صفحة الكاتب : امل الياسري

الأهوار: ملحمة العطش والشياطين السبعة!
امل الياسري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
سلطة قامعة، تفرض سطوتها ورعبها، على الإنسان والحياة معاً، ورغم ذلك فالأهوار لها القدرة على الإستمرار بالعطاء، في مخزون جهادي عظيم، يسكن أقاصي الذاكرة، وسط عالم مخيف خطير، تنحب الشموع فيه حزناً، على أوراق القصب والبردي، وتقيم عزاء مهيباً لأهل الجنوب، رغم انوف البعثيين إنها مملكة الأهوار.
محطات هرمة صبورة، تنتظر موتها المشرف المصحوب، برغيف خبز تنور الطين الحر، فعليه ظلت الجباه السمر، ترفض الركوع للطاغية، وكتبت ملحمة للصمود والصبر على العطش، بعد أن طال الجفاف منها، بقبضته الحديدية، وإستبداده المفرط، لكن البعث الكافر لم يستطع قتل الحياة، لأن الأهوار حسينية البقاء. 
الجفاف والجفاء، هو ما تتعرض له أهوارنا، فغادرها الإنسان ظمئاً، تعباً، جائعاً، تاركاً مشحوفه، وكأنه يتجه للمسيحية، فقد ترك ديوانه المعطر، بالجلسات العشائرية، وأحاديثها الدينية والوطنية، وألتصق بحضارة المدينة، بل حتى أن الطيور تسللت لمناطق أخرى، لأن بيئتها تعاني العطش، فلا عش، ولا ماء، ولا عشب.
الأهوار منذ القدم حملت هموم الناس، ودافعت عنهم بأغلى الاثمان، فقد إحتز السيف البعثي البغيض، رؤوس قصبها ونخليها الشامخ، لينزل بأهلها العقاب، وليطفئ ثورة الحق والعدل، فعاشت قصة ملؤها الحنين الى الماضي، بعيداً عن غفلة الحاضر، فنزفت ألماً لإهمال الحكومة عنها، ونسيانها في غيابت التأريخ. 
شياطين سبعة، أرادت قتل الاهوار في عهد الطاغية، أولها التجفيف المتعمد بقطع المياه المغذية لها، وثانيها مشاريع الخزن الوهمية، فيراد منها تغيير مجرى الفروع النهرية، التي تصب في الاهوار، وثالثها تهجير سكانها الاحرار، ورابعها حملات القمع والسجن لرجالها، وخامسها حرق القصب، والبردي، والنخيل بحجج قبيحة. 
لقد قادت الزمرة العفلقية الفاسدة حملة مخطط لها، وهي تصفية العقول الفكرية ورجال الدين، وهذا سادسها، وسابعها نشر الفساد تحت مسمى الثقافة الريفية، بنشر الفرق الشعبية، وأهازيج معركته الفاشلة، ودعم البرامج الهدامة، لفكر أهل الجنوب الأصيل، ونحن على يقين بأن الناس والأهوار، رفضتهم جملة وتفصيلاً. 
إن ملحمة العطش، التي عانتها الاهوار ومستمرة للآن، لهي مؤشر كارثي، تترتب تبعاته على الحياة الطبيعية في الجنوب، والتركيبة السكانية، وثقافتهم وإرثهم الحضاري المتجذر، في أقاصي أعماق التأريخ، ولهذا يجب الإلتفات لظاهرة تناقص المياه، كونها مصدراً رئيسياً للثروة السمكية، فهل العالم أحرص منا على أهوارنا؟ 
الاهوار تنعى نفسها، على مذابح الحرية والإنصاف، وتنادي: هل أن حريق الظلم والجفاف، سيلتهمني أم بجعبة الحكومة إجراءات، تحد من أمي وحزني؟ فمداد روحي هو الماء، الذي أختلط بالدماء والدموع، ليكتب معلقة حول العطش، ومواسم المطر، بعيون مرتقبة متلهفة للحياة، إنه نداء من شموع الاهوار!

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


امل الياسري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/07/30



كتابة تعليق لموضوع : الأهوار: ملحمة العطش والشياطين السبعة!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net