مع الإمام الحسن - ع - في ذكرى ولادته / ٢
يحيى غالي ياسين
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
يحيى غالي ياسين
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
لا تكتسبُ الأفكار والنظريات والإكتشافات العلمية والنُظم على اختلاف جوانبها ومجالاتها .. قيمتها الحضارية والحقيقية مالم يكن لها أثر وتجسيد على أرض الواقع ، وأن يكون لها انعكاس في حياة الشعوب ومسيرة الأمم ..
وقد لا يتيّسر التطبيق والتجسيد العامّ والشامل ، وقد يتأجل ذلك بسبب عدم تأهل الظروف المناسبة ، إلا أنه لا تُعدم تلك الأفكار الكبيرة والراكزة من تطبيقات وتجسيدات جزئية أو على مستوى الجماعات والأفراد وبشكل تعبّر عن عظمتها وأهميتها ومستوى ما يمكن أن تحققه في الخارج من نجاح وتفوّق ..
والرسالات السماوية من أعظم تلك النُظم ، صاغتها السماء للأرض صياغة دقيقة بما لا يقبل الخطأ ، وبنفس الوقت لم تتهيأ لها الأرضية المناسبة للإستجابة الشاملة والتطبيق الكامل والواسع والدقيق .. ما خلا :
١. حصول تجارب وتطبيقيات جزئية بسيطة لا تكاد تُذكر مقارنة مع عمود الزمن وعمر البشرية ، كالفترة التي حكم بها نبي الله يوسف عليه السلام مثلاً ، أو الفترة التي قاد بها رسول الله الإسلام في المدينة ..
٢. تسجيل شخصيات عظيمة جسّدت تلك الرسالات وانعكست انعكاساً تامّاً وكاملاً على فكرها وسلوكها وأصبحت خير مُعبّر عن عظمة تلك الأطر والمبادىء والقوانين والأخلاقيات التي حوتها رسالاتها المنتمية لها ..
وإذا كانت هناك قيمة حضارية للإسلام نستطيع أن نراهن عليها ونتبجح بها وندعو الآخرين الى الإسلام بواسطتها .. فإنما هي الشخصيات العظيمة لائمة أهل البيت عليهم السلام وعلى رأسهم جدّهم رسول الله صلى الله عليه واله .. وإلا فلا تطبيقات ناجحة لأفكار وأحكام الإسلام نستطيع أن نقدّمها للآخر غير التجسيد الفردي الكبير للقرآن وللشريعة والذي تمركز في شخصياتهم صلوات الله عليهم رغم ما واجهوه من معرقلات كبيرة ضد هذا التجسيد والتطبيق من قبل الأمة ..
فإفتقار الإسلام في رصيد التجربة والتجسيد العام والشامل يشفع له الغنى النوعي في رصيد التجسيد على المستوى الشخصي والفردي لائمة أهل البيت عليهم السلام ..
وكان إمامنا الحسن المجتبى عليه السلام من أهمّ تجلّيات رسالة السماء ، ومن أعظم من مثّل الإسلام في الأمّة رغم عدم إنصاف الأمّة له ووقوفها ضد هذا التمثيل والتطبيق ..
وهذا الأمر نعرفه من سيرته ومن كلمات الرسول بحقّه ، بل من كلام أعدائه عنه كذلك ، روى في تهذيب الكمال : ٦ / ٢٣٥ : ( عن جويرية بن أسماء : لمّا مات الحسن بن علي بكى مروان في جنازته ، فقال له حسين : أتبكيه وقد كنت تجرعه ما تجرعه ؟! فقال : إني كنت أفعل ذلك إلى أحلم من هذا ، وأشار بيده إلى الجبل ) ، وروى ابن عساكر باسناده عن حذيفة بن اليمان : « انّ النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم قال : ألا انّ الحسن بن علي قد أعطي من الفضل ما لم يعط أحدٌ من ولد آدم ما خلا يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل الله » .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat