صفحة الكاتب : واثق الجابري

جيل الطيّبينْ أبناء الطيّبينْ
واثق الجابري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
"جيل الطيبين"؛ عبارة يتداولها كثيرون ببساطة؛ دون التمعن بما يُقصد منها، وكأنها ندم على ماضٍ، أو أسف لخلو مجتمع حاضر من قيم سابقة؛ لوصف سياسي وإجتماعي وقانوني وثقافي وخدمي وبضاعة ومزروعات ومأكولات، والإلحاح لا يخلو من دوافع سياسية؛ تحاول ترسيخ عبارة وجعلها من الثوابت الحقيقة.
من حق المجتمع تمجيد ماضيه وتاريخه، ومن  حق الأبناء الإفتخار بما فعل الآباء؛ إلاّ أن الماضي ليس دائماً أفضل من الحاضر، والمستقبل لا يصنعه ماض بحاضر لا يخطط له.
المؤكد دائماً  أن لكل عمل مخلفات وأخطاء وفشل وتعثرات ومعرقلات، والمعوقات دوافع للمراجعة دون تراجع، وتجربة العراق شاهدة بالحوادث والكوارث والمآسي، وجور السلاطين ومتملقي السلطة، وحكام جلادون قطاع رقاب وطرق؛ ضيقوا العيش والتنفس لأخضاع الناس، وأسكروهم بالبحث عن لقمة عيش، وفي الحكم سكارى بلهو وعبث وطيش وليالي حمراء.
 يفاجئك شاب لم يبلغ عمره الخامسة والعشرين؛ بتمني عودة الدكتاتورية، وأسماعه ممتلئة بحديث عن الماضي، والنظام والإنضباط وجيل من الفطرة والطيبين، والحياة أمان ببساطة عيش والجارة يدخل على الجار والملهوف يُغاث، ويُقارن بجرائم القتل والإرهاب والمشاريع العابثة والخدمة المتردية، ولا يعلم أنه لو كان في ذاك الزمان؛ لأقل ما يعاقب على تساؤله بقطع اللسان، وملاحقة الأقارب الى الدرجة الرابعة، وأن سَلِمَ، فلا يجد مستقبله إلاّ جندياً لحروب عبثية؛ لا يخرج منها إلاّ مقتولاً او معاقاً، وأما الفكر فعقابه طمر سجون ثم القتل مجهولاً بلا مأتم ولا قبر.
إن الأسباب كثيرة لا غرض لها بتشخيص الأخطاء؛ همها نيل من الحاضر؛ من  ثلة تربت الدكتاتورية، وأزهرت فكر مسموم في زمن الديموقراطية، ومنها بدوافع ضد تجربة الممارسة الديموقراطية وحرية التعبير، مع وجود شعور بالأسى من مواطن كان يأمل تعويض المحرومية، وما وجد إلاّ جسد يُنهش ويستخدم كوسيلة لبلوغ الحكم والمنافع، وأخطاء من بعض ساسة أعطوا مثال سيء، فأباحوا لهم ما حرموا على شعبهم، وأفشلوا الإدارة باالنزاعات العرقية والهيمنة وصراع المكاسب؛ لذا ضن كثيرون أن العراق تحول من دكتاتورية واحدة الى دكتاتوريات متعددة.
صحيح أن في الحاضر سلبيات؛ إلاّ  أنها لا يمكن أن تقارن بالدكتاتورية، وكل ما في الأمر وجود مفسدين فاشلين؛ تحدثوا عن تجربتهم بصورة عمومية.
 جيل الطبيبين؛ تجاوز الحديث العام، وأصبحت له صفحات تواصل إجتماعي وبرامج وأغاني؛ ولهذا اسباب اولهما تذكرينا بالماضي وترسيخ مفهومهم بعقول أجيال لم تعش في زمانه، والثاني نقد تجربة الديموقراطية، وإشاعة مفهوم " أن العراق لا يحكم إلاّ بالقوة"، وكأنه شعب يختلف عن سائر الشعوب التي تتبادل بينها السلطة بسلمية، وفي الحقيقة نقر بوجود تعثرات وأخطاء بالحاضر؛ إلاّ أنها لا ترقى الى جرائم الماضي، ومجمل أخطاء الحاضر من تصرفات إنفرادية؛ لا تعبر عن صفات مجتمع ضرب مثلاً بالطوعية والإنسانية، وواجه مجتمعاً أشرس الهجمات الإرهابية، ومع ذلك أصر على ديمومة التجربة الديموقراطية، وهذا هو " جيل الطيبين" ابناء الطيبين؛ حين تجد الأباء والأبناء والأجداد مع الأحفاد على سواتر القتال، ومن يتحدث غير هذا يريد منع الشعب من المشاركة الإنتخابية، لتكون الأجواء لثلل الفاسدين والمخربين والعابثين الآملين بعودة الدكتاتورية.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


واثق الجابري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/01/23



كتابة تعليق لموضوع : جيل الطيّبينْ أبناء الطيّبينْ
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net