صفحة الكاتب : ماجد الكعبي

صناعة الأبطال بالوهم
ماجد الكعبي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 إن للبطل خواص مخصصة ,  ومزايا متفردة , وان هذا اللقب الكبير ينبغي بل يجب أن لا يمنح بسهولة وباندفاع عاطفي أو مصلحي فللبطولة أساسيات راسخة , وايجابيات متسامية تفجر ينابيع الإقدام والاقتحام والإبداع والنهوض ... ومن المؤلم والمفجع ان مفردة البطل أضحت سلعة للبيع في سوق التعملق والادعاء الأجوف ,  ففي عراقنا قد شوهت هذه الصفة ومسخت مضامينها ومراميها الايجابية المبدعة ,  فأضحت تعطى لكل عمل ساذج وطاريء وبسيط , وتمنح لكل شخص يظهر بمظاهر مصطنعة ومصبوغة بصبغة الزيف والمظهرية والتمشدق والتطاول والتبجح والاندفاع ,  فإننا نجد ان لقب البطل قد تهرأ واستهلك لدرجة تبعث الاسى والالم في النفوس الحية اليقظة والتي ترفض وتدين كل المهازل المضحكة والأباطيل الباطلة , فانها لحسرة ولوعة ان يمنح الباطل لقب البطل ,  ويمنح المتهور لقب الشجاع ,  وينعت الرديء بانه المتميز,  فهذه الاشكالية المزعجة والمدمرة للقيم أخذت تتصاعد وتتزايد , وجندت لها امكانيات كبيرة وفضائيات مأجورة مارست دورا مغرضا وخسيسا في تكبير وتضخيم صغائر الأمور ,  فنجد ان بعض الفضائيات المدانة تعتمد إبراز وإظهار الاقزام بمظهر الابطال وتساهم بتصعيد الاحداث الصغيرة وتحيلها الى براكين وانفجارات مدوية ,  وقد شاهدنا وسمعنا ان أنشطة هذه الفضائيات الملوثة تخلق من أكوام النفايات أهرامات ,  ومن الشظايا قنابلا  ومدافعا وصواريخا منطلقة من اغراض شريرة غايتها ان تجند أشباه الرجال فتصنعهم في مصنع الأبطال بالوهم والادعاء ,  فكم من قزم مهمل تحول إلى رقم متميز,  وكم من دعي مبتذل تحول إلى ناطق صاعق , وكم من عميل مشبوه تحول إلى وطني غيور ,   وكم من نكرة مرفوضة تحول إلى معرفة معروفة بمجرد أضافت لام التعريف ,   وكم من صفر على الشمال تحول إلى صفر على اليمين تضاعفت به الأعداد , وكم من إعلامية لعوبة تحولت إلى مناضلة مقتحمة , وكم من راقصة في الملاهي أضحت قائدة لمجموعة من المتفننات في تصيد الرجال ورجال الأعمال بوسائل الأغراء والغنج والإثارة ,  فهذه المخازي التي تتزايد بكثافة عبر ماتبثه الفضائيات المأجورة والمدسوسة والتي همها أن تخلق من العاهرات بطلات ,  ومن الدخلاء والجبناء اصلاء,  وتوزع على كيفها ألقاب الأبطال والثوار ,  وصناع الحياة , ورواد الانتفاضات والتظاهرات والاحتجاجات ,  فكل عمل فيه دنس ونجس وعمالة وتهديم بالوطن والمواطن تعتمده تلك الفضائيات التي تبث سمومها ومخدراتها بين الأوساط كي تعيق مسيرة الوطن وتحارب المواطن نفسيا وسلوكيا لا يردعها ضمير رادع  , ولا يمنعها خلق ناصع ,  ولا يثنيها دين ساطع .
وان الذي يدمي القلب أن تلك الفضائيات المشبوهة تتجاهل الوطنيين النشامى ,  والمناضلين القدامى ,  والمجاهدين الذين رصعوا صفحات التاريخ بأروع صور البطولة والبسالة والاقتحام ,  فكل من يمتلك مآثرا ومفاخرا وطنية ودينية واجتماعية فإنها تسعى لاهثة من اجل تشويه وتلويث سمعته ظلما وعدوانا ,  فإنها لا تريد للشرفاء والاصلاء مواقعاً متقدمة في الحكومة والبرلمان والمجتمع .
إن كل وطني شهم وأبي يناشد أركان الدولة بان يقفوا موقفا حاسما وصارما إزاء كل من تسول له نفسه أن يخلق من القتلة أبطالا ,  ومن الافاكين والسفاحين رجالا ,  ومن المتآمرين والمجرمين أوتادا ,  فقد بلغ الغليان الشعبي ذروته حيال هذه الزعانف القذرة والآفات المدمرة والتي تفرض علينا جميعا الوقوف بحزم وصرامة اتجاه أي تحرك مريب غايته تدمير الوطن والمواطن وتخريب النفوس والممتلكات وتهديم كل البنى التحتية والفوقية كي يخلو عراقنا من الطاقات والخامات والكنوز التي يمتلكها ,  وكلنا ثقة بان شعبنا المتبصر والمجرب والذي  يعرف ويقرأ دواخلهم المعشعشة بالحقد والتأمر والقذارة والإجرام, وان كل تحركاتهم وتسلكاتهم الخبيثة الحقيرة لن تنطلي على شعبنا العريق بالاصالة والتأهب والكشف والاقتحام , وان مقام هؤلاء الأدعياء الأجراء لا لن يطول فشعبنا الصابر وحكومتنا المنتخبة على دراية بكل همسة أو لمسة أو أي حركة تصدر من أيتام صدام الذي ولى وأنقبر في قبر الخسة والعار , وبقيت زبالته المنبوذة  المحتقرة تنتظر حساب وعقاب شعبنا الأصيل  .
وإننا ننحني إجلالا وإكبارا وتعظيما لكل المتظاهرين الذين يطالبون بحقوقهم المشروعة ,  وطموحاتهم الملحة  , بعيدين كل البعد عن الممارسات المؤذية التي تلحق أفدح الخسائر بالوطن والشعب والأرواح والممتلكات العامة والخاصة ,  وان شعبنا يعي جيدا بان الممارسات التي مورست كحرق المباني والاعتداء على الأجهزة الأمنية والعبث المستنكر والتجاوزات المرفوضة فان كل هذه التسلكات ليس من صنع المتظاهرين الوطنين الطيبين الشرفاء ,  بل أنها من صنع المندسين في المظاهرات من إرهابيين وصدامين ومغرضين ,  وان أبناء العراق النشامى والغيارى يترفعون عن كل عمل يؤدي إلى التخريب والتدمير والترهيب والترويع , كما إننا ندين بشدة أي إجراء أو اعتداء على المتظاهرين المسالمين الذين عبروا عن إرادتهم في الحياة الحرة السعيدة الرغيدة والكريمة تحت ظلال الحرية والديمقراطية والسلام .
 فكل ما هو سلمي ونظامي فانه من صنع المتظاهرين ,  وكل ما هو رديء ومهدم ومخرب فانه من صنع أعداء العراق الجديد بشتى صورهم وجذورهم وانتماءاتهم والموت والخزي والعار لكل من يبتغي إلحاق الضرر والاذى بوطننا المفدى  .
 
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


ماجد الكعبي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/04/12



كتابة تعليق لموضوع : صناعة الأبطال بالوهم
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net