(تأملات في كتاب المصابيح /سماحة السيد احمد الصافي )53
علي حسين الخباز
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
علي حسين الخباز
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
من مميزات تفسير الخطاب أن يكون تفسيرا منطقيا حقيقيا، يذهب إلى تأويل علامات النص دون قسر تأويلي لمصلحة أو رأي يكشف المعنى ويستخرج الدلالة.
التأمل في كتاب المصابيح لسماحه السيد أحمد الصافي أخذنا إلى منحى أهم، البحث في مزايا الأسلوب وكيفيه تفاعل تلك الرؤى التفسيرية أو التأويل إلى عوالم المتلقي، لتصل إلى ترسيخ المفاهيم عبر المساحة التأثيرية التي تجعل المتلقي مشاركا.
عندما نذكر مكارم الأخلاق سنفسر ما في المفهوم العام لأعمال حسنة بمعنى أننا أخذنا جانبا ونسينا جانبا، مكارم الأخلاق لها وجهان،
الأخلاق التي يتحلى بها الإنسان
والاشياء التي يتخلى عنها الإنسان
(فضائل & رذائل)
(نتخلى عن الموبقات ونتحلى بالفضائل)
الإمام السجاد عليه السلام يدعو الله سبحانه وتعالى
(اللهم لا تدع خصلة تعاب مني إلا أصلحتها)
يذهب السيد أحمد الصافي إلى المضمون الدقيق لنفهم الأبعاد النفسية لمكونات الجملة في ضوء علاقة النص، المضمون الفكري العام، مثلا النظر إلى (لا تدع خصلة) جاءت خصلة فكرة بمعنى هي أي خصلة من الخصال (تعاب مني) هناك خصلة تعاب في جوهرها، وهناك خصله يعيبها الناس وإن لم تكن معيبة في مضمونها الحقيقي.
ليس نقد الناس لخصلة ما يعني أنها غير حسنة دائما، فقد عاب البعض على الأنبياء (ما أوذي نبي مثلما أوذيت) بمعنى أن الرؤية التفسيرية قادرة على تمكين المعنى في ذهن المتلقي.
الخصال التي تعاب هي التي تترك آثارا دنيوية وأخروية آثارا شرعية.
ارتكز البحث عند السيد أحمد الصافي على أربع مرتكزات مهمة منها
1) البصيرة
ــــــــــــــــ الجلوس مع الذات وقراءة صحيفة الأعمال ومحاسبة النفس
2) المقارنة
ــــــــــــــــ أن نقارن أنفسنا بغيرنا، هنا تكمل لعبة إبليس فهو يسول لنا سبل المقارنة مع النماذج السيئة
3) الهمة
ــــــــــــــــ همة المؤمن بمسعاه إلى الكمال، يصحح مسار المقارنة باستحضار نماذج خلوقة تمتاز بالأدب والثقافة والإيمان، لنقارن أنفسنا بهذه النماذج الجيدة
4)الغفلة
ــــــــــــــــ عدم الالتفات إلى النفس وما تقترف من ذنوب، والله سبحانه وتعالى لا تخفى عليه خافية، لذلك تكون عملية احتطاب الذنوب، ويبقى أمامنا التوجه، تأويل بنية النص دلاليا يمثل قمة التواصل.
مثل جوهر الاستعانة بالله سبحانه وتعالى على تخفيف الذنب الإمهال (إن الله أكثر فرحا بتوبه العبد منه) على الإنسان كحصيلة تجربة أن يستثمر هذا الإمهال وهذه الرحمة الإلهية هذه الخصال التي تعاب لا بد أن نتداركها الآن قبل فوات الأوان.
قصه الإصلاح لا بد أن ندركها في الدنيا، لأن إصلاحها يوم القيامة من المعجزات، ومن ضمن هذا الإصلاح هو كرم الإنسان لنفسه سخاء البحث عن حوائج الناس ليعطيها.
يتكون هذا الدعاء المركب من ثلاث فقرات اللهم صل على محمد وال محمد.
1) وأبدلني من بغضة أهل الشنآن المحبة
2) ومن حسد أهل البغي المودة
3) ومن ظنة أهل الصلاح الثقة
باعتبارها منظومة تواصلية ذات فعالية تكشف أبعادا نفسية واجتماعية تاريخية وجمالية وتداولية، الإنسان يبحث دائما عن قرين يشابهه وهذه السمة من سمات التواصل الإنساني
وهذا الذي لا يتصل بتقاربات الذوق والأفكار، لكنها عبارة عن مشاعر إنسانية، تتوالد برؤى وأفكار تناسبها سيشعر بالراحة.
القضية في هذا الدعاء أعمق بما تحمل من بؤر دلالية عميقة.
الإنسان طموح بتهيئة الألفة والصحبة مع الناس التقاة، قد يكون المعنى طبيعي يدعو الله بتغيير الصحبة من أهل البغض بأخوة، بناس محبين متواصلين للمودة، التصور المألوف هو استبدال الصحبة، هو البحث عن قرين يتوافق معه في السلوك الإصلاحي، وهذا ليس غريبا عن الإمام السجاد عليه السلام، الإمام المعصوم يبحث عن الإصلاح، الإصلاح الذي خرج الحسين عليه السلام من أجله، دعوة النبي لمكارم الأخلاق هو إصلاح.
المعنى الدلالي هنا يذهب بعمقه الذهني والذي يمكن أن تعتمده، في تفسير جميع المواقف الإصلاحية لأهل البيت عليهم السلام، الحسين عليه السلام كان يريد أن يتحول المبغضين من جند ابن سعد إلى محبته ويجسد الأمر في موقف الحر ومن معه مثل (أبو الشقاء، وجوين بن مالك) والكثير من الذين تحولوا من معسكر ابن سعد إلى معسكر الحق، معسكر الحسين، هذا هو قصد الدعاء عند الإمام السجاد عليه السلام، لا يريد أن يستبدل هؤلاء المبغضين بأناس غيرهم يحبونه، وإنما يريد من هؤلاء المبغضين أن يتحولوا إلى محبته، وهذه القمة في طلب الخير للأخرين، مثل هذه الأفكار تنمي التربية عند الإنسان، المودة إصلاح (الذات ـــ المجتمع) ومن أسسها الإحسان من أهم تعاليم الأئمة عليهم السلام أن لا ندعو على الذي يبغضنا بالويل والثبور إبدال صفة البغض بالمحبة، الله يجعل المودة قبالة الحسد وإذا بالحسد يتحول إلى مودة.
هذه التقابلات الثنائية تغير سماتها وجوهرها ومضمونها و (الظنة) هي الظن: عدم اليقين، حالة عدم الثقة بالأخر، والإمام عليه السلام لم يقل ظنة أهل البغي بل قال أهل الصلاح لأنهم دعامة من دعامات المجتمع، يبدل ظنهم بالتودد ليس في نفوسهم شيء سيء لهذا
أولا) تعدد هذه النقاط تعد أسس تربوية اجتماعية
ثانيا) أن نثق بأهل الصلاح فلا ندعو على أحد من أهل الصلاح بالويل والثبور لكون الظن صفه غير صحيحة.
ثالثا) ندعو الله أن يبدل هذه الصفة عنده بنحو من الثقة.
رابعا) عندما أوجه الظنة لأحد، لا بد أن أوجهها لنفسي أولا أتمنى من الله أن يصلح لي عيوبي.
يوضح لنا الإمام عليه السلام في النص الدعائي بعض الأمراض السريعة التي لا بد أن ننتبه لها
1) الابتعاد عن الثرثرة والكلام الزائد.
2) عدم اتهام الآخرين والتريث في الحكم.
3) تهذيب النفس.
ويختم السيد أحمد الصافي تلك الرؤى بتشخيص له أهميته ليس هناك منهج دنيوي أفضل من منهج أهل البيت عليهم السلام.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat