تأملات في تاريخ بغداد اثناء وباء الطاعون الأسود
د . طريف فاضل

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

اجتاح الوباء العالم وأوروبا بين عامي 1347 و1352 وتسبب في موت ما لا يقل عن ثلث سكان اوربا وانتشر في نفس الوقت في آسيا والشرق الأدنى، بل بعض المصادر تشير انه ابتدأ من الصين أيضاً !!!. سمي الوباء بالموت العظيم أو الطاعون العظيم للتأكيد على رعب وخراب هذا الوباء من المرجح أنه قتل ما يقدر بنحو 75 إلى 200 مليون شخصا في القرون الوسطى وفقا للمؤرخ فيليب دايليدر.
وقد أشارت اتجاهات البحوث الأخيرة إلى أن 45% إلى 50% من سكان أوروبا ماتوا خلال أربع سنوات.هناك ثمة قدر لا بأس به من التباين الجغرافي. ففي أوروبا والبحر الأبيض المتوسط وإيطاليا وجنوب فرنسا وإسبانيا، حيث انتشر الطاعون لأربع سنوات على التوالي مات 80% إلى 75% من عدد السكان.أما في ألمانيا وبريطانيا مات 20% من عدد السكان، أما في الشرق الأوسط فإن الموت الأسود قتل نحو 40% من سكان مصر أما في بغداد فكان
الشيخ حسن بزرك قد انتزع الحكم في بغداد سنة 1336م من الدولة الايلخانية المغولية قبل الوباء العالمي ، ثم حكم بصفة مستقلة منذ 1340م ربما اثناء تفشيه في الشرق فاصبح العراق واجزاء من ايران تحت سيطرتهم وذلك بعد مئة سنة من سقوط بغداد على يد هولاكو واصبحت بغداد عاصمة لاول مرة بعد سقوطها ولكن لمدة 20 سنة ، فأعاد لبغداد عهدها القديم وعادت اللغة العربية هي اللغة الرسمية قبل ان ينقل العاصمة ابنه الشيخ أويس الى تبريز بدلًا من بغداد ولكنهم جعلوا البصرة عاصمة ايضا بعد ذلك. نعود الى الشيخ حسن و بعد 7 سنوات من ازدهار بغداد في عام 1347 اصبح الطاعون جائحة اصابت العالم بأسره الذي لم تسلم بغداد منه كما تقدم .
وبعد سنتين فقط اي عام 1349 عاود الطاعون ظهوره في بغداد حيث أنتقل من الدجيل الى الكاظميةومات نقيبها بالمرض وظل الوباء يعاود على بغداد وفي سنة 1390 زمن الدوله الجلائريه أيضاً ظهر مرة اخرى بشكل رهيب وتسبب في وفيات كثيره بلغت أكثر من مائة شخص يومياً في بغداد ..
حكم بغداد مرجان خادم ثم وزير اويس ابن حسن بزرك عندما خلفه شيخ أويس (1356م) على بغداد عندما نقل العاصمة الى تبريز و خرج مرجان على مولاه بقصد الاستقلال بحكومة بغداد مرة اخرى كما كانت في عهد الشيخ حسن، ولقد خطب مرجان على أهل بغداد وبشّرهم بنهاية حكم الدولة الإيلخانية فصدقّوه وأطاعوه فجمع منهم الجيش وخرج بهم لملاقاة جيش اويس.وأثناء عودة السلطان أويس بجيشه حاملاً معه جرحاه من معاركه غرب ايران علم بخبر مرجان وعندما وصلوا بعقوبة حدث فيضان لنهر دجلة حيث وصلت المياه لعدة نواحي من نهر دجلة إلى منطقة الشماعية. ووصل السلطان أويس إلى ساحل الماء وأمامه مسافة طويلة للساحل فعملوا زوارق للعبور، وما أن وصلت الزوارق قرب الساحل حتى إنهالت عليهم قذائف المنجنيق من جيش مرجان وقتلت عدد كبير منهم، ثم التقى الجيشان و وقعت معركة بينهما، فقُتل فيها معظم جيش مرجان، ووصل السلطان أويس إلى قصرهِ في بغداد، ودخل القصر، وشاهد مرجان وهو جالس، فقال السلطان لمرجان مد عنقك لأقطعها ففعل مرجان، فرفع السلطان السيف لكنه لم يفعل وكره قتلهِ، فخرج مرجان من قصر السلطان وهو يمشي في بغداد ويرى الجرحى والقتلى والدماء، وهو يبكي ويقول (ليت السلطان قتلني وما رأيتُ هذا).ولقد جمع مرجان كل أمواله بعد أن أعتزل الحكم والسياسة وبنى مدرسة ومسجد كبير يعرف الآن باسم جامع مرجان، ومنها خان كبير يسمى خان مرجان، وهي اليوم سوق في وسط بغداد في منطقة الشورجة وتم ذلك عام 758هـ/ 1356م
و من عمارة الجلائريين ايضا جامع سيد سلطان علي ايضا....
هل ساعدت اعظم جائحة في التاريخ على استقلال بغداد عاصمة الجلائرين اثناء جائحة الموت الاسود عندما رجعت بغداد عاصمة بعد سقوطها على يد هولاكو ؟ بغداد كانت قد استقلت قبل الوباء حسب المصادر ولكنني ارى ان الجائحة قد تكون ابتدات في المشرق قبل سنوات من ظهورها في اوربا ولكن المؤكد ان بغداد لم تعد عاصمة بعد الجائحة ب 4 سنوات فقط حيث انتهت الجائحة في 1352 وساعدت الجائحة كما أرى على استقلال بغداد وانشغال العالم عنهت والدليل سقطت مرة اخرى في عام 1356 بعد انتهاء الجائحة و زوال مخاوف الطاعون

الموضوع السابق مفهوم الوسطية في الاسلام كيف نفهمه؟

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat