الشعب بين موقفي رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب
علي جابر الفتلاوي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
السيد جلال الطالباني رئيس جمهورية العراق ، والسيد اسامة النجيفي رئيس مجلس النواب العراقي ، الشعب يتابع مواقف كل منهما ، يراقب ادائهما كممثلين للعراق والشعب العراقي ، السيد جلال الطالباني رئيس الجمهورية له مواقفه الوطنية المشهودة في كثير من المحطات ، اذ يبذل جهوده من اجل ان يكون ممثلا للعراق بمختلف الوان الطيف العراقي الدينية والقومية ، الشعب العراقي يراقب اداء جميع المسؤولين في الدولة بمختلف المستويات ، بما فيهم رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ، المواطن والمراقب السياسي وهو يراقب اداء الاثنين ، رئيس الجمهورية الذي مضى على تكليفه قرابة الست سنوات خلال الدورة السابقة والحالية ، ورئيس مجلس النواب الذي مضى على تكليفه قرابة السنتين ، يجد فرقا بين اداء رئيس الجمهورية واداء رئيس مجلس النواب من خلال اجتماعات مجلس النواب ، واثناء وجود ازمات سياسية حقيقية او مفتعلة ، وكذلك مراقبة ادائه في عملية تشريع القوانين وطرحها او تقديمها او تأخيرها ، ومواقفه اثناء عملية الاستجوابات التي جرت لكثير من المسؤولين .
من خلال معطيات المراقبة ، لا يجد المواطن او المراقب السياسي صعوبة في التمييز بين موقف الرئيسين ، السيد النجيفي من خلال ادائه داخل قبة البرلمان اوخارجها يتصرف وكأنه ممثل للقائمة العراقية ، وليس ممثلا للشعب العراقي ، وقد ظهر ذلك واضحا من خلال دوره في تقديم او تأخير بعض القوانين ، التي فيها فائدة وخدمة للشعب ، وخوف ان تحسب ايجابياتها لصالح الحكومة ، او اثناء استضافة بعض المسؤولين او استجوابهم ، وظهر بشكل واضح كطرف من اطراف التأزيم في الساحة السياسية العراقية اخيرا ، خاصة فيما طُرح من القائمة العراقية بالتعاون مع مسعود البرزاني لسحب الثقة عن السيد المالكي ، من خلال معطيات الازمة المفتعلة الاخيرة هذه، ظهر الفرق واضحا بين موقف رئيس الجمهورية كممثل لكل العراق وحامي للدستور ، وبين موقف اسامة النجفيى كممثل عن الشعب العراقي ، اذ ظهر السيد النجيفي كطرف من اطراف الأزمة ، وظهر متبنيا لمواقف القائمة العراقية التي تتلقى تعليماتها من خارج الحدود ، وتتلقى الدعم المادي والمعنوي من الدول التي تدعمها خاصة السعودية وقطر وتركيا وهي دول المحور الطائفي في المنطقة .
تصّرفَ السيد النجيفي كعضو في القائمة العراقية ، وليس كرئيس لمجلس النواب الذي يفترض ان يكون ممثلا لجميع الوان الطيف العراقي ، ليس هذا فحسب بل اصبح جزءا من حالة التأزيم المفتعل في الساحة السياسية ، والكل يعرف ان التأزيم الذي خُلق بحجة سحب الثقة عن المالكي ، انما هو مشروع اقليمي طائفي وما بعض قيادات القائمة العراقية الّا طرف في تنفيذ هذا المشروع الذي يهدف لتغيير الوضع السياسيي الجديد في العراق .
موقف السيد النجيفي هذا يختلف كثيرا عن موقف السيد الطالباني ، اذ ظهر رئيس الجمهورية كرئيس لجميع العراق والحامي للدستور ، وتصرف في اجواء الازمة المفتعلة على هذا الاساس ، ليس من خلال اجواء التأزيم الحالية التي يقودها بعض قادة العراقية ومسعود البرزاني فحسب ، بل له مواقف مشهودة سابقا ، أظهر فيها حرصه على جمع كلمة العراقيين ، وعلى ادانته للارهاب بكل اشكاله ، وحرصه على سلامة العراق كوطن ، وسلامة شعب العراق بكل الوانه واطيافه الدينية والقومية.
في ظل اجواء التأزيم هذه اراد بعض السياسيين ممن ساهموا في خلق الازمة اختزال دور رئيس الجمهورية الذي هو ممثل لكل العراق ، ارادوا اختزال دوره لصالحهم لكن وعي السيد رئيس الجمهورية وخبرته السياسية الطويلة ، وحرصه على العراق وشعبه جعلته يقف موقفا متوازنا من الجميع ، ففي ظل اجواء هذه الازمة المفتعلة والمفبركة من خارج الحدود ، وقف رئيس الجمهورية صامدا كممثل للعراق رغم الضغوط الكبيرة التي تعرض لها .
ربما ظن بعض السياسيين من اطراف الازمة ، خاصة مسعود البرزاني الذي وجد في ظل هذه الظروف فرصة مناسبة لتحقيق رغباته التوسعية اللامشروعة والمخالفة للدستور ، ربما ظن البعض ان السيد رئيس الجمهورية انما وقف هذا الموقف الوطني ، بدافع الحرص على منصبه كرئيس للجمهورية ، في حين اننا نرى رئيس الجمهورية من خلال مراقبتنا لادائه ، انه يرفض الموافقة على دعوات سحب الثقة عن المالكي ، لأن اجراءاتها غير اصولية وغير دستورية ، وهو رجل القانون وهو الحامي للدستور العراقي ، ربما يظن البعض ان السيد رئيس الجمهورية عندما يرفض رغبة البعض في سحب الثقة ، لأنه يخاف على منصبه ان يتزعزع ولكي يثبت للطرف صانع الازمة انه ليس من دعاة التشبث بالمنصب ، اقدم حسب الاخبار الواردة ، على تقديم استقالته الى رئيس اقليم كردستان ، ليثبت له سلامة موقفه الدستوري من جهة ، ويدلل له وللاخرين من اطراف الازمة ، انه ليس من جماعة المتشبثين بالمناصب بأي ثمن كان .
الطالباني غير مستعد للبقاء في منصبه ان فرضت عليه اجراءات غير دستورية كونه هو المعني اكثر من غيره بتطبيق مبادئ الدستور، لأن رئيس الجمهورية هو الحامي للدستور ، وهو المسؤول عن حماية العراق الواحد ، وعلى حد قوله ( انه يقف على مسافة واحدة من الجميع كونه ممثل لجميع العراقيين ) .
واخيرا نقدم تحياتنا الى السيد رئيس الجمهورية جلال الطالباني ، وارى ان الشعب العراقي يقدر كثيرا مواقفه الوطنية ، وحرصه لتطبيق مبادئ الدستور بعيدا عن الاهواء والرغبات الشخصية .