الدور الايراني في صراع الارادات العراقية
شاكر محمود الكرخي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
العراق وبعد تغيير نظامه السياسي عام 2003 تكالبت عليه قوى اقليمية ودولية جعلته ساحة للصراع فيما بينها لتحقيق اهدافها ومصالحها, ومن بين تلك القوى دولة ايران الاسلامية المجاورة للعراق والتي توقفت عجلة الحياة فيها لمدة ثمان سنوات بعد ما شن عليها نظام صدام حربا ضروس وبدفع من قوى اقليمية ودولية كانت تهدف الى وأد الثورة في مهدها .
ودارت الايام وانقلب السحر على الساحر, حيث قامت القوات الدولية المشتركة بقيادة امريكا بإسقاط نظام البعث الكافر بعد ان قدمت له الدعم الكبير لقمع شعبه وإدخاله في حرب لا طائل لها, وأصبح النظام في العراق نظاماً ديمقراطياً .
ان سياسة ايران تبدو غريبة بعد التغيير فلا يمكن تحديد اهدافها ومعرفة نواياها, فبرنامجها في العراق غير واضح فهي تدعم المالكي مع علمها أنه ليس رجلها في العراق, وتخذل السيد عمار الحكيم مع علمها أنه اكثر التزاما واتزانا من كل القيادات الشيعية العراقية, وتأوي مقتدى الصدر وتقدم له كل الدعم مع علمها انه لا يملك أفقا سياسيا واضحا وليس له قرارا ثابتا وتحركه اهوائه الشخصية التي لا تنم عن خبرة او حكمة او سداد رأي, لقد لعبت ايران دورا كبيرا في الصراع القائم في العراق واستطاعت ان تتحكم بإرادات القيادات السياسية الشيعية وغير الشيعية لدرجة انها اخرجت امريكا من العراق بخفي حنين مع العلم انها لم تستطع السيطرة على ارادة اهم الجهات التي نمت وترعرعت في احضانها وهو المجلس الاعلى السلامي العراقي بعد تصدي السيد عمار الحكيم لقيادته, فقد اصر الاخير على ان يكون قراره عراقيا نابعا من المصلحة الوطنية مع الحفاظ على العلاقة بالخارج سواءً كانت اقليمية او دولية .
ان محاولة ايران تقوية المالكي ومقتدى الصدر وبالمقابل تضعيف المجلس الاعلى دفعت ثمنه غاليا بعد تمرد الصدر وانحراف المالكي عن المسار الذي رسمته له والذي جعلت فيه الاولوية لانتصارها في صراعها مع الدول الاقليمية و أمريكا.
ان ايران لم تستطع ان توفق بين مصلحة شيعة العراق ومصالحها القومية وبان في مواقفها طيلة الفترة الماضية تغليب مصلحتها القومية على مصلحة الاسلام والشيعة في العراق, وجعلت من ارض العراق ساحة لنزاعاتها مع امريكا وتركيا والسعودية ونجحت الى حد كبير في ان تكون هي صاحبة المبادرة في الوضع السياسي العراقي والدليل على ذلك تأثيرها الكبير على الكتل السياسية التي تقف خلف قرار اقصاء المالكي وسحب الثقة عنه, فهي علنا وفي وضح النهار تدعو طرفين مهمين في النزاع الاكراد ومقتدى الصدر لتفاوضهما عوضا عن المالكي وتضغط باتجاه العدول عن سحب الثقة .
ان آفاق مستقبل العملية السياسية سوف يبقى مرهوناً لمصالح الدول التي لها اطماع في العراق وعلى رأسها ايران, ولا زالت قيادات تحركها الاجندة الخارجية ولا يبدو في الافق امل سوى ما نلاحظه ونراقبه عن كثب من مواقف وطنية يتبناها المجلس الاعلى الاسلامي العراقي, الذي يمثل حلقة الوصل وبيضة قبان القوى السياسية وقيادته المتمثلة بالسيد عمار الحكيم امل العراقيين للخروج من دوامة صراع الارادات وتغليب مصلحة الوطن والموطن, ولعل ايران بدأت تعي جيدا دور ومكانة السيد عمار الحكيم في الوسط الشيعي والسياسي والايام القادمة ستشهد تغييرا في موقفها تجاه دعم المجلس الاعلى الاسلامي العراقي والاستفادة من مواقفه الوطنية ولإيجاد مخارج مناسبة للازمة السياسية الراهنة.