صفحة الكاتب : عمار كاظم عبد الحسين

عطاءات صلة الرحم
عمار كاظم عبد الحسين

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

إنّ لصلة الرحم منزلةً كبرى وحيِّزاً كبيراً في الإسلام، والآيات القرآنية التي قرنت عبادة الله الواحد واخلاص العبودية له بصلة الرحم كثيرة، منها ما ورد في سورة النِّساء: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) (النِّساء/1)، ومنها ما ورد بصيغة ذي القربى. فالواصلون للرحم بشِّروا بالموقع الرفيع، فقد ورد في الأحاديث الشريفة قول النبيّ (صلى الله عليه وآله): «صلة الأرحام تزكّي الأعمال، وتنمّي الأموال، وتدفع البلوى، وتيسّر الحساب، وتنسى‏ء الأجل»(وسائل الشيعة ج21ص534)، «أعجل الخير ثواباً صلة الرحم» (جامع السعادات ج2ص199)، «إنّ المرء ليصل رحمه، وما بقي من عمره ثلاث سنين، فينسئه الله ثلاثين سنة، وإنّ الرجل ليقطع رحمه، وقد بقي من عمره ثلاثون سنة، فيصيّره الله إلى ثلاثة أيّام»(شجرة طبى ج2ص376). «مَن سَرَّهُ أن يُمَدَّ له في عُمُرِهِ ويُبسَطَ في رزقهِ، فليَصِلْ أبويهِ، فإنّ صِلَتَهما طاعةُ اللهِ، وليصِلْ ذا رَحمه»(عدة الداعي76). وعن ابو عبد الله عليه السلام: «صلة الأرحام وحسن الخلق زيادة في الأعمار »(البحار ج71ص97). أمّا القاطعون، فيكفي أنّ القرآن يصنّفهم في خانة المفسدين في الأرض، ويجعلهم ممن يستحقّ الطرد والإبعاد من رحمة الله: (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ) (محمّد/ 22-23)، وفي الحديث أيضاً: «لا يدخل الجنّة قاطع رحم»(المبسوط ج3ص307).
وعندما نتحدّث عن صلة الرحم، فلا نقصد فقط الرحم التي تتواصل معك، على قاعدة أنّك لا تتواصل إلّا مع مَن يتواصل معك، بحيث يكون التواصل عملية تبادلية، ولذلك ورد في الحديث:عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «صِلْ مَن قطعك، واحسِنْ إلى مَن أساء إليك»(كنز الفوائد194)، وعنه (صلى الله عليه وآله): «لا تقطع رحمك وإن قطعتك»(الكافي ج3ص347).
والآيات والأحاديث حثَّت أيضاً على التواصل والتباذل والتزاور والتحابّ بين المؤمنين، فقد ورد في الحديث: «وجبت محبّتي للمتحابّين فيَّ، والمتجالسين فيَّ، والمتزاورين فيَّ»(رياض الصالحين226). وورد في الحديث أيضاً: «للمؤمن على المؤمن سبعة حقوق واجبة من الله عزّوجلّ عليه: الإجلال له في عينه، والودّ له في صدره، والمواساة له في ماله، وأن يحرِّم غيبته، وأن يعوده في مرضه، وأن يشيِّع جنازته، وأن لا يقول فيه بعد موته إلّا خيراً». وصلة الرحم قد تأخذ اشكالاً متعدِّدة، بالقول وبالفعل، بالسؤال عن أحوالهم، وعيادتهم إذا مرضوا، ومساعدتهم إذا احتاجوا، والوقوف معهم عند الشدائد والهموم والأزمات، وعدم تركهم يواجهونها وحدهم. وأقلّ ما يوصل به الرحم، السلام: «صلوا أرحامكم ولو بالسلام»، «صِلْ رحمك ولو بشربة من ماء، وأفضل ما توصل به الرحم كفّ الأذى عنها»(الدعوات222).
ونحن على أعتاب دخول شهر رمضان المبارك، لنضع لهذه العلاقة الرحميّة، برنامجاً يكون لصلة الأرحام نصيب أساس منها، نتفقدهم فرداً فرداً، وإذا كانت هناك مشاكل ساهمت في حصول قطيعة أو عداء، فلنبادر إلى حلّها، ولو كان في بعض الحالات على حسابنا. ونحن في ذلك لن نخسر، بل سنربح في الدُّنيا، عندما نربح هذه العلاقة التي نحن أحوج إليها، وسنربح الآخرة، وهي أهمّ ما نبلغه.
علينا أن ندعو بما دعا به الإمام زين العابدين (عليه السلام): «ووَفِّقنا فيه لأن نصِلَ أرحامنا بالبرِّ والصِّلةِ، وأن نتعاهدَ جيراننا بالإفضالِ والعَطيّةِ، وان نخلص اموالنا من التبعات وان نطهرها باخراج الزكوات وان نراجع من هاجرنا وان ننصف من ظلمنا..وأن نتقرَّبَ إليك فيه من الأعمالِ الزَّاكيةِ بما تُطهِّرُنا به من الذنوبِ، وتَعصِمُنا فيه ممّا نَستأْنِفُ من العُيُوبِ»(الصحيفة السجادية الكاملة 215). يكفينا من ذلك قول رسول الله (صلى الله عليه وآله): «ومَن وَصَل فيه رحمه، وَصَله الله برحمته يوم يلقاه (روضة الواعظين246)، رضواناً منه وجنة عرضها السماوات والأرض، فيما مَن قطع فيه رحمه، قطع الله عنه رحمته يوم يلقاه.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عمار كاظم عبد الحسين
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2023/09/26



كتابة تعليق لموضوع : عطاءات صلة الرحم
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net