البعد الروحي للطواف (31) الحطيم
السيد عبد الستار الجابري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 اختلفت النصوص في تحديد الحطيم سعة وضيقاً، فدلت بعض النصوص على ان الحطيم بين ركن الحجر وباب الكعبة ، وحدد في الرواية انه الموضع الذي تاب ااالله تبارك تعالى فيه على ادم (عليه السلام)، فيما وسعت نصوص اخرى مساحة الحطيم لتشمل ما بين الركن والمقام وعبرت عنه الرواية بانه حطيم اسماعيل (عليه السلام) وهو الموضع الذي كان يرعى فيه غنيماته ويصلي فيه .
ولعل الفرق بين النصوص لحاظ الافضلية حيث دلت بعض الروايات على ان افضل مكان يصلي فيه الناسك هو ما بين الباب وركن الحجر ويليه في الفضل مابين الركن والمقام في الموضع الذي كان فيه على عهد ابراهيم (عليه السلام) والنبي محمد (صلى الله عليه واله) وبعده في الفضل خلف المقام في موضعه الحالي .
وفي بعض النصوص ان افضل بقعه للعبادة على وجه الارض هي الحطيم فعن فقه الرضا(... وان تهيأ لك ان تصلي صلواتك لكلها عند الحطيم فافعل، فانه افضل بقعة على وجه الارض، والحطيم ما بين الباب والحجر الاسود وهو الموضع الذي فيه تاب الله على ادم (عليه السلام) ) 
فمن هنا يتضح ان افضل مكان للتعبد والدعاء وطلب المغفرة والتوبة هو الحطيم وهذا الامر تناقله المسلمون كابراً عن كابر، لذا تراهم يزدحمون في المنطقة ما بين الحجر والركن العراقي ليصلوا هناك ويدعوا ويستعفروا، فان هذا التلقي الشائع بين المتفقهين من المسلمين يكشف عن اصل شرعي لهذا الوقوف والالتزام الدائم من الناسكين، واتفاق اهل القبلة عليه يدل بالالتزام على ان ذلك منقول عن اصل الارتباط بين العالم العلوي واهل الارض وهو النبي (صلى الله عليه واله) المبلغ عن الله تعالى رسالاته.
وهذا يدل على ان العالم مبني على التفاضل الذاتي، فترى في اصل خلقة بني آدم ان الله تعالى اصطفى بعضهم والبعض الاخر بشر ممن خلق، حتى قال تبارك اسمه ﴿ان الله اصطفى آدم ونوحا وال ابراهيم وال عمران على العالمين ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم﴾  وقال ﴿انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيرا﴾  وقال ﴿وكذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء انه من عبادنا المخلصين﴾  وقال ﴿واذ قالت الملائكة يا مريم ان الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين ֍ يا مريم اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين﴾ .
وتتفاوت مسالة التفضيل بني شخص واخر سواء في الصنف الذين اصطفاهم حيث قال تبارك واسمه ﴿تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات واتينا عيسى بن مريم البينات وايدناه بروح القدس﴾  اوبين البشر العاديين على اساس العمل والاخلاص التي للنوزاع الذاتية للانسان دور مهم فيها، اذ لها دور مهم في تحديد توجهات الفرد وميوله التي تدفعه نحو اختيار جانب ما، فاذا عمل على اساس تهذيب نوازعه الذاتية وتقديم ارادة الرب على هوى نفسه تحققت فيه الملكة التي يستحق على اساسها التفضيل ﴿ يا ايها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم ان الله عليم خبير﴾

الموضوع السابق الإعداد الروحي..  (8) الإعداد الروحي والمهام العظيمة(1)

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat