قمة العراق ..الإنجاز الكبير
عبد الهادي البابي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
يجب أن نضع في الحسبان أن هذه القمة كانت مؤجلة من العام الماضي، وعندما تُعقد هكذا قمة مهمة وسط ظروف محلية داخل العراق وأخرى عربية أقليمية وأخرى دولية غاية في التعقيد ، فلا شك في أن يكون مجرد أنعقادها تحت هذه الظروف الصاخبة يُعد أنجازاً حقيقياً يحسب للعراق بكل أمتياز ..!!
لقد راهن الكثير من المحللين السياسيين - من الداخل و الخارج- على أن هذه القمة سوف لن تُعقد بسبب التعقيدات التي تحيط بالحالة العراقية في الداخل والخارج ، فداخلياً كما نعلم لاتزال الأوضاع الأمنية غير مطمئنة بالكامل حيث لاتزال بعض جيوب الأرهاب تقوم بعمليات دموية واسعة ، كما أن الأوضاع السياسية في العراق غير مستقرة حتى الآن ، وأما أقليمياً فهناك الربيع العربي الذي أجتاح الكثير من الدول العربية وأسقط أنظمة عربية بالفعل ، وربما كان رؤساء هذه الدول يساهمون ويحرصون على حضور القمم العربية بشكل منتظم كمصر وليبيا وتونس واليمن ، كما أن هناك أنظمة في سبيلها إلى السقوط نظراً لوجود إلحاح شعبي في ضرورة الأطاحة بهذه الأنظمة ،كل هذه الأمور تلقي بظلالها على القمة ، ولنتصور لو أن هذه القمة كانت قد عقدت في دولة غير العراق لأصابها ماأصاب الظروف التي أحاطت بالعراق قبل هذه القمة ، أضافة إلى ذلك فأن العراق يوجه رسالة للعالم وإلى العالم العربي تحديداً، بأن العراق عائد إلى الصف العربي وأن المنظومة العربية لايمكن أن تكتمل بدون العراق ، وتلك هي أهم الرسائل التي وجهتها هذه القمة بأن العراق بلد عربي مهما كان شكل أو لون الحكومة أو النظام السياسي القائم على رأس السلطة في العراق ، وأن العراق لايستطيع أن يعيش بدون الأمة العربية ، وكذلك الأمة العربية أيضاً لايمكن لها أن تستغني عن العراق ..فنحن نستطيع أن نقول بكل ثقة بأن العراق أستطاع إيصال هذه الرسالة بشكل جيد ، لأن العراق قادر على العودة بقوة فاعلة إلى الصف العربي ..
لاشك في أن قمة بغداد تستحق أن تلقب بقمة العراق ، هناك عدد من القمم العربية في تاريخ الجامعة العربية كانت تحمل لقباً معيناً نظراً لأهمية كل قمة منها ، فهناك قمة تأسيس الجامعة العربية ، وهناك قمة الخرطوم (قمة اللائات الثلاثة) وهناك قمة 2002 (قمة مبادرة السلام العربية) ..وهكذا ..هذه القمة هي (قمة العراق) بجدارة وأمتياز ، لأنها فتحت الباب واسعاً لعودة العراق للصف العربي بشكل فعلي وليس فقط على المستوى الرسمي أو البرتوكولي ، وكذلك لأن العراق تحّمل مسؤولية هذه القمة وأصّر على عقدها وأستطاع بالفعل أن يعقد هذه القمة وأن يجتازها بنجاح كبير ، وكذلك فأن التحديات والمسؤوليات التي ترتبت على رئاسة العراق للقمة كانت تحديات كبيرة ، وقد أثبت العراق بالفعل من خلال تمسكه بأنعقاد القمة في بغداد بأنه مستعد لمواجهة هذه التحديات ، لأن المسؤولية ليست متعلقة فقط بمجرد أنعقاد القمة - ولوكان هذا بحد ذاته يُعد أنجازاً يجب أن نعترف به جميعاً يحسب للعراق - ولكن أيضاً هناك مسؤوليات لاحقة وهي رئاسة العراق للقمة طوال العام المقبل حتى تنعقد القمة التالية، ونحن في فترة شديدة الحرج والحساسية تمر بها أمتنا العربية والمنطقة في مختلف الملفات بما فيها الأزمات المتفجرة مثل الأزمة السورية وغيرها ..!
أن رئاسة العراق للقمة تعكس قدرته على أدارة مؤسسة النظام العربي السياسية وربما تكون رئاسة العراق للجامعة العربية في هذه الفترة تحقق قدراً من التوازن، لأن في الفترة الماضية كان هناك مد نسبي لتيار جهوي تقوده بعض الدول العربية ..لكن العراق اليوم - بعودته القوية - أحدث التوازن الطبيعي في منظمومة هذه المؤسسة العربية العريقة ، مما يفتح الآفاق الواسعة أمام الجامعة العربية لتنطلق بحرية وتوازن لمعالجة كافة الأزمات التي تعصف بعالمنا العربي اليوم ..
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
عبد الهادي البابي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat