البطل أبو الفضل العباس (عليه السلام)
هادي عيسى الحكيم
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
هادي عيسى الحكيم

نشأ أبو الفضل العباس (عليه السلام) وتربى في بيئة تحمل بيدها مشعل النور الذي أضاء الطريق للبشرية، ورأى في طفولته وشبابه كيف يتصارع الحق مع الباطل والنور والظلام، وكان الفوز بجانب الفضيلة دائماً.
فكان (عليه السلام) جامع الفضل والمثل الأعلى للعبقرية كيف لا وهو تلميذ لأربعة من الأئمة المعصومين؛ أبيه وأخويه الحسن والحسين وابن أخيه علي بن الحسين (سلام الله عليهم).
اشتهر (عليه السلام) بكنى وألقاب وصف ببعضها في يوم الطف، والبعض الآخر كان ثابتاً له من قبل. ذكر أبو الفرج في كتابه (مقاتل الطالبيين): فمن كناه (صاحب القربة) لحمله الماء في مَشهد الطف غير مرة، وقد سُدّت الشرائع، ومنع الورود على الإمام الحسين (عليه السلام) وعياله وتناحرت على ذلك أجلاف الكوفة، وأخذوا الاحتياط اللازم، ولكنه لم يرعه جمعهم ولا أوقفه عن الإقدام تلك الرماح المشرعة ولا السيوف المجردة، فجاء بالماء وسقى عيال أخيه وصحبه، وذلك قبل يوم عاشوراء. واشتهر بين العامة والخاصة بأنه باب الحوائج لكثرة ما صدر منه من كرامات وقضاء الحاجات .
وذكر ابن شهر أشوب في كتابه المناقب: وقيل له قمر بني هاشم لوضاءته وجمال هيئته، وأن أسرة وجهه تبرق كالبدر المنير، فكان لا يحتاج في الليلة الظلماء إلى ضياء. وجاء في مقاتل الطالبيين: كان أبو الفضل العباس (عليه السلام) وسيماً جميلاً يركب الفرس المطهم ورجلاه تخطان في الأرض، ويقال له قمر بني هاشم. وذكر ابن عنبه في كتابه (عدة الطالب في أنساب آل أبي طالب): ويلقب العباس (السقاء ) لأنه استقى الماء لأخيه الإمام الحسين (عليه السلام) يوم الطف وقتل دون أن يبلغه إياه، وقبره قريب من الشريعة، وقد جاد الشيخ محسن أبو الحب في وصفه بقوله:
أبا الفضل بابك لن يغلقا***وعز معاليك لا يرتقى
إذا كان جدك ساقي الحجيج***فأنت جدير بحمل السقا
وذكر الشيخ الصدوق في كتابه (الخصال): وقد أثبت الإمام السجاد (عليه السلام) له منزلة كبرى لم ينلها غيره من الشهداء بقوله: ((رحمَ اللهُ عمي العباس بن علي فلقد آثر وأبلى، وفدى أخاه بنفسه حتى قطعت يداه، فأبدله الله بجناحين يطير بهما مع الملائكة في الجنة)) كما جعل لعمه جعفر بن أبي طالب (عليه السلام).
إن للعباس (عليه السلام) عند الله تبارك وتعالى منزلة يغبطه عليها جميع الشهداء يوم القيامة، من هنا نعرف مكانته من البسالة وموقفه من الشهامة ومحله من الشرف، فيوم عبّأ الإمام الحسين عليه السلام أصحابه أعطى رايته لأخيه العباس عليه السلام.
فكان صاحب الراية ثابت الجأش في ذلك الموقف الرهيب ثبات الأسود، مرت ليلة عاشوراء والإمام الحسين عليه السلام أمام فتيانه يبتسم للمقادير كيف تجري، وللأيام كيف تدول، يبتسم لهم ابتسامة الظافر، ثم يلقي تعاليم القائد الفاتح: (صبراً بني الكرام فما الموت إلا قنطرة تعبر بكم من البؤس والضراء إلى الجنان الواسعة والنعيم الدائم).
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat