العزاء الحسيني : تحت النقد [ 1 ]
يحيى غالي ياسين
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
يحيى غالي ياسين
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
من الألفاظ التي يُفهم معناها خطأً عادةً هو لفظ ومصطلح ( النقد ) ، حيث يتبادر دائماً الى أنه نوع من كشف العيوب وإبداء المساوىء وإعمال النظرة السوداوية للأشياء والتعامل معها بسلبية .. في حين لا يأخذ هذا المصطلح معناه ودلالته اللغوية الصحيحة والتي هي [ نقَد الشّيءَ : بيَّن حسنَه ورديئه ، أظهر عيوبه ومحاسنه ، وذكرَ الفيروز آبادي في القاموسِ المحيطِ أنّ النقد : هو التمييز بين الأشياء ، نقول : نقدت الدراهم أي ميّزت الجيد منها - عن - الزائف ] إلا في الأوساط الأدبية والفكرية والعلمية .. فإنه كما يقوم المبدع بإنجاز عمله الإبداعي في مجاله الخاص ، يقوم الناقد بتقييم هذا الانجاز ومحاكمته وفق معايير وأسس التخصص الذي اشتغل به صاحب العمل ..
والنقد بهذا المعنى كان السبب وراء تطور العلوم وإنضاج الأفكار وتكامل الإبداعات الأدبية بأنواعها .. وللنقد في النهضة الأوربية الحديثة دوره العظيم ، فله روّاده وفلاسفته وأنواعه وإنجازاته وانعكاساته الضخمة ..
والنقد بمفهوم المراجعة والتصويب والتقييم وضبط الشيء وفق المعايير القياسية للفرع العلمي والفكري الذي ينتمي إليه من مرتكزات الإسلام الفكرية وأدواته العملية .. فهذه النصوص الإسلامية ( قرآن وسنة ) ، وهذه الإبداعات الفكرية والأدبية الإسلامية ، وهذه العلوم والدراسات الإسلامية بمختلف حقولها .. جميعها عبارة عن ساحة مفتوحة للنقد الأدبي والتحسين والتقبيح العقليين ومناقشة الاراء الفقهية والعقائدية بأعلى مستويات النقد ..
نعم ، قد يقع الناقد في أخطاء ، فيخطأ في التقييم مثلاً أو بالإسلوب والطريقة .. وهذا لا يُحسب على موضوع النقد وإنما لا بد أن يؤاخذ به نفس الناقد والممارس لهذه الوظيفة .
بهذا المعنى للنقد وهذه الخلفية التاريخية والحضارية له وبهذه الأهمية الكبيرة للدور الذي يقوم به النقد في أي مجال يقتحمه ، تصويباً وتطويرا .. سنضع مظاهر الإحياء والعزاء الحسيني المعاصر - وبصورة إجمالية - تحت مجهر النقد ، وذلك ضمن حلقات ومنشورات متسلسلة إن شاء الله تعالى ، فهو الموفق والمسدد والمعين ..
وقبل البدء فعلياً بذلك لا بد من الاتفاق على أمرين هامّين :
١. لا بد من التفريق بين القضية الحسينية من جهة وفهمنا للقضية ونظرتنا لطبيعة إحياءها ورؤيتنا وانطباعاتنا اتجاهها من جهة أخرى ، فالناقد والمُنتَقَد سائران في سبيل تحقيق أقرب فهم للقضية وأوضح رؤية لها وبرجاء تحصيل أفضل أداء للمطلوبية .
٢. ما نكتبه هو ايضا قابل للنقد ، لأنه لا بد من وجود تغذية راجعة بين الطرفين ، وقد يعبّر عن هذه العملية - مسامحةً - بالديالكتيك الصاعد . قال تعالى { وَلَوۡلَا دَفۡعُ ٱللَّهِ ٱلنَّاسَ بَعۡضَهُم بِبَعۡضٖ لَّهُدِّمَتۡ صَوَٰمِعُ وَبِيَعٞ وَصَلَوَٰتٞ وَمَسَٰجِدُ يُذۡكَرُ فِيهَا ٱسۡمُ ٱللَّهِ كَثِيرٗاۗ وَلَيَنصُرَنَّ ٱللَّهُ مَن يَنصُرُهُۥٓۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ } الحج ٤٠
يتبع ..
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat