صفحة الكاتب : د . علي عبدالفتاح الحاج فرهود

قراءةٌ وتحليلٌ لـفِلْمِ (أَنا الماعزُ الأَليفُ) القصيرِ المُلْغِزِ
د . علي عبدالفتاح الحاج فرهود

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

الفلمُ يبدأُ بظهورِ ماعزٍ مُخدَّرٍ نهض بعد قيدٍ وهو يُحاولُ الانطلاقَ من سجنِه فاصطدمَ بأَنه محجوزٌ في صندوقٍ لا يظهرُ منه إِلَّا رأسُه بعد ارتطامِه ووقوعِ الدَّوَرانِ له ؛ فكأَنَّ كلَّ إِنسانٍ طيبٍ ، ووديعٍ يُضطَهَدُ ويُخدَّرُ ويُساقُ سَوقًا بيدِ المستكبرين.

يقومُ على أَنَّ الفوضويةَ تحكمُ العالمَ ، والهشاشةَ هي أَساسٌ تقومُ عليها الأَنظمةُ الكبرى (يمثلُها شخصيةُ الرئيسِ الأَمريكي بوش الابن) الذي يُصوِّرُ الفلمُ أَنه مُسيَّرٌ بأَيادي الشيطانِ التسلطيةِ توجِّهُه كيفما تُريدُ وتحكُمُ ، وهو جالسٌ في مكتبِه يتمطَّى ويُديرُ رأسه في الاتجاهاتِ كلِّها إِنما هو مسيطرٌ على العالمِ ويُظهِرُ الإِنسانيةَ الكاذبةَ لشعوبِ الأَرضِ بدمعةٍ تُصوِّرُ أَلمَه لآلامِ تلك الشعوبِ.

وهذا التحولُ في الوجوه للرئيسِ يُشارُ به إِلى أن الحكامَ مهما اختلفوا فإِنهم يرتكزون على أَساسٍ واحدٍ ، ويُنفِّذون سياسةً واحدةً بمناهجَ متعددةٍ.

  • الشخصيةُ الرئاسيةُ الحاكمةُ المُسيَّرةُ هي من ترسُمُ سياسةَ الحربِ والرعبِ (القرش) ، وسياسةَ السطوةِ الفضائيةِ (الصاروخ) ، وسياسةَ البطشِ بالأَحرارِ (المشنقة) ، وهي من تُسيطرُ على مراكزِ البحثِ العلميِّ (النظرية) وتظهرُ بسياسةِ المُحبِّ للدولِ والشعوبِ (قلب الحب) وهو يضحكُ ساخرًا ، ثم يتصببُ عرقًا نتيجةَ الخسرانِ المحتمَلِ له وهو يُشاهدُ انبعاثَ الحياةِ من (التفاحةِ) التي تُثمرُ وردةً واعدةً بحياةٍ كريمةٍ قادمةٍ من الطفولةِ التي يعملون على قتلِها وإِحاطتِها بطفولةٍ مجمَّدةٍ خاويةٍ.

وأَنَّ الهشاشةَ والميوعةَ هي قِوامُ المباني العملاقةِ والشواخصِ الحضاريةِ العالميةِ التي تُمثِّلُ تاريخَ الدولِ والأُممِ والشعوبِ ؛ فكأَنها جليدٌ يذوبُ ، ولن ينتفعَ به أحَدٌ. وهذا كلُّه مُتَحَصَّلٌ نتيجةَ الصراعاتِ والمؤمراتِ والتسقيط والحروبِ.

وأَرى أَنَّ ظهورَ شخصيةِ الشيطانِ والجنيِّ طوالَ الفلمِ بنشاطٍ وحركةٍ مستمرةٍ ، وبنظراتٍ مريبةٍ وشازرةٍ ، وأَنَّ ظهورَ الطفلةِ التي أَسقطتِ التفاحةَ وانفلقت إِلى جزءَين أَنبت كلٌّ منهما برعمًا التفَّ على قرينِه إِنما هو إِشارةٌ - بقراءةٍ أُخرى لي - إِلى الصراعِ التسقيطيِّ الذي نشأ مع نشأةِ الإِنسانِ لمَّا زيَّن الشيطانُ لآدمَ وحوَّاءَ الأكلَ من الشجرةِ التي ذهب الكثيرُ إِلى أَنها (تفاحة).

وأَما شخصيتا (أُسامةَ بنِ لادنٍ) و(الراقصِ الصوفيِّ) فهما إِشارتانِ سيِّئتانِ اختُزِل بهما الإِسلامُ كي يظهرَ للجميعِ أَنَّ الإِسلامَ الحقيقيَّ لا ظهورَ له في العالَمِ بسببِ؛

١- طُغيانِ الحركةِ الإِرهابيةِ القمعيةِ على الساحةِ العالميةِ ، ومنها انهيارُ بُرجَي التجارةِ في نيويورك ، وإِدانةُ الإِرهابيين المتبرقعين بالإِسلامِ به.

٢- طُغيانِ الفِكْرِ الفلسفِّي التصوُّفيِّ الزاهدِ المنعزِلِ عنِ التطورِ والحضورِ العالميِّ الشاخصِ.

وبهذا لا صحةَ لوجودِ مشروعٍ إِسلاميٍّ عالميٍّ مستقبليٍّ قريبٍ مُنقِذٍ ؛ فلا يجبُ على المسلمين ولاسيَّما الشيعةِ انتظارُ مخلِّصٍ ومُصلِحٍ عالميٍّ.

ويُمثّلُ الجنينُ وهو تلتَفُّ عليه الأَفعى وتُسيطِرُ على منشَئِه (الرحِم) وعلى نشأتِه بحضورِ الشيطانِ وسطوتِه أَنَّ الإِنسانَ يبدأُ بشقاءٍ ، ويُحاطُ بشقاءٍ طوالَ حياتِه.

وتُمثِّلُ الطائراتُ قوةَ البطشِ العسكريِّ لقوى الاستكبارِ العالميِّ التي تُدمِّرُ العالمَ الحرَّ ممثلًا بمسجدٍ تُقصَفُ قُبتُه ومنارتُه إِشارةً إِلى أَنَّ الإِسلامَ المحمديَّ وبقيتَه المنقِذُ هو الهدفُ الوحيدُ للشيطانِ ومرتزَقَتِه من قوى الاستكبارِ ؛ لتحقيقِ هيمنتِها بتقمعِ الشعوبِ الفقيرةِ المضطهَدةِ التي يُمثِّلُها الطفلُ الإِفريقيُّ الخاوي وهو يرتجفُ ولا يقوَى على حملِ السلاحِ للمقاومةِ. وهو المنهجُ الاستعماريُّ الموحَّدُ الذي يؤيدُه اكتساحُ رتلِ الدباباتِ ، وعدمُ اكتراثِه للطفولةِ التي تُريدُ السلامَ مادام الشيطانُ يُريدُ الهيمنةَ والتدميرَ.

وتُمثِّلُ الشخصيةُ الواقفةُ على السفينةِ المسيحَ المخلِّصَ المنتظَرَ ، ولكنه مُحارَبٌ من الأَعورِ الدجَّالِ الذي سيتقمَّصُ شخصيتَه ليُحقِّقَ مآربَ الشيطانِ. وتَظهرُ شخصيةُ المسيحِ وهو مُخدَّرٌ ومقيَّدٌ رأسُه بالـ(brc) وتبعاتِه الساجنةِ المؤلمةِ بسببِ تَيَهانِ الشعوبِ وحيرتِها بالفتَنِ. وهو قادمٌ على سفينةٍ نتيجةَ عدمِ وجودِ أَرضيةٍ مناسبةٍ له على الأَرضِ حاليًّا.

وفي النهايةِ سيتخلًّصُ من قيدِه ، وتُساندُه الشعوبُ المقهورةُ ، وسائرُ المخلوقاتِ التي تُريدُ حياةَ السلامِ والاطمئنانِ (إِلقاءُ السمكِ نفسَه تحت قدمَي هذا المنقِذِ) الذي تنهارُ بظهورِه مؤسساتُ الدجلِ والشعوذةِ والإِغراءِ. وتُنيرُ الأَرضُ بظهورِه كما تُنيرُ الشمسُ للتائهين وتَهديهم. واللٰهُ أَعلمُ.

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . علي عبدالفتاح الحاج فرهود
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2020/04/06



كتابة تعليق لموضوع : قراءةٌ وتحليلٌ لـفِلْمِ (أَنا الماعزُ الأَليفُ) القصيرِ المُلْغِزِ
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net