صفحة الكاتب : طيب العراقي

لماذا يحدث الذي يحدث؟!
طيب العراقي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

شاع في القاموس السياسي تعبير"الآخر"، وهو تعبير يعنى بوصف المخالف؛ أو المغاير سياسيا أو مكوناتيا..وبات هذا التعبير مصطلحا يتقافز على ألسن الساسة، وتسرب الى وسائل الإعلام، حتى اصبح من مستلزمات اي موضوع او مقال سياسي.
لكي نحدد الآخر السياسي عراقيا، علينا أن نتوصل الى معنى السياسة؛ وفقا للمفهوم العراقي السائد، لا وفقا للتصنيفات الأكاديمية، أو وفقا للعرف السائد.
السياسة عند غيرنا من الأمم؛ وسيلة لقيادة المجتمع لتحقيق أهداف، تفضي الى تحقيق توازن إجتماعي، أما أكاديميا؛ فالسياسة هي الإجراءات و الطرق المؤدية لاتخاذ قرارات؛ من أجل المجموعات والمجتمعات البشرية.
على الصعيد العملي؛ هي مجموعة التصرفات، التي تقوم بها جماعات مكلفة من المجتمع، تؤدي الى بناء الدولة بأطر تناسب المجتمع.
عراقيا؛، فإن للسياسة مفهوما يغاير كل المفاهيم ،التي تواضع عليها البشر وقبلوها، فالسياسة عندنا ليس فن الممكن، كما يشاع أو يتداول في بطون الكتب عالميا، ولا هي تصرفات تؤدي الى بناء دولة، ولا هي مجموعة الأجراءات التي أشرنا اليها آنفا، بل هي بأختصار مكثف فن "التغالب".
من يغلب من؟ هو المحور في العملية السياسية، والذي لا يقف في الصف الذي أقف فيه هو "آخر"، يتعين أن أتفوق عليه أو أغلبه.
 هذا هو الآخر عراقيا، وأبحثوا في كل دفاتر الساسة، وسوف تفشلون حتما؛ في التوصل الى توصيف للآخر غير هذا، والتغالب يأخذ اشكالا عدة، تعمق "الآخرية" بشكل حاد. 
إذن توصلنا الى توصيف للآخر السياسي، وتوصلنا أيضا لماذا وكيف؛ أكتسب هذا "الآخر" الصفة "الآخرية"، غير أن علينا أن نتوصل؛ الى سبب وقوفه على الضفة الأخرى من نهر السياسة.
نهر السياسة سادتي عندنا؛  ليس نهرا للمياه المطلقة بعرف أهل الشرع والدين، إذ أنه بالحقيقة؛ نهر لا تجري فيه إلا المياه الآسنة، لكنها على الرغم من "أسونيتها" مياه ثمينة، لأنها مياه المصالح.
لو كانت المصالح مرتبطة بالمصالح الوطنية؛ لقلنا ونعمَ الإرتباط، لكنها تعنى بالمصالح التي لا تتسع؛ إلا للفئة أو العشيرة أو العائلة أو الأسرة أو الذات، والأخيرة هي التي تحكم المشهد السياسي على الأعم الأغلب، هكذا كما ترون؛ فإن المصالح تشتد ضيقا كلما أقتربت من الذات، وكلما ضاقت زادت مساحات الصراع، وكلما زادت هذه المصالح وتجذرت، أكتسبت مزيدا من الأردية الشخصانية.
حينما تربط مصائر الجماعات بالأشخاص؛ الذين يغلبون مصالحهم الذاتية على مصالح الجماعات، لا ينتظر من هؤلاء مسلكا يخدم تلك الجماعات، وهم لن يديروا الأمور؛ إلا بما يؤدي لخدمة مصالحهم، وفي سبيل إتراع مصالحهم، فإنه لا شيء يمكن أن يكون قبالتها.
لذلك فهم يقفون دوما على الضفة الأخرى، ويصبحون "آخرا" بمنهجهم الأناني، وهو منهج ليس له أداة، إلا التغالب من وسيلة لتحقيق رغائبه..
إن التغالب هو صفة الآخر عندنا؛ وعقلية التغالب ليس فيها منطقة وسطى؛ ولا مساحات مشتركة، فهي لا تسعى إلا الى نتيجة واحدة، هي غلبة الآخر الواقف على الضفة المقابلة، وليس فيها إلا طرفين: غالب ومغلوب! 
من هنا ينشأ الأختلاف؛ الذي يتحول الى خلاف يصعب إصلاحه..! 
الآخر هذه المرة يبتز الوطن، بحديثه عن الأقلمة حتى لو أدت الى تمزق الوطن الى قرى متناثرة! ومرة سنيا يبحث عن السلطان حتى لو تحالف مع الشيطان، ومرة شيعيا يتحدث عن محاربة الفساد الذي صنعته يده؛ حتى وصل الى هامة رأسه، ولكنه بالحقيقة يبحث عن قيادة مفصلة على مقاسه، وإلا يحرق البلاد ومن فيها..!


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


طيب العراقي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2019/05/18



كتابة تعليق لموضوع : لماذا يحدث الذي يحدث؟!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net