صفحة الكاتب : دلال محمود

شموخ ,صبي ,عراقي
دلال محمود

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

الساعة هي الآن حسب توقيت الألمان,السابعة ,صباحاً,خرجت بمعية أبني سيراً على الأقدام,فاليوم ستجرى له عملية ليده اليمنى,,ستستفسرون عن سبب العملية,لاتستعجلوا الجواب,فنحن كلانا نسير على الأقدام,المشفى قريب جداً,في السيارة ولكنا نقطعه مشياً بعشرين دقيقة ,,هو قريب وليس بقريب,مشيد على قمة جبل,سيكون المشي متعباً قليلاً,ها ان الجو بدأ يزداد برودةً,والرياح تسرع كي تلسعنا بلسعات برد جميلة وقاسية نوعا ما,الغيوم اليوم كريمة جداً وليس بغريب هذا الأمر فعطاؤها كل يوم تقريباً بنفس المقدار ,لدرجة تجعلك تكره دموعها ,ياالهي كل حياة الترف هنا وغيومهم تبكي طيلة ايام السنة,وغيوم اهلي في العراق,رغم قساوة الأيام وقحط السنين لكنها عصية,أبية لاتذرف الدموع الا اسبوع او اكثر بقليل في كل العام,يبدو الامر غريب في هذه المعادلة.
حبيبي هل انت فرح بمصيرك هذا؟ سألت ابني

اجابني جداً,وهل يُفترض ان اقف مكتوف الايدي والالماني الذي يكبرني باربعة اعوام ينهال علي ضرباً,رغم انني لامعرفة لي به ,لاأُصدق هذا ,كيف ينهال عليك بالضرب وهو لايعرفك,صدقيني يااماه,اذاً,انت محظوظ ياحبيبي فبمجرد ان تخبر المعنيين بمثل تلك الامور فانهم سيلزموه بدفع غرامة ضخمة اليك,لانه اعتدى عليك دون سبب,أضحكتيني يااماه وهل لي الصبر ان انتظر دفع غرامة؟لو دفعوا لي كل كنوز الدنيا فان نار غضبي لن تهدأ,والآن هل هدأ عضبك؟ نعم اخذت حقي بيدي تلك,لقد غيرت ملامح وجهه,وحولت لون الدم فيه الى ازرق واصفر يعني قوس قزح,صحيح انني تأذيت والعملية ستتعبني ولكن لاعليكِ, سيتذكرني كلما نظر الى وجهه في المرآة.
في المشفى نحن الان جاءت الممرضة لتجري الفحوصات قبل البدء بالعملية,اعطته حبة ليتناولها ,تركتنا انا وهو في الغرفة لتأتي بعد ساعه ونصف حين يكون موعد العملية,حبيبي تلك اللحظة نائم ,على الكرسي المتحرك,أحسست انه شعر ببرد مما جعلني اخلع معطفي ,كي اغطي جسده,مسدت على جبينه,اخذت الكرسي الاخر ووضعته امام ساقيه ورفعتها على الكرسي وهو نائم,عيونه قد تشبع من النوم,وعيوني خاصمها الكرى علها تشبع وهي تمعن في ادق تفاصيل وقسمات وجهه الاخاذ.
هاديء قلبه الان,وشريان قلبي ينفجر الان.
حاولت ان أوقظه لكنه لازال في نوم عميق,او هكذا يبدو لي فهو حين يسمع نبرات صوتي تنادي اليه يطمئن ولايعنيه شيء في الحياة,ربما نوع من الدلال كي اظل الهج باسمه ,ادلعه ,أُصغره ,اتفنن في قلب حروف اسمه الوهاج.
حالما سمع صوت الممرضة تيقظ وضحكنا جميعاً.
اواه ياقلبي الصغير عليك الانتظار على جمرات القلق والخوف البطيء,لقد دخل صالة العمليات ,رباه ليس لي سواك.هلا تحولني الان كي اكون هو,ويكون هو انا الان؟بصدق يارب السماء والارض والحياة والانسان,علني اعاني بدلا عنه واتالم عوضا عنه.
جزء مني قد راح كيف لي ان استرجعه ,محطمة انا ووحيدة ,لم اتعود ان اخبر احدً بتفاصيل اشجاني.لااتوق كي يشاركني غيري الاحزان,
ارتاح كثيرا حين اشارك الاخرين احزانهم,لكنه لااهواه لغيري,ابنتي فقط اخبرتها وهي الان في المدرسة,تتصل بي بين الحين والاخر.
المخدر سيكون موضعي كما قيل لنا ,لكني مُربكة انا ياليتني في غرفة العمليات لكن هذا محال .
لقد كان حبيبي متعباً صباح هذا اليوم,حزيناً لم ارى حزنا له بكم حزن اليوم.قبل موعد العملية اردت ان يكون قوياً,ذكرت له مقولة للامام علي عليه السلام,بما معناها ان ننظر لمن هم دوننا كي نكون سعداء ,وننظر لمن هم اعلى منا ان اردنا ان نكون تعساء,ولااعني الادنى منا علما او رفعة او منزلة حاشا لاهلنا الطيبين ولكن كوضع سياسي واجتماعي فرضه الحكام على مر العصور وجاء ليكمله الاحتلال الاميركي اللعين.
منذ ساعات الفجر الاولى انتابتني اعاصير شجية وعواصف ملأت احداقي بكم هائل من الآلآم ,لم اعد اقوى على التفكير بأي امر سوى بولدي والعملية التي تنتظره,كنت انانية العقل والقلب في تفكيري ومشاعري,لكن دون وعي مني تخايلت تلك الام العراقية التي فجعت ببلاء وبمرض ابنها بمرض خبيث لاسامح الله كما هو حاصل الان,تذكرت الامهات اللواتي لايمتلكن سعر دواء لاولادهن,غادر تفكيري هناك رغم انه لم يكن يبتعد عنهم الا بالجسد.تراءت صور تفجيرات الامس في مدينة الثورة قديما ومدينة صدام سابقا ومدينه الصدر الان ,وكيف تهان ارواح الناس بعبوات ناسفة صنعت خصيصاً لقتل اهلي في العراق.
باغتني ولدي ليقول لي هل تعلمين كم جميلة الالوان في العراق يااماه؟
اظهرت اندهاشي واخفيت فرحي الغامر في تلك الثواني وهو يستذكر العراق,معركتي مع نفسي ومع الغربة في ان ازرع حب العراق في قلوب فلذات اكبادي قد اينعت ثمارها ,,ساكمل في مقال اخر مادار من نقاش بيننا
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


دلال محمود
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2010/10/28



كتابة تعليق لموضوع : شموخ ,صبي ,عراقي
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 1)


• (1) - كتب : محمد قاسم من : العراق ، بعنوان : مرض الحنين الى الوطن في 2010/10/28 .

ساعد الله قلبكم ايها العراقيون
غربة في الوطن
وغربة خارج الوطن




حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net