أرض البقيع لم تكن محلاً لدفن الموتى قبل الإسلام، بل بدأ الدفن فيها في السنة الثالثة من الهجرة بعدما توفي الصحابي الجليل عثمان بن مظعون، ليكون اول من دفن بها.
حيثُ ان اي عمل يفعله رسول الله صلى الله عليه وآله، هو إقرار بوجوب القيام به لمن يتبعه، فلمَّـا مات قبَّلَهُ رسولُ الله صلى الله عليه و آله وسلم و بكاه، و عندما سُئل: يا رسول الله أين ندفنه؟
قال صلى الله عليه و آله: "بالبقيع".
ثم قام صلى الله عليه و آله بنفسه فَلَحَدَ له، و وضع علامة عند قبره، لتكون علامة عليه، و ليدفن عنده مَنْ يموت من أهله.
و بعد ذلك توالى الدفن في هذه المقبرة المباركة، فعندما تـُوفِّيَ إبراهيم ابن رسول الله، قال صلى الله عليه و آله: "إلـحقْ بالسلف الصالح عثمان بن مظعون .
و لما ماتت رقية بنت النبي صلى الله عليه و آله دفنها صلى الله عليه و آله بالبقيع، ولحقه دفن الإمام الحسن المجتبى عليه السلام، ثم الإمام زين العابدين والباقر والصادق عليهم السلام، حتى اصبحت ارض البقيع مزاراً يتوافدها المسلمين، للتبرك بتلك المنارات الشامخة والمقامات الطاهرة.
قد تعرضت مقبرة البقيع لعدة محاولات هدم وسلب لمقتنياتها، على مدار الاربع عشرة قرن الماضية، من قبل وحوش وعسلان الارض وفلواتها، حيثُ بدأت تلك المحاولات مع شهادة الإمام الحسين عليه السلام، وكيف سلب ومزق جسده الشريف، حتى تبعه مراحل حرق وهدم وطمر واغراق للمرقد الشريف، انتهاء بالعصور المتأخرة، إذ عادت هجمات الهدم على يد ورثة الامويين الجدد وافراخهم وهابية ال سعود، وبدعم مالي مفتوح، وسلاح فتاك من دول الاستكبار العالمي، والتي كان رائدها الإنكليز، حيث فتح الوهابية أولى غزواتهم سنة 1224 للهجرة، اقتحام مسجد رسول الله صلى الله عليه واستباحة حرمه، ولولا وحدة المسلمين في ذلك العصر، لتم هدم القبر الشريف وتسويته مع الارض.
إن العقل الذي تم تنصيبه بأدمغة الوهابية، من قبل الشركة المصنعة والراعية للإجرام "بريطانيا" قبل 200 عام، ما زال يحمل برامج الجاهلية الاموية المتحجرة والمخالفة للدين والعقيدة، التي تدعو لمحو آثار الإسلام والمسلمين، بذات شعار معركة طف كربلاء "لا تتركوا لأهل هذا البيت باقية" حيث انطلقت الحملة الثانية للوهابية سنة 1344 هجرية، بعد ان سيطر مجرمو ال سعود بالمال والحديد والنار على شبه الجزيرة العربية، واغلقوا افواه حكام العرب بذات الطريقة، حتى لا يدان مجرموهم ثانية.
ان الدين الوهابي الجديد قد قام كما قامت عليه سلالتهم الأموية، بهدف نشر التخلف والجهل، من خلال محو هوية الإسلام، بهدم كل ما يذكر الأرض بهم، حيث عمدوا على مجزرة البقيع الثانية وهي هدم قبور البقيع وإزالة علائمها من قبور المعصومين والصحابة المنتجبين، وبعد مائة عام من الكرة الثانية حاولوا بحملة ثالثة، سنة 2014 عبر افراخهم "داعش" فطالت مراقد المسلمين في الشام، عبوراً إلى العراق عبر الموصل والانبار، محاولين الوصول إلى كربلاء المقدسة، ولكن هذه المرة كسرت اقدامهم يقظة الأمة الإسلامية بقيادة سماحة السيد السيستاني دامت بركاتة.
أننا وبعد 100 عام من مرور مجزرة البقيع، إذ نطالب بإعادة بناء قبور البقيع، وإعادة للأمة هيبتها بتحرير أرض الحجاز من ايدي النواصب.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat