صفحة الكاتب : مصطفى الهادي

 الفوضى في الكتاب المقدس.
مصطفى الهادي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 ينتشر الشذوذ عندما تُكسر الشرائع وتقتحم عالم الطفولة وتكسر حرمته، ولذلك نرى العالم المسيحي يُحاول التنصل من مسؤولية اشاعته لهذه الرذيلة عبر الاتجاه للعلمانية والالحاد ورمي الدين بعيدا عن حياته اليومية وكأنه شعر بأن اساس عقيدته الاخلاقية والدينية (الكتاب المقدس) هو المروّج الاول لكل انواع الشذوذ والانحراف والرذيلة واشاعة الفوضى الأخلاقية. وبسبب هذه العقدة حاول جاهدا البحث عند الآخرين على أي نقطة تبرر لهُ ما ورد في دستور اخلاقه، وكأنه يريد أن ييقول بأن الأديان الأخرى تشاركنا في ذلك . ولكن هيهات أن يحصل على ما يُبرر له ذلك . فعندما تقرأ مثلا في سفر نشيد الإنشاد ما يقشعرّ لهُ بدنك (لنا أخت صغيرة ليس لها ثديان. فماذا نصنع لأختنا يوم خطبتها).(1) فهذه الطفلة المسكينة لم تبلغ بعد سن الثالثة من عمرها ولم تظهر عليها علامات البلوغ (ليس لها ثديان) ولكن اخوتها يُريدون تزويجها ، وزوجوها فعلا من رجل يكبرها بخمسين عاما. ولذلك عمد كهنة الكتاب المقدس للبحث هنا وهناك لعلهم يجدوا شيئا يُخففون به من قساوة هذه النصوص التي ينسبوها إلى ألله تعالى والتي وضعوها هم في كتابهم المقدس. ولما لم يجدوا سوى احاديث خارج نطاق (القرآن) تعلقوا برواية تقول أن النبي تزوج عائشة وهي بنت تسع سنين. وهذا غير ثابت وفيه نظر ونقاش كبير لأننا لو قسنا عمر عائشة إلى تاريخ ميلاد اختها اسماء لرأينا ان عمر عائشة حين تزوجها النبي كان قريب من عشرين سنة. ولكن ماذا يفعل كهنة المسيحية وهم يرون كل قواميسهم وتفاسير كتابهم المقدس تقول بأن مريم العذراء تزوجت من يوسف النجار وهي في عمر (12) عاما في حين كان عمر يوسف النجار (90) عاما؟! لقد كان الفرق بين عمر يوسف النجار ومريم أكثر من (78) عاما. (2)
ولم تكن قضية مريم وحدها تُشجّع على زواج الصغيرات ، فهذا آحاز تزوج وهو ابن (10) سنين ، وانجب ابنه حزقيا وهو بعمر (11) سنة. (3) وكانت زوجته اصغر منه بسنة اي تسع سنوات.
ولعلنا لا نستغرب هذه الفوضى الاخلاقية في الكتاب المقدس إذا رأينا أن التفسير يذهب ابعد من ذلك كما نقرأ ،ومنها التلمود حيث يقول الراباي يوسف : (بنت ثلاث سنوات ويوم واحد، تُزوّج وتُجامع).(4) ثم يأتي الراباي شمعون بن يوحاي فيقول : (دون سن الثلاث سنوات ويوم واحد حلال للكاهن ، كل طفلة لم تعرف مضاجعة رجل).(5)
الأغرب من ذلك أن يتبنى بعض انصاف المثقفين المسلمين ممن تعلمنَ او ألحد التهم الموجهة لنبي الاسلام او للمسلمين بصورة عامة من أنهم يُجيزون زواج الصغيرات ، مع عدم وجود الدليل لديهم من القرآن الكريم الذي هو الدستور الاخلاقي لأمة الاسلام. فكل ما يطرحونه هو ممارسات عشائرية تتم هنا او هناك ، لا بل أن اغلب ما يستدلون به هو سماع وليس حضور أو مشاهدات شخصية جرت أمامهم. وسبب ذلك هو تبني الفكر الوافد من دون دراسة او تمحيص.
أن سبب اثارة موضوع زواج القاصرات من قبل اتباع الكتاب المقدس هو للتغطية على ما ورد في كتبهم من فضائح ومخاز بحق أنبيائهم حيث نسبوا لهم كل رذيلة وموبقة ابتداء من المثلية الجنسية التي مارس فيها (حام ) الجنس مع أبيه (نوح) . وكذلك زنا المحارم الذي مارست فيه ابنتا لوط الزنا مع ابيهما واغتصاب النبي داود لزوجة صديقه اوريا. وافتراع ابن داود لأخته، ووضع نسب للسيد المسيح من عاهرات، ناهيك عن اتهامهم للأنبياء بشرب الخمور واكل النجاسات والظلم والجريمة والكذب والدجل والاحتيال.
بسبب ذلك نرى اليوم الفوضى والاباحية ونبذ الاخلاق تعم العالم المسيحي. وهناك محاولات خطيرة لنشر هذه الأمراض في اوساط الامم التي لا تزال تحافظ على شكل من اشكال الالتزام الاخلاقي، حيث يُستغل ضعاف النفوس وجهلة الامم وبسطاء الناس لتمرير هذه المشاريع الخطيرة عبر منظمات وجمعيات مشبوهة تعمل تحت عناوين براقة مثل : منظمات حقوق المرأة ، او منظمات المجتمع المدني ، ومنظمات صداقات بلا حدود ، واغلب التقارير تؤكد تحوّل عمل هذه المنظمات من عمل اجتماعي إلى عمل جاسوسي. حتى تحولت هذه المنظمات إلى هاجس للدول والحكومات بعد أن اصبحت رأس حربة او طابور خامس. وقد كشف (زينغيو بريجنسكي) مستشار الامن القومي في زمن جيمي كارتر دور هذه المنظمات وانها احدى اذرع الليبرالية الدولية والرأسمالية والعولمة. وهدفها اختراق الحركات القومية والأيديولوجية واختراق عقول المثقفين بهدف انتزاعهم وتفريغهم ليصبحوا حركات جماهيرية بلا رؤية. كما حصل في تشرين ، وثورات الربيع العربي .(6)

المصادر :
1- سفر نشيد الإنشاد 8 : 8.
2- كتاب العذراء مريم : حياتها ، رموزها ، القابها وفضائلها وتكريمها. الانبا غريغوريوس أسقف عام الثقافة القبطية ص : 21. يقول الكتاب : عندما بلغت مريم الثانية عشر سنة من عمرها القى الكهنة عصيّهم اليابسة في الهيكل فاخضرّت عصا يوسف النجار وأورقت فخطبوا له مريم.القرآن يذكر هذه الحادثة ولكن بصورة مغايره فكفالة زكريا لمريم كانت اشراف وتربية ورعايتها في الهيكل وليس الزواج بها. (إذ يلقون اقلامهم ايهم يكفل مريم) ولكن دائرة المعارف الكتابية تحت حرف (م) كلمة مريم في الجزء السابع صفحة 125. تقول : (شهدت نصوص الإنجيل على أن يوسف النجار هو زوج مريم رسميا ومريم زوجة يوسف رسميا مع أن يوسف كان في نحو التسعين من عمره ومريم صبيّة في الثانية عشر من عمرها).
3- انظر سفر الملوك الثاني : 16 : 2. وكذلك كتاب شبهات حول الكتاب المقدس القس منيس عبد النور حيث يقول : (لا مانع ان يتزوج آحاز بعمر عشر سنين ويلد في عمر احد عشر عاما).
4- انظر التلمود الطبعة العربية سانهدرين ص : 55 العمود : ب.
5- التلمود فصل بقاموت ، ص : 60 العمود ب. الراباي شمعون بن يوحاي.
6- قديما استغل ذلك الشيوعيين والملاحدة والعلمانيين ولما اصبحت هذه الحركات قديمة ظهرت لنا منظمات تتناغم وعصر العولمة والانترنت.علما ان هذه الجمعيات والحركات لم تشن حملاتها ضد أي دين آخر فقد كانت سهامها موجهة للاسلام فقط. فهي لم تقدم ايديولوجيات معينة تفيد البشرية ولكنها تشن الهجمات تلو الهجمات على الاسلام.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


مصطفى الهادي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2023/02/28



كتابة تعليق لموضوع :  الفوضى في الكتاب المقدس.
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net