صفحة الكاتب : د . فاضل حسن شريف

الغدير كما جاء في تفسير الميزان للسيد الطباطبائي (ح 2)
د . فاضل حسن شريف

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

جاء في تفسير الميزان للسيد الطباطبائي: عن نزول آية كمال الدين: ونظيره الرواية بوجه رواية أخرى رواها أيضا في الدر المنثور، عن أحمد عن علقمة بن عبد الله المزني قال: حدثني رجل قال: كنت في مجلس عمر بن الخطاب فقال عمر لرجل من القوم: كيف سمعت رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله ينعت الإسلام؟ قال: سمعت رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله يقول: إن الإسلام بدئ جذعا ثم ثنيا ثم رباعيا ثم سدسيا ثم بازلا. قال عمر: فما بعد البزول إلا النقصان. فهذه الروايات كما ترى تروم بيان أن معنى نزول الآية يوم عرفة إلفات نظر الناس إلى ما كانوا يشاهدونه من ظهور أمر الدين واستقلاله بمكة في الموسم، وتفسير إكمال الدين وإتمام النعمة بصفاء جو مكة ومحوضة الأمر للمسلمين يومئذ فلا دين يعبد به يومئذ هناك إلا دينهم من غير أن يخشوا أعداءهم ويتحذروا منهم. وبعبارة أخرى المراد بكمال الدين وتمام النعمة كمال ما بأيديهم يعملون به من غير أن يختلط بهم أعداؤهم أو يكلفوا بالتحذر منهم دون الدين بمعنى الشريعة المجعولة عند الله من المعارف والأحكام، وكذا المراد بالإسلام ظاهر الإسلام الموجود بأيديهم في مقام العمل. وإن شئت فقل: المراد بالدين صورة الدين المشهودة من أعمالهم، وكذا في الإسلام، فإن هذا المعنى هو الذي يقبل الانتقاص بعد الإزدياد. وأما كليات المعارف والأحكام المشرعة من الله فلا يقبل الانتقاص بعد الإزدياد الذي يشير إليه قوله في الرواية: (أنه لم يكمل شيء قط إلا نقص) فإن ذلك سنة كونية تجري أيضا في التاريخ والاجتماع بتبع الكون، وأما الدين فإنه غير محكوم بأمثال هذه السنن والنواميس إلا عند من قال: إن الدين سنة اجتماعية متطورة متغيرة كسائر السنن الاجتماعية. إذا عرفت ذلك علمت أنه يرد عليه أولا: أن ما ذكر من معنى كمال الدين لا يصدق عليه قوله تعالى: "الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ" (المائدة 3) وقد مر بيانه. وثانيا: أنه كيف يمكن أن يعد الله سبحانه الدين بصورته التي كان يتراءى عليها كاملا وينسبه إلى نفسه امتنانا بمجرد خلو الأرض من ظاهر المشركين، وكون المجتمع على ظاهر الإسلام فارغا من أعدائهم المشركين، وفيهم من هو أشد من المشركين إضرارا وإفسادا، وهم المنافقون على ما كانوا عليه من المجتمعات السرية والتسرب في داخل المسلمين، وإفساد الحال، وتقليب الأمور، والدس في الدين، وإلقاء الشبه، فقد كان لهم نبأ عظيم تعرض لذلك آيات جمة من القرآن كسورة المنافقين وما في سور البقرة والنساء والمائدة والأنفال والبراءة والأحزاب وغيرها. فليت شعري أين صار جمعهم؟ وكيف خمدت أنفاسهم؟ وعلى أي طريق بطل كيدهم وزهق باطلهم؟ وكيف يصح مع وجودهم أن يمتن الله يومئذ على المسلمين بإكمال ظاهر دينهم، وإتمام ظاهر النعمة عليهم، والرضا بظاهر الإسلام بمجرد أن دفع من مكة أعداءهم من المسلمين، والمنافقون أعدى منهم وأعظم خطرا وأمر أثرا وتصديق ذلك قوله تعالى يخاطب نبيه فيهم: "هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ" (المنافقون 4). وكيف يمتن الله سبحانه ويصف بالكمال ظاهر دين هذا باطنه، أو يذكر نعمه بالتمام وهي مشوبة بالنقمة، أو يخبر برضاه صورة إسلام هذا معناه وقد قال تعالى: "وَما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدا" (الكهف 51) وقال في المنافقين: ولم يرد إلا دينهم "فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللهَ لا يَرْضى عَنِ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ" (التوبة 96) والآية بعد هذا كله مطلقة لم تقيد شيئا من الإكمال والإتمام والرضا ولا الدين والإسلام والنعمة بجهة دون جهة. فإن قلت: الآية ـ كما تقدمت الإشارة إليه إنجاز للوعد الذي يشتمل عليه قوله تعالى: "وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً" (النور 55). فالآية كما ترى تعدهم بتمكين دينهم المرضي لهم، ويحاذي ذلك من هذه الآية قوله: "أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ" (المائدة 3) وقوله: "وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً" (المائدة 3) فالمراد بإكمال دينهم المرضي تمكينه لهم أي تخليصه من مزاحمة المشركين، وأما المنافقون فشأنهم شأن آخر غير المزاحمة، وهذا هو المعنى الذي تشير إليه روايات نزولها يوم عرفة، ويذكر القوم أن المراد به تخليص الأعمال الدينية والعاملين بها من المسلمين من مزاحمة المشركين.

يستمر العلامة الطباطبائي متحدثا عن آية كمال الدين في تفسيره الميزان: قلت كون آية: "الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ" (المائدة 3)، من مصاديق إنجاز ما وعد في قوله: "وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا" (النور 55) (الآية) وكذا كون قوله في هذه الآية: "أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ" (المائدة 3)، محاذيا لقوله: "وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ" (النور 55)، في تلك الآية ومفيدا معناه كل ذلك لا ريب فيه. إلا أن آية سورة النور تبدأ بقوله: "وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ" (النور 55) وهم طائفة خاصة من المسلمين ظاهر أعمالهم يوافق باطنها، وما في مرتبة أعمالهم من الدين يحاذي وينطبق على ما عند الله سبحانه من الدين المشرع، فتمكين دينهم المرضي لله سبحانه لهم إكمال ما في علم الله وإرادته من الدين المرضي بإفراغه في قالب التشريع، وجمع أجزائه عندهم بالإنزال ليعبدوه بذلك بعد إياس الذين كفروا من دينهم. وهذا ما ذكرناه: أن معنى إكماله الدين إكماله من حيث تشريع الفرائض فلا فريضة مشرعة بعد نزول الآية لا تخليص أعمالهم وخاصة حجهم من أعمال المشركين وحجهم، بحيث لا تختلط أعمالهم بأعمالهم. وبعبارة أخرى يكون معنى إكمال الدين رفعه إلى أعلى مدارج الترقي حتى لا يقبل الانتقاص بعد الإزدياد. وفي تفسير القمي، قال: حدثني أبي، عن صفوان بن يحيى، عن العلاء، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: آخر فريضة أنزلها الولاية ثم لم ينزل بعدها فريضة ثم أنزل: "الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ" (المائدة 3) بكراع الغميم، فأقامها رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله بالجحفة فلم ينزل بعدها فريضة. أقول: وروى هذا المعنى الطبرسي في المجمع، عن الإمامين: الباقر والصادق عليه السلام ورواه العياشي في تفسيره عن زرارة عن الباقر عليه السلام. وفي أمالي الشيخ، بإسناده، عن محمد بن جعفر بن محمد، عن أبيه أبي عبد الله عليه السلام، عن علي أمير المؤمنين عليه السلام قال: سمعت رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله يقول: بناء الإسلام على خمس خصال: على الشهادتين، والقرينتين. قيل له: أما الشهادتان فقد عرفنا فما القرينتان؟ قال: الصلاة والزكاة ـ فإنه لا تقبل إحداهما إلا بالأخرى، والصيام وحج بيت الله من استطاع إليه سبيلا، وختم ذلك بالولاية فأنزل الله عز وجل: "الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً" (المائدة 3). وفي روضة الواعظين، للفتال، ابن الفارسي عن أبي جعفر عليه السلام وذكر قصة خروج النبي صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله للحج ثم نصبه عليا للولاية عند منصرفه إلى المدينة ونزول الآية، وفيه خطبة رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله يوم الغدير وهي خطبة طويلة جدا. أقول: روى مثله الطبرسي في الإحتجاج، بإسناد متصل عن الحضرمي عن أبي جعفر الباقر عليه السلام، وروى نزول الآية في الولاية أيضا الكليني في الكافي، والصدوق في العيون، جميعا مسندا عن عبد العزيز بن مسلم عن الرضا عليه السلام، وروى نزولها فيها أيضا الشيخ في أماليه بإسناده عن ابن أبي عمير عن المفضل بن عمر عن الصادق عن جده أمير المؤمنين عليه السلام، وروى ذلك أيضا الطبرسي في المجمع، بإسناده عن أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري، وروى ذلك الشيخ في أماليه، بإسناده عن إسحاق بن إسماعيل النيسابوري عن الصادق عن آبائه عن الحسن بن علي عليه السلام وقد تركنا إيراد الروايات على طولها إيثارا للاختصار فمن أرادها فليراجع محالها والله الهادي.

عن آية التبليغ يقول السيد محمد حسين الطباطبائي في تفسيره الميزان: في تفسير العياشي، عن أبي صالح، عن ابن عباس وجابر بن عبد الله قالا: أمر الله تعالى نبيه محمدا صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله أن ينصب عليا علما في الناس ليخبرهم بولايته فتخوف رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله أن يقولوا: خابى ابن عمه وأن يطعنوا في ذلك عليه. قال: فأوحى الله إليه هذه الآية: "يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ" (المائدة 67) فقام رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله بولايته يوم غدير خم. وفيه، عن حنان بن سدير، عن أبيه عن أبي جعفر عليه السلام قال: لما نزل جبرئيل على عهد رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله في حجة الوداع ـ بإعلان أمر علي بن أبي طالب عليه السلام "يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ" (المائدة 67) إلى آخر الآية قال: فمكث النبي صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله ثلاثا حتى أتى الجحفة فلم يأخذ بيده فرقا من الناس. فلما نزل الجحفة يوم غدير في مكان يقال له (مهيعة) فنادى: الصلاة جامعة، فاجتمع الناس ـ فقال النبي صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله: من أولى بكم من أنفسكم؟ فجهروا فقالوا: الله ورسوله ثم قال لهم الثانية، فقالوا: الله ورسوله، ثم قال لهم الثالثة، فقالوا: الله ورسوله. فأخذ بيد علي عليه السلام فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله فإنه مني وأنا منه، وهو مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي. وفيه، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر عليه السلام قال: لما أنزل الله على نبيه صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله: "يا أَيُّهَا الرَّسُولُ ـ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ" (المائدة 67) قال: فأخذ رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله بيد علي عليه السلام فقال: يا أيها الناس إنه لم يكن نبي من الأنبياء ممن كان من قبلي إلا وقد عمر ثم دعاه فأجابه، وأوشك أن أدعى فأجيب، وأنا مسئول وأنتم مسئولون فما أنتم قائلون؟ قالوا: نشهد أنك قد بلغت ونصحت وأديت ما عليك فجزاك الله أفضل ما جزى المرسلين، فقال: اللهم اشهد. ثم قال: يا معشر المسلمين ليبلغ الشاهد الغائب أوصي من آمن بي وصدقني بولاية علي، ألا إن ولاية على ولايتي عهدا عهده إلي ربي وأمرني أن أبلغكموه، ثم قال: هل سمعتم؟ ثلاث مرات يقولها فقال قائل: قد سمعنا يا رسول الله.

