فيضٌ من ربى المولد المبارك
نور يتأرجح بين السطوع والخفوت، عبارة عن رعود و برق شديد و نجوم تتهاوى... والراهب (شق) ينظر إلى السماء بتعجب ودهشة، وهو ينظر إلى يديه التي شلت فما عادت تطيع مداها الأشياء. بعدما كان يفتخر بأنه قادر على أن يقول للأرض: قفي... فتقف صاغرة طوع سحره وشياطينه، ليحركها بأي اتجاه يشاء. وإذا برجل يسأله:
يا شق هل عجفت خصوبة سحركم؟ أم هرمتْ فحولته؟
الكاهن (شق): لا أدري!!!
لا شيطان بمقدوره أن يسترق السمع مثلما كان..
كي يأتينا بالأنباء عجبٌ.. شهب ترجم كل مردة هذا الكون!!!
والمؤبذان.. كاهن كل مجوس الأرض.. جاء يحدثني برؤياه الآن؟
وكل سحرة هذا الفيض المهدور..
يا كهنة كل الأوجاع، لا تصرخ يا (شق) لا تصرخ يبدو إن مستقبل كهانتكم قد توغـّل في وحل النسيان وضاع. فما عاد مردة الأنس ولا مردة الجن.. دعني اسأل علماء الكتاب هل مرت في صحائفكم أشياء من هذي الأحداث؟ هل تعرف الشياطين لِمَ رحلت العجائب عنا ؟ كيف اختبأت العجائب منا؟ فإلى متى سنبقى نراوغ مهازل أسرار لا تنفع.
وما نفعل إن كان الرمل اخرس.. والطلع اخرس.. والسحر اخرس..
ولا يتكهن بمقدوره إنسان بعد اليوم... فيأتي الصوت... غريب.. ما يحدث حقاً!!!
كيف يصير الكهنة خرسان؟ وها هي السماء تبرق في كل الأوقات- تحبو النجوم - بريقٌ..
فمن يجايل هذا الذي يحدث أمام مرأى الجميع؟ أين الكاهن سطيح؟ وأين ؟ أين كل كهنة الدعوات..؟ ماذا يحدث؟ هل زعل هبل (يضحك) أم ماتت مناة؟ هل ستغرق الدروب؟ بصمت اللا أدري؟!!!
أم ثمة من سيحدثنا عن معلوم يملؤه فيض حياة ؟ هل جدبٌ ؟ أم خصبٌ ؟
هل ماتت السماوات في ريعان صباها ؟ أم هناك ما نجهله ؟
في كف سماء مشبوبة تجتاح لظاها الأحياء... صوت يبرق في لحظة سكون: لا تخافوا
فيجيب الكاهن (شق): من أجل أن لا نخاف.. لابد أن نعرف الأسباب أو ظل الأسباب
فيأتيه الصوت شهباً جامحة تطارد أشرار الشياطين.. وهذه يعني بشارة خير ستقصم ظهر الأشرار..
الكاهن شق (يضحك ساخرا): نعاني الخوف خريفا ما شاب يوما... نرتعش.. ترتعش الرؤيا فترتجف الأشياء.. نحنُ بلا نحنُ الآن.. وإذا بنا نصحو على من يدّعي كنه الأشياء.. فليس كل ما تكابده بشارة!!! أية بشارة هذي التي أرعبت الكهان ؟ صوت:ـ بل أرعبت التيجان فمن رأى النعمان، وهو يقرأ كتابا: من كسرى ملك الفرس إلى النعمان بن المنذر ملك العرب..؟
خفقاتُُ السماء غلبتنا- هل ما نكابده مجرد وهم؟ أم هي أشياء لم نألفها من قبل فلا يمكن أن نطلق الأحكام جزافا.. لكنها أورثتنا الشهقات.. فمن حقه أن يثكل الصوت أو أن يموت وأعجب ما في الأمر أن يجهل ما يحدث رجال الكهنوت.. والرهبان.. ومؤبذان المجوس.. أوه مؤبذان المجوس يحرض في الرؤيا ألف بذرة خوف وكأنه يقول: يا سادة تيجان العالم بانتظاركم الموت.. والاندحار وشيك..
وكأنه يقول: سينهض كل المذبوحين بسيف الجبروت.. انهض لي من اسأله يا نعمان فانا صرت أرى العرش مجرد تابوت.. ماذا يعني؟ أن لا نبصر وسط الضوء.. عميان نحن أم بريق صواعق لا تهب الرؤيا يبدو إن هذا قدر.. قدرٌ أن يبرق سيف يحز وريد العروش..
أنا لا يهمني الآن ما ورثته من مجدٍ أو تاريخ.. ما يهمني فقط أن اعرف سر هذا البرق.. من يبعد هذا البرق عني هذا الخوف اللهب الذي في أحشائي يستعر الآن.. أبعدوه عني.. خبئوني في سرداب لا تراه سماء.. حتى لو كان قبرا..
فيرى خلفه راهبا يتنصت للكلام..
من أنت؟ وماذا تريد أجئتَ كما البرق.. لتعري خوفي حتى صرت لا أبصر ما تبصره العين!!
هل جبن أن أخشى يا هذا من هذي الأشياء؟ لا انه عنفوان سماء..
أتمنى لو اكتشف أن ما أعيشه اللحظة وهما...
