صفحة الكاتب : د . علاء هادي الحطاب

تخوين
د . علاء هادي الحطاب

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

أخطر ما تمر به المجتمعات هو تراجع منظومتها القيمية الأخلاقية التي تعارفت عليها وتسالمت اجتماعياً على اتباعها، إذ تصبح بمثابة حكم حاكم بين أهلها ولها حاكمية قانونية توجب الردع عند تجاوزها، فكيف ستتحول هذه المجتمعات إذا ضُربت عرض الجدار تلك المنظومة القيمية ولم تعد هناك ضابطة أخلاقية تحكم سلوكيات أفرادها، لاسيما مع ضعف تطبيق القانون أو حتى الركون إليه في تلك المجتمعات ومنها المجتع العراقي الذي شئنا أم أبينا أنه يتبع منظومة عرفية تحكم وتضبط أفعاله وسلوكياته أكثر من اتباعه لمنظومة قانونية، وأنا هنا لا أود إضعاف الركون إلى القانون أو تشجيع الركون إلى المنظومة القيمية العرفية على حساب القانون، بل اتحدث عن واقع نعيشه اليوم، فإذا ما داهم محامٍ ما خطب أو مشكلة لجأ لعشيرته قبل مركز الشرطة، بل إن الكثير من القضاة وفي إطار معالجة المشكلات الاجتماعية يمنحون طرفي المشكلة فرصة ومساحة لمعالجة مشكلتهم ودياً عشائرياً.
بعد بيان واقعية حاكمية المنظومة القيمية الاجتماعية في العراق، نلحظ بشكل متزايد وكبير تراجعاً بل ضرباً مقصوداً للجانب الأخلاقي في تلك المنظومة من خلال تجاوز سلوكيات الأفراد، لاسيما ذوي المال والنفوذ لكل أبجديات تلك المدونة السلوكية المعتمدة على المنظومة القيمية، فمثلاً وليس حصراً، لا احترام ولا تبجيل لكبار القوم ووجهائهم فضلاً عن حاكمية قراراتهم كما في السنوات السابقة، كذلك مدونة العادات والتقاليد بحرمة الدار ومن فيه تلك الحرمة الأخلاقية التي كانت تفرض على الجار محرمات هي مباحات في أماكن أخرى، لاعتبار واحد فقط وهو “ الجورة”، والأمثلة على ذلك كثيرة جداً.
وصل بنا الأمر في انهيار منظومتنا الأخلاقية إلى “تخوين” المختلف معنا سياسياً أو مذهبياً، أو آيدلوجياً أو عقيدياً، وهنا التخوين بمعناه الاصطلاحي الذي يعني انتهاكاً أو خرقاً لعهد مفترض أو لأمانة واجبة، ما يستلزم التجريم بسبب تلك الخيانة، مع الأسف وصل بنا الحال إلى أن نعد من يختلف معنا بالتوجه السياسي أو الحزبي أو الآيدلوجي خائناً لا نقبل منه بعد تلك الخيانة شيئاً، لذا لم تُعد الصداقات صادقة إذا اختلف الصديقان سياسياً، ولم يُعد للزاد والملح الذي بينهما “حوبة” حاكمة على حكم أحدهما للآخر مهما اختلفا سياسياً، وهذا بسبب انحدار بل وانهيار منظومتنا القيمية الأخلاقية.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . علاء هادي الحطاب
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/09/27



كتابة تعليق لموضوع : تخوين
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net