ويستطرد العلامة السيد الطباطبائي قدس سره في تفسيره آية التبليغ: وفي البصائر، بإسناده عن الفضيل بن يسار عن أبي جعفر عليه السلام: في قوله: "يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ" (المائدة 67) قال: هي الولاية. أقول: وروى نزول الآية في أمر الولاية وقصة الغدير معه الكليني في الكافي، بإسناده، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر عليه السلام في حديث طويل، وروى هذا المعنى الصدوق في المعاني، بإسناده عن محمد بن الفيض بن المختار، عن أبيه عن أبي جعفر عليه السلام في حديث طويل، ورواه العياشي أيضا عن أبي الجارود في حديث طويل، وبإسناده عن عمرو بن يزيد عن أبي عبد الله عليه السلام مختصرا. وعن تفسير الثعلبي، قال: قال جعفر بن محمد: معنى قوله: "يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ" (المائدة 67) في فضل علي،، فلما نزلت هذه أخذ النبي صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله بيد علي فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه وعنه، بإسناده عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس: في هذه الآية قال: نزلت في علي بن أبي طالب، أمر الله النبي صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله أن يبلغ فيه فأخذ بيد علي فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه ـ اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه. وفي تفسير البرهان، عن إبراهيم الثقفي بإسناده عن الخدري، وبريدة الأسلمي ومحمد بن علي: نزلت يوم الغدير في علي. ومن تفسير الثعلبي، في معنى الآية قال: قال أبو جعفر محمد بن علي: معناه بلغ ما أنزل إليك من ربك في علي.

وعن علاقة آية التبليغ بآية سأل سائل يقول العلامة الطباطبائي قدس سره: وفي تفسير المنار، عن تفسير الثعلبي: أن هذا القول من النبي صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله في موالاة علي شاع ـ وطار في البلاد فبلغ الحارث بن النعمان الفهري فأتى النبي صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله على ناقته، وكان بالأبطح فنزل وعقل ناقته، وقال للنبي صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله وهو في ملإ من أصحابه يا: محمد أمرتنا من الله أن نشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، فقبلنا منك ثم ذكر سائر أركان الإسلام ثم لم ترض بهذا حتى مددت بضبعي ابن عمك، وفضلته علينا، وقلت: "من كنت مولاه فعلي مولاه » فهذا منك أم من الله؟ فقال صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله: والله الذي لا إله إلا هو هو أمر الله، فولى الحارث يريد راحلته، وهو يقول: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم. فما وصل إلى راحلته حتى رماه الله بحجر فسقط على هامته وخرج من دبره، وأنزل الله تعالى: "سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ * لِلْكافِرينَ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ" (المعارج 1-2) الحديث. أقول: قال في المنار بعد نقل هذا الحديث ما لفظه: وهذه الرواية موضوعة، وسورة المعارج هذه مكية، وما حكاه الله من قول بعض كفار قريش: "اللهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ" (الأنفال 32) كان تذكيرا بقول قالوه قبل الهجرة، وهذا التذكير في سورة الأنفال، وقد نزلت بعد غزوة بدر قبل نزول المائدة ببضع سنين، وظاهر الرواية أن الحارث بن النعمان هذا كان مسلما فارتد ولم يعرف في الصحابة، والأبطح بمكة والنبي صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله لم يرجع من غدير خم إلى مكة بل نزل فيه منصرفة من حجة الوداع إلى المدينة، انتهى. وأنت ترى ما في كلامه من التحكم: أما قوله: (إن الرواية موضوعة، وسورة المعارج هذه مكية) فيعول في ذلك على ما في بعض الروايات عن ابن عباس وابن الزبير أن سورة المعارج نزلت بمكة، وليت شعري ما هو المرجح لهذه الرواية على تلك الرواية، والجميع آحاد؟ سلمنا أن سورة المعارج مكية كما ربما تؤيده مضامين معظم آياته فما هو الدليل على أن جميع آياتها مكية؟ فلتكن السورة مكية، والآيتان خاصة غير مكيتين كما أن سورتنا هذه أعني سورة المائدة مدنية نازلة في آخر عهد رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله، وقد وضعت فيها الآية المبحوث عنها أعني قوله تعالى: "يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ" (المائدة 67) (الآية)، وهو كعدة من المفسرين مصرون على أنها نزلت بمكة في أول البعثة، فإذا جاز وضع آية مكية: "يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ" (المائدة 67) في سورة مدنية (المائدة) فليجز وضع آية مدنية: "سَأَلَ سائِلٌ" (المعارج 1) في سورة مكية سورة المعارج.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . فاضل حسن شريف
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2024/07/06



كتابة تعليق لموضوع : الغدير كما جاء في تفسير الميزان للسيد الطباطبائي (ح 2)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net