صفحة الكاتب : الشيخ ليث الكربلائي

قراءة في كتاب الحقيقة المهدوية للسيد منير الخباز
الشيخ ليث الكربلائي

 كتاب يُلمُّ بكثير من التفاصيل ويُشبِع الكثير من الأسئلة المهمة حول القضية المهدوية، تتنوع فيه الأبعاد من تأسيس الى تأصيل وتعميق الى رد الشبهات وتنصهر فيه المناهج عقلية ونقلية وشهودية بالإضافة الى الانتفاع من معطيات العلم الحديث وتوظيفها توظيفا مرناً مما يُكسبه طابعا يختلف عن سائر الكتب ، ففي الغالب ستحتاج الى مطالعته أكثر من مرة لهضم اطروحاته المتنوعة ، وهذا الأسلوب الجامع بين الموسوعية والعمق غير غريب على من يتابع مصنف هذا الكتاب أعني السيد منير الخباز حفظه الله .
وفي هذه المراجعة أقف عند الكتاب في نقطتين الأولى حول المنهج الذي اتبعه المصنف والثانية حول أهم المحاور التي عالجها..
أما منهج المؤلف فيمكن القول انه ذو اسلوب سهل ممتنع حيث جمع بين وضوح البيان وعمق المطلب وغزارة المعلومة، وفي الغالب يعتمد طريقة تجميع الاحتمالات وتحشيد القرائن في سبيل اثبات مراده ، وإن كان لا يكاد يخلو مطلب من مطالبه من دليل قرآني وأثر من السنة .
أما المحاور التي تناولها الكتاب عن القضية المهدوية فهي كثيرة جدا أذكر منها:
1-     واقعية العقيدة المهدوية: إذ وإن أجمع المسلمون في القرون الأولى على أصل القضية المهدوية - مع اختلافهم في التفاصيل - ظهرت في القرن التاسع من الهجرة رؤية تشكك بل تنكر هذه العقيدة تبناها ابن خلدون في مقدمته وقد أنكر عليه ذلك العلماء من مختلف المذاهب ولكن عاد بعض الكتاب في زماننا الى احياء تلك الشبهة وتفسير المهدوية بانها مجرد فرضية لجأ لها الشيعة للتخفيف من وطأة الحيف الذي وقع عليهم .
وقد أفاض وأجاد السيد الخباز في إثبات واقعية العقيدة المهدوية فأجاب نقضا وحلا بأجوبة متعددة:
منها: أن أصل المهدوية فكرة مشتركة بين جميع المذاهب سواء التي وقع عليها الحيف او تلك التي تسنمت السلطة طوال التاريخ .
ومنها: تواتر النصوص الصحيحة الدالة على المهدوية فكرة ومصداقا .
ومنها: أن علماء الأنساب منذ الغيبة الصغرى والى اليوم لم ينكر أحد منهم ولادة الامام الحجة ابن الحسن بل صرح بولادته حتى ابناء المذاهب الأخرى منهم وقد أحصى المصنف في هذا الصدد سبعة عشر عالما من علماء الأنساب من غير الإمامية أثبتوا ولادة الامام الحجة ابن الحسن وإن لم يعترفوا بإمامته .
ومنها: أن أغلب المؤرخين من غير الإمامية أثبتوا ولادته سلام الله عليه ومنهم ابن الأثير في تاريخة وابن خلكان في وفيات الأعيان وغيرهما مما يقرب من عشرين مؤرخا من غير الامامية .
وهكذا ساق المصنف أدلة كثيرة غير ذلك أقامها على واقعية العقيدة المهدوية فكرة ومصداقا وأنها ليست مجرد فرضية ومجموع هذه الأدلة لا ريب في انه يولد أعلى مستويات القطع (على فرض ان للقطع مراتب) وذلك بحساب الاحتمالات . 
2-    ومن المحاور الأخرى التي بحثها المصنف وأفاض في تفاصيلها في أكثر من مورد من الكتاب إثبات أن ( الحركة المهدوية حركة فكرية حضارية وليست عسكرية دموية ) وتأتي أهمية هذا المحور من وجود صورة نمطية عند الكثير من الناس ترتكز على روايات ضعيفة او مخالفة للقواعد والاصول العامة يتم تصوير الحركة المهدوية في ضوئها بأنها حركة دموية قائمة على الحروب وقهر الشعوب وسفك الدماء.
وفي الواقع هذه الصورة لا تمت للواقع بصلة فالحديث المتواتر عند الفريقين لم يقل فيه النبي ص أن المهدي ع سيملأ الأرض قتلى ولم يقل سيملأ الأرض معاركاً ويشحنها بالجنود والسلاح انما قال ص " سيملأ الأرض قسطاً وعدلا" وفي العدل متسع للجميع وقد تظافرت الروايات الصحيحة على أن الإمام المهدي عليه السلام يسير بسيرة جده النبي محمد ص ، فلا يبدأ بالقتال انما يبدأ بالحوار ، فليس هو نقمة على الشعوب بل هو رحمة يسع الجميع بعدله ، حتى ورد في النص: "تنعم أمتي في زمانه نعيما لم ينعموا مثله ، البر منهم والفاجر" ، فالهدف من الحركة المهدوية التأسيس لحضارة كونية يعمها السلام والقسط والعدل .
حتى شعاره (يالثارات الحسين ع) ليس المراد به الثأر بمعنى القتل وانما بمعنى إحياء مشروع الإمام الحسين ع ومبادئه وأهدافه لأن الامام الحسين عليه السلام صاحب مشروع فثأره ليس ثأرا شخصيا وانما ثاره بإحياء مشروعه ، نعم بسط العدل على الأرض يصاحبه بضعة معارك لاجتثاث الظلم ولكن ليس بالصورة السائدة عند البعض لما أسلفنا .
3-     ومن المحاور المهمة التي تطرق لها المصنف فلسفة طول عمر الامام المهدي عليه السلام ويجدر التنبيه هنا على انه تعرض للإشكال الشهير الذي سجله البعض على السيد الشهيد محمد باقر الصدر حيث ذكر في كتاب ( بحث حول المهدي ع) ان طول عمره ع لأجل اكتساب الكفاءة التي بحجم المشروع المنتظر وهذا في الواقع جواب لا ينسجم مع مؤهلات وصفات الإمام عند الامامية وقد دافع عنه السيد الخباز بأن مراده الإجابة على السؤال بما يناسب غير الامامية أو انه يقصد التكامل اليقيني للإمام في المقام الروحي .
والحق هو الأول كما ذكرت في مقال سابق فالسيد الشهيد قد صرح بأنه أخذ بالحسبان ان المتلقي من غير الامامية وبكل الأحوال فإن السيد الخباز طرح هنا بحثا دقيقا حو تكامل الأئمة اليقيني في المقام الروحي أظنه بحثا رائدا يستحق أن يتوقف الباحثون عنده .
وقد ضم الكتاب محاور أخرى كثيرة جدا موزعة على ثلاثة عشر مبحثا منها دور المرأة في الحركة المهدوية ومنها دور المرجعية في زمن الغيبة ومنها تأسيس الحضارة الكونية في زمن الظهور ومحاور أخرى كثيرة ومهمة لا يسعها هذا المختصر .
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


الشيخ ليث الكربلائي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2020/04/08



كتابة تعليق لموضوع : قراءة في كتاب الحقيقة المهدوية للسيد منير الخباز
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net