صفحة الكاتب : نزار حيدر

أَسْحارٌ رَمَضانِيَّةٌ السَّنةُ السَّابِعَةُ (١٧)
نزار حيدر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

(د)

{قَالَ فِرْعَوْنُ آمَنتُم بِهِ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ ۖ إِنَّ هَٰذَا لَمَكْرٌ مَّكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُوا مِنْهَا أَهْلَهَا ۖ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ* لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْخِلَافٍ ثُمَّ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ}.

كما أَنَّ عالمَنا العربي والإِسلامي مليءٌ بمثلِ هَذِهِ النَّماذج، ولذلكَ نرى كلَّ هذا الدَّمار وكلَّ هَذِهِ الدِّماء والأَعراض المُستَباحة من أَجلِ أَن يبقى [سيادتهِ] علىرأس ِهرمِ السُّلطة وليسَ بعد ذَلِكَ كيف يَكُونُ الثَّمن.

حتى أَقنعَنا الطُّغاة والجبابِرة بأَنَّ معنى النَّصر الحقيقي هو أَن يكونَ الزَّعيم في السُّلطة فقط وما دُونَ ذَلِكَ ثمنٌ زهيدٌ يدفعهُ الوطن والرَّعيَّة [فِدوة] لَهُ!.

أَلا ترى أَنَّ رعايا [سيادتِهِ] يلهثُونَ خلفَ سيَّارتهِ كالكِلابِ السَّائبة وهيَ تصرخ بأَعلى صوتِها [بالرُّوح بالدَّم نفديك يازعيم]؟! وآخرُون يهدِّدونَ بحرقِ البلد إِذامسَّ أَحدٌ شعرةً في رأسِ الزَّعيمِ المُلهَمِ؟!.

الزَّعيمُ عندنا [نِصفُ آلهة] والسُّلطة هي الصَّرح الذي يبلغُ بهِ الطَّاغوت أَسبابَ السَّماواتِ كما يحدِّثنا القُرآن الكريم بقَولهِ {وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَاعَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَل لِّي صَرْحًا لَّعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَىٰ إِلَٰهِ مُوسَىٰ وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ}.

وقَولهُ تعالى {وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَّعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ* أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَىٰ إِلَٰهِ مُوسَىٰ وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا ۚوَكَذَٰلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ ۚ وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبَابٍ}.

ولذلكَ ترى أَنَّ كلَّ الزَّعامات في بلادِنا تحتفي بالنَّصر بُعدَ كُلِّ أَزمةٍ على الرَّغمِ من كلِّ هذا الدَّمار وعلى امتدادِ عقودٍ من الزَّمن، لأَنَّ الحاكمَ لا يُعيرُ كلَّ ذلكَ أَيَّةأَهميَّة إِنَّما الشَّيءُ المُهم الوحيد هو أَن يكونَ في السُّلطة فيفلت من الفِتَنِ والحرُوب والأَزمات!.

وهكذا اقتنعت شعوبَنا بهذهِ النَّظريَّة وتعايشت معها فتراها تُردِّد زغاريد النَّصر والأَناشيد التي تُمجِّد [القائد الضَّرورة] الذي أَفلتَ من الأَزَمات المُتتالية بغضِّالنَّظر عمَّا قدَّمتهُ البِلاد والشَّعب مِن ثمنٍ باهض!.

فالعراقُ كانَ مُنتصراً في زمنِ الطَّاغية الذَّليل صدَّام حسين على الرَّغمِ من أَنَّهُ لم يربح حرباً بالمُطلق، والعكسُ هُوَ الصَّحيح فلقد كان يتنازل عَن أراضٍ ومياهوسيادة كُلَّما زجِّ البلادَ في حربٍ عبثيَّةٍ!.

مع كلِّ ذلكَ فالعراقُ مُنتصِرٌ لأَنَّ نِهايات الحرُوب كانت أَنَّ الطَّاغية لازالَ في السُّلطة ولَم يتزحزح عنها وهذا هُوَ المُهم، فهوَ معنى النَّصر الحقيقي!.

نَحْنُ أَمام نهجَينِ؛ الأَوَّل يتشبَّث بالسُّلطة مهما كانَ الثَّمن والثَّاني زاهدٌ فيها إِذا كانت سبباً للتَّدمير، أَوَ إِذَا شعرَ صاحبَها أَنَّها ليست أَداةً لإِقامةِ العدلِ.

فما هُوَ الفرقُ بينهُما؟!.

أَو بعبارةٍ أَدق؛ ما الذي يُميِّز صاحب كلَّ نهجٍ مِن النَّهجَينِ؟!.

أَوَّلاً؛ بينما لا يجدُ صاحب النَّهج الأَوَّل نفسهُ إِلَّا بالسُّلطة ليزيِّن بها شخصيَّتهُ، فإِنَّ صاحب النَّهج الثَّاني لا يرى فيها أَيَّة إِضافة لشخصيَّتهِ، بالعكس فهو الذييُزيِّنها إِذا اعتلاها، بأَخلاقهِ وسلوكهِ وعدلهِ وحزمهِ واستقامتهِ ونزاهتهِ وشجاعتهِ.

يقولُ أَميرُ المُؤمنينَ (ع) متحدِّثاً عن ذلكَ بقولهِ لمَّا أَرادهُ النَّاس على البَيعةِ بعد قتل عُثمان {دَعُوني وَالْـتَمِسُوا غَيْرِي فإِنَّا مُسْتَقْبِلُونَ أَمْراً لَهُ وُجُوهٌ وَأَلْوَانٌ لاَ تَقُومُ لَهُالْقُلُوبُ، وَلاَ تَثْبُتُ عَلَيْهِ الْعُقُولُ، وَإِنَّ الاْفَاقَ قَدْ أَغَامَتْ، وَالْـمَحَجَّةَ قَدْ تَنَكَّرَتْ.

وَاعْلَمُوا أَنِّي إنْ أَجَبْتُكُمْ رَكِبْتُ بِكُمْ مَا أَعْلَمُ، وَلَمْ أُصْغِ إِلَى قَوْلِ الْقَائِلِ وَعَتْبِ الْعَاتِبِ، وَإِنْ تَرَكْتُمُونِي فَأَنَا كَأَحَدِكُمْ; وَلَعَلِّي أَسْمَعُكُمْ وَأَطْوَعُكُمْ لِمنْ وَلَّيْتُمُوهُ أَمْرَكُمْ،وَأَنَا لَكُمْ وَزِيراً، خَيْرٌ لَكُمْ مِنِّي أَمِيراً!}.

*يتبع..

١٠ مايس [أَيَّار] ٢٠٢٠

لِلتَّواصُل؛

E_mail: nahaidar@hotmail.com


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نزار حيدر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2020/05/11



كتابة تعليق لموضوع : أَسْحارٌ رَمَضانِيَّةٌ السَّنةُ السَّابِعَةُ (١٧)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net