وأصحو على ابتسامة ضوء لأغزل من تلك الغفوة فروض ولاء
أليس من حقي وأنا كسرى أن أخشى انطفاء النار؟!! منذ ألف سنة لم تخبُ لحظة أبدا.. منذ ألف عام لم تتجرأ ريح لتدنو من وصيدها المقفول بالدخان.. فقل يا هذا من أنت؟ وماذا جئت تريد؟ أنا رجل راهب اسمه عبد المسيح... ارق تعرّى في حضن تيه. جئتُ احمل محنة السؤال. قد تنزفني حروف جواب لا يصحو.. نداءات ممزقة داخل هذا القلب. الروح أرسلني مولاي النعمان كي أحمل عنك لهب الحيرة.. رغم أني اجهل ما غزتنا به السماء..
كسرى: أتفسر الرؤيا يا عبد المسيح ؟
عبد المسيح: لا لكن قد اتفيأ تحت ظل المعنى دليلا يتوسد أنين النداء.. قد ينثال هتاف الحلم طلاسم تدخل مسرى الأحزان.. قد استفز نجوما تراود نشوتها..
كسرى: (يقاطعه) فاسمع ما يرويه المؤبذان
رأيت في الرؤيا أبلا صعابا تقود خيلا عرابا قد قطعت دجلة فانتشرت في بلادها
عبد المسيح: أي شيء يكون هذا يا مؤبذان؟
المؤبذان: يكون من ناحية العرب
عبد المسيح: هناك من يخشى ويخاف من الغرق!!!
وهناك من يرسم عوالم وأكوانا على طلاسم جرح موهوم- يأخذ يعطي..
يذبح غصة الناس على ورق..
وهناك من يبحث بين النجوم التي تساقطت... يخاف النيازك ويسألني ما الأمر..؟ أحتار سيدي لأني أؤمن إن السماء لا تجيد بلاهة النزق.. هاهاها (يضحك) لقد تيهنا الصبح عن الغسق فدعني سيدي أجوب الكهانة الفتية، وأتحرى عن أسماء تساوم الغيب والمجهول.. قد يسعف الوجد شقا أو سطيح
أو ربما أحرك بيادق الأرض كي اسأل زرقاء اليمامة عن الخبر.
فالسر صار لا يحتمل السكوت ولا محل لمجاملة الصبر..
فيدخل عبد المسيح الباحة ببطء هل ترى ما نراه يا خال سطيح؟ أهي غفلة وعي تنتاب السماء؟
أم صحوة رشاد مخيف؟ لتنبع الحيرة ملاذات شجر لا يثمر إلا زفير سؤال..
ارفع طرفك يا خال سطيح وانظر لمديات ربما انتحرت بغربة مجهول!!!
الكاهن سطيح: عبد المسيح.. عبد المسيح.. على جمل مسيح.. إلى سطيح.. وقد أوفى على الضريح.. بعثك ملك ساسان لارتجاس الإيوان وخمود النيران ورؤيا المؤبذان..
هي السماء ملأت الأقطار لقد رايتها يا عبد المسيح لقد رايتها رأيت عجبا عجابا كواكب قد علت منها النيران.. كواكب يا عبد المسيح كواكب تطير بالنهار وبرق يلمع بالأنوار يدل على عجائب الإخبار..
تقول زرقاء اليمامة:
لقد منعت السماء صعود مردة الجن فهبطوا هاربين من الشهب التي لاحقتهم منهم من أغمي عليه ومنهم من مات..
يا عبد المسيح أحذركم.. أحذركم وأنا كما يبدو على نهاية مشواري في الحياة.. إذا كثرت التلاوة.. وظهر صاحب الهراوة.. وفاض وادي السماوة.. وخمدت نار فارس فليس الشام لسطيح شاما.. سيملك منهم ملوك وملكات على عدد الشرفات وكل ما هو آت.. آت..
هجوع في حضرة الموتى يطاول حسرات السحر.. وشق وسطيح ماتا عند أول بروق لنكتشف إن ثنايا وجودهم كان مجرد سراب بهلوان
هل يعقل أن تطفأ الدروب بالضوء؟ لا.. لابد أن العيب في الرؤيا. تلك حكمة تسقيها الملمات في كل آن.. فلا يمكن أن يكون الا مخاض ولادة لربيع دائم.. ولادة خير يعم الجميع
فسار عبد المسيح يبحث عن راهب متيقن عن الحال.. ما الذي يجري يا سيدي الراهب المويهب؟
المويهب: ليعلم أهل قريش.. سيلد الليلة بينهم يتيم قريش هو.. هو نبي هذا الزمان سيدعو لشهادة أن لا اله الا الله فاتبعوه كي لا تضيعوا بولادته. سترى أمه نورا يضيء له قصور الشام.. اسمه في التوراة وفي الإنجيل احمد يحمده أهل السماء والأرض.. واسمه في الفرقان محمد آمنوا به كي تسلموا هو دعوة إبراهيم وبشرى عيسى ثم يذهب إلى راهب آخر ما الذي يجري يا راهب يوسف ؟
الراهب يوسف: لاشيء غريب. فكل ما حدث اليوم ذكرته كتبنا حيث وجدت فيها: إذا ولد آخر الأنبياء سيرجم البرق الشياطين، ويحجبوا عن السماء. فانظروا من سيلد الليلة، وفتشوا ستجدون في كتفه شامة النبوة فهو بشارة موسى بن عمران: (إسماعيل قبلت صلاته وباركتُ فيه وأنميته لان سيلد في ذريته نبي اسمه محمد به يختم النبوة وسيخرج اثنا عشر إماما ملكا من نسله)
قابلت الملك سيف بن ذي يزن الذي آمن به قبل مولده
وقابل الراهب البحيراء الذي آمن به ودافع عنه
وقابل نفسه ليرى في وجوده صرختي...
فصاح اشهد أن لا اله الا الله وان محمدا رسول الله
السلام عليك يوم مولدك يا بشارة الله في العالمين
والصلاة على أهل بيتك أجمعين.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat