الانتخابات ...قرار كل مواطن
حيدر عاشور
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
حيدر عاشور
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
تشتد الصراعات كلما اقترب موعد اختيار المصير العراقي لقادته الجدد في تمثيلهِ محليا وعالميا، كل الدلائل تشير الى ان صراعا كبيرا ستشهده الكتل السياسية وهي تتنافس على المناصب، الكرد يطالبون بمنصب رئاسة البرلمان متخلين عن منصب رئاسة الجمهورية الذي اعتبروه رمزيا وبلا صلاحيات، وإن تمت المطالبة، فإنها لن تكون مخالفة للدستور، الذي لم ينص صراحة على تقسيم المناصب بين الطوائف والقوميات، بينما اغلب الكتل بانت رفضها المطلق لهذا التحول، ومصادر اخرى تروج الى تغلغل الفاسدين في الانتخابات وصولا الى مقاعد البرلمان نتيجة المال السياسي المفرط الموجود في الشارع الانتخابي، والإشاعات تؤكد ان هناك مالا سياسيا موجودا، وهناك بيع لبطاقات وهناك بعض الاحزاب والشخصيات تتفق على التزوير مما يشكل خطرا على الشخصيات المستقلة، ناهيك عن الدعاية الانتخابية في التعيينات الوهمية لمن يحلم بوظيفة.
هذا الحلم الذي جعل المواطن العراقي يتأخر في صنع قراره وأختياره، فقد قضى حياته يجرب ويختار، وكأن يرى الحياة مليئة بالبدائل التي تفرض عليه ان يفكر فيها ويختار، وغالبا ما تنتزع منه التجربة فيسلب حقه في ان يختار ويرفض بعد ان يجرد من كيانه وتضع امامه الامنيات والأحلام الوهمية.
يقول محدثي: لكي يختار المواطن من يمثله بطرق سليمة، لابد ان يعرف ويكشف كافة البدائل التي تمكنه من الاختيار السديد، فمن حقوق الانسان المقدسة ان يرفض ويختار. فالاختيار ليس لهوا بل هو جوهر المعاناة التي يعانيها لكي يؤكد ويبرر وجوده كانسان.
ونحن نحتاج ان نميز بين الفاسد والجيد والاجود لان الله في كتابه المجيد قال:﴿وَقُلْ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ... ﴾*. يؤكد حق الانسان في ان يختار لانه مسؤول ولا مسؤولية بغير اختيار، هناك من يريد انتزاع وسلب تجربة المواطن عن طريق استغلاله لحاجته. وجميع الحكماء والفلاسفة يؤكدون ان حق الرفض وحق الاختيار يشكلان حقا واحدا مقدسا يمارس الانسان به كل مقدرات حياته وشؤون عالمه وهو ماثل في اختياره السياسي..مثوله في الاختيار الاخلاقي...
يقال ان الرجل الذي استأجر أخر في نقل بضاعته فكان ينجزها في لمح البصر، ومرة استورد الرجل كميات كبيرة من البطاطس وطلب منه ان يفرزها وعزل (الفاسدة والجيدة والاجود)، هنا تلكأ في عمله وتأخر وحين سأله صاحب العمل عن سبب تأخره في الفرز.قال : من الصعوبة ان اجد الفاسدة وسط هذه الكمية من البطاطس ..لماذا هذه الصعوبة..لان فساده يبدأ من داخلها ولا استطيع ان احددهُ وإذا اخطأت الفرز افسدت الجيدات.فليس من الصعوبة في الحياة ان نختار بين الشر والخير فلاختيار وحق الانسان فيه، هما اصدق ما يميز الانسان عن غيره من المخلوقات. يقول الفيلسوف سانتايانا*: ومن لا يتذكر الماضي يكون محكومًا بتكراره. وبصورة مشابهة، أظن أن الذين لا ينتبهون إلى ما يحدث من حولهم يكونون محكومين بتحمّل آثاره كلها.
*الكهف: الآية 29
* جورج أوجستين نيكولاس رويز دي سانتايانا -فيلسوف، وكاتب، وشاعر وروائي اسباني، من اهم كتبه (عالم الوجود) و( الاحساس بالجمال).
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat