٍ دعي له كانت قراءة الشيخ أوّله، ابتسم ابن سيا وهو يسمع ويرى ويلمس ويدرك بأمّ حواسه كلها، أن هذه الصيغة لم تلزم بحب ووفاء بل بمال ووفاء، مما يجعل الزواج محكوماً بالفشل والنهاية والمآل إلى ما انتهى إليه سواه وآل..
وأطلقها أبياتٍ هازئة رازئة:
                           أمهرها بمبلــــغ     فقبلت بالمبلــــــغِ
بصيغة مكرورة    ناقصة في الصيغ
                          الشيخ ما أنكرها     لم يلغها أو يلـــِغِ
                          ولا الذين حضروا    رأوا بها من زيغِ
                          حين النصارى أمهروا     بأنبغٍ وأبلـــــــغ
                          فألزمــــوا بالحـــــب والوفـــاء والتفــــرّغِ
                          يا شيخ أبدلها.. ومن إسلامنا الحــــقِّ صغِ
                         إنا سمعنا السوم والسعـــر بســــوق أروغِ

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . محمد تقي جون
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/03/24



كتابة تعليق لموضوع : منامات ابن سيا المنامة الستون المهور
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net