صفحة الكاتب : يحيى غالي ياسين

كن في الفتنة كابن اللبون .. كيف نقرأها (نفهمها ) ..؟
يحيى غالي ياسين

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

من أروع حِكَم وأقوال الإمام علي - عليه السلام - والمشهورة على لسان كل مسلم تقريباً هو قوله ( ع ) : " كُنْ فِي الْفِتْنَةِ كَابْنِ اللَّبُونِ، لاَ ظَهْرٌ فَيُرْكَبَ، وَلاَ ضَرْعٌ فَيُحْلَبَ ".

استعمل أمير المؤمنين في حكمته هذه صورة تشبيهية من واقع البيئة العربية ، والسامع حينها يفهم جيداً وبدقة متناهية معنى ومغزى هذا الاستعمال التصويري في هذه الحكمة .

المُشبّه به هو ابن اللبون ، وهو ولد الناقة ، يقول ابن ابي الحديد ( ابن اللبون لا يكون قد كمل وقوي ظهره على ان يركب ، وليس بأنثى ذات ضرع فهو مطرح لا ينتفع به ) ، والملاحظ ان ابن ابي الحديد قد فسّر نصّاً مُفسر بنفسه ، فالامام ع لم يقل ( كن في الفتنة كابن اللبون ) وسكت وإنما أعطى علّة اختيار هذا التشبيه من خلال التكملة ( لا ظهر ... ) لتكتمل فكرة وأركان الموعظة عند السامع ..

امّا الفتنة فلها عدّة معان ولعل معنى ( الإمتحان مع الصعوبة ) ، من الجامع المشترك لهذا اللفظ ، أما ما يُقال بأن معناها البلاء او النار أو اشتباه الحق بالباطل أو المحنة فأعتقد ان هذه كلها من أدوات الفتنة وأشكالها لا أكثر ..

ويعطي أمير المؤمنين ع إحدى أهم الوصايا والأسلحة في اجتياز هكذا امتحانات صعبة ، غير أن البعض قد يقرأ الوصية بسلبية ، فيفهم منها الانطواء والعزلة وعدم التدخل والنأي بالنفس ، وهذا الفهم ناتج عن إهمال او عدم مراعاة وصايا الشريعة الأخرى التي تدعو المسلم الى الاهتمام بأمور المسلمين وأن على العالِم ان يُظهر علمه .. إلى آخر الوصايا التي تحفّز المسلم على التفاعل الإيجابي مع مجتمعه في السراء والضراء مادام هنالك سعة وإمكانية لذلك التفاعل ..

ولهذا لا بد لنا من الخروج بفهم ينسجم وروح الإسلام الحنيف ومنطقه العام في التعامل مع الاشياء ، وهذا ما سنحاوله هنا وفي نقاط ثلاث :

1. قد تتفق معي بأن إبن اللبون يتميز بملازمته الحثيثة لأمه ولا يكاد يفارقها ويتبعها حيث ساحت أو برحت ، ولهذا فإن الحديث عندما سلب عنه صفتي الركوب والحلب فإنه قد يريد التأكيد على صفته كتابع لأمّه ، وكأن الإمام ع يقول عندما تقع الفتن التزموا بمن هو حريص عليكم ، من علماء وعقلاء .. الخ

2. قد تكون إشارة الى ضرورة عدم إقحام النفس في امتحانات تفوق الطاقة والتحمّل ، فالإنسان على نفسه بصيرة والمسلم الحاذق يستطيع ان يؤدي ما عليه من فروض وواجبات من غير ان يؤذي نفسه ودينه ، فإن الله لا يكلّف نفساً الّا وسعها ..

3. احياناً كثيرة يكون القعود هو نفسه ظهراً يُركب وضرعاً يُحلب ، فلا بد للشخص من موقف يُفشل من خلاله مخططات الماكرين والمستغلين في أوقات الفتنة ، فالمغزى هو الخروج بالفتنة بأقل الخسائر من جانب وان لا يكون سبباً في استعارها من جانب آخر ، سواء تحقق ذلك بالجلوس او بالتحرك ..

هذه بعض المعاني التي نفهمها من هذه الحكمة والوصية العلوية ولعل هناك معان أخرى تنقدح بالذهن نتركها لقراءات اخرى
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


يحيى غالي ياسين
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2020/02/09



كتابة تعليق لموضوع : كن في الفتنة كابن اللبون .. كيف نقرأها (نفهمها ) ..؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net