صفحة الكاتب : د . فاضل حسن شريف

ضرر الفساد في أمثلة (ولا تبغ الفساد في الأرض ان الله لا يحب المفسدين) (ح 33)
د . فاضل حسن شريف

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.



اربعة كيانات سياسية تقاسمت على حصص مدراء عامين: الكيان (س) اعطي 30 مديرية عامة، والكيان (ص) 20 مديرية عامة، والكيان (س) 15 مديرية عامة، والكيان (ك) 10 مديرية عامة. بعد الدقيق وجد أن الكيان (س) أختلس ضعف الكيان (ص) والكيان (ص) أختلس ضعف الكيان (س)، والكيان (س) أختلس ضعف الكيان (ك). كم نسبة اختلاس المدير العام من الكيان (س) الى اختلاس المدير العام من الكيان (ص)، ونسبة اختلاس المدير العام من الكيان (س) الى اختلاس المدير العام من الكيان (ك)، مع العلم ان معدل مبلغ كل مدير عام في كل كيان متساو؟

الجواب: نفرض مقدار اختلاس الكيان (ك) = ك، إذن مقدار اختلاس الكيان (س) = 2 ك، مقدار اختلاس الكيان (ص) = 2 ع = 2 ضرب 2 ك = 4 ك، مقدار اختلاس الكيان (س) = 2 ص = 2 ضرب 4 ك = 8 ك. المبلغ المختلس لكل مدير عام للكيان (س) = 8 ك/30 = 0.267 ك، المبلغ المختلس لكل مدير عام للكيان (ص) = 4ك/20 = 0.250 ك، المبلغ المختلس لكل مدير عام للكيان (ك) = ك/10 = 0.1 ك. اذن نسبة اختلاس المدير العام من الكيان (س) الى اختلاس المدير العام من الكيان (ص) = 0.267 ك/0.250 ك = 1/1.067. و نسبة اختلاس المدير العام من الكيان (س) الى اختلاس المدير العام من الكيان (ك) = 0.267 ك/0.1 ك =2.67. نستنتج أن الكيان (س) أكثر فسادا من الكيان (ك) بأكثر من ضعف، والكيان (س) تقريبا فساده مقارب للكيان (ص). لذلك على الجهة الرقابية أعلام ذلك على الشعب لمعرفة الكيانات الاقل فسادا ورفض الكيان الفاسد مستقبلا.

تفسير الميسر: قوله تعالى عن الفساد "وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ" (القصص 77) الْمُفْسِدِينَ: الْ اداة تعريف، مُفْسِدِينَ اسم. والتمس فيما أتاك الله من الأموال ثواب الدار الآخرة، بالعمل فيها بطاعة الله في الدنيا، ولا تترك حظك من الدنيا، بأن تتمتع فيها بالحلال دون إسراف، وأحسن إلى الناس بالصدقة، كما أحسن الله إليك بهذه الأموال الكثيرة، ولا تلتمس ما حرَّم الله عليك من البغي على قومك، إن الله لا يحب المفسدين.

جاء في الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: قوله تعالى عن الفساد "وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ" (القصص 77) "وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة" وهذا إشارة إلى أن المال والثروة ليس أمراً سيئاً كما يتصوره بعض المتوهّمين، المهم أن تعرف فيم يستعمل المال، وفي أي طريق ينفق، فإذا ابتغي به الدار الآخرة فما أحسنه أو كان وسيلة للعب والهوى والظلم والتجاوز، فلا شيء أسوأ منه. وهذا هو المنطق الذي ورد على لسان أمير المؤمنينعليه السلام في كلام معروف (من أبصر بها بصَّرته ومن أبصر إليها أعمته). وكان قارون رجلا ذا قدرة على الأعمال الإجتماعية الكبيرة بسبب أمواله الطائلة، ولكن ما الفائدة منها وقد أعماه غروره عن النظر إلى الحقائق. والنصيحة الثّانية قولهم له: "ولا تنس نصيبك من الدنيا" والآية تشير إلى مسألة واقعيّة، وهي أنّ لكل فرد منّا نصيباً من الدنيا، فالأموال التي يصرفها على بدنه وثيابه ليظهر بمظهر لائق هي أموال محدودة، وما زاد عليها لا تزيد مظهره شيئاً، وعلى الإنسان أن لا ينسى هذه الحقيقة. فالإنسان. كم يستطيع أن يأكل من الطعام؟ ولم يستطيع أن يلبس من الثياب؟ وكم يمكن أن يحوز من المساكن والمراكب؟ وإذا مات وكم يستطيع أن يأخذ معه من الأكفان؟ فالباقي إذن رضي أم أبى هومن نصيب الآخرين. وما أجمل قول الإمام علي عليه السلام: (يابن آدم ما كسبت فوق قوتك فأنت فيه خازن لغيرك). وهناك تفسير آخر لهذه الجملة في الرّوايات الإسلامية وكلمات المفسّرين، ويمكن التوفيق بين هذا التّفسير والتّفسير السابق (لأنّ استعمال اللفظ في أكثر من معنى جائز). إذ ورد في تفسير "ولا تنس نصيبك من الدنيا" عن الإمام علي ابن أبي طالب عليه السلام أنّه قال: (لا تنس صحتك وقدرتك وفراغك وشبابك ونشاطك أن تطلب بها الآخرة). وطبقاً لهذا التّفسير فالعبارة المتقدمة بمثابة التنبيه لجميع الناس، لئلا يضيعوا أوقاتهم وفرصهم فإنّها تمر مرّ السحاب. والنصيحة الثّالثة هي "وأحسن كما أحسن الله إليك". وهذه حقيقة أُخرى، وهي أَن الإنسان يرجو دائماً نعم الله واحسانه وخيره ولطفه، وينتظر منه كل شيء. فبمثل هذه الحال كيف يمكن له التغاضي عن طلب الآخرين الصريح أو لسان حالهم.. وكيف لا يلتفت إليهم. وبتعبير آخر: كما أنّ الله تفضل عليك وأحسن، فأحسن أنت إلى الناس. وشبيه هذا الكلام نجده في الآية (22) من سورة النور في شأن العفو والصفح، إذ تقول الآية: "وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ " (النور 22). ويمكن تفسير هذه الجملة بتعبير آخر، وهو أنّ الله قد يهب الإنسان مواهب عظيمة لا يحتاج إليها جميعاً في حياته الشخصيّة فقد وهبه العقل والقدرة التي لا تدير فرداً واحداً فحسب، بل تكفي لإدارة بلد أيضاً ووهبه علماً لا يستفيد منه إنسان واحد فقط، بل ينتفع به مجتمع كامل. أعطاه مالا وثروة لتنفيذ المناهج الإجتماعية. فهذه المواهب الإلهية مفهومها الضمني أنّها لا تتعلق بك وحدك ـ أيّها الإنسان ـ بل أنت وكيل مخوّل من قبل الله لنقلها إلى الآخرين، أعطاك الله هذه المواهب لتدير بها عباده.

ويستطرد الشيخ الشيرازي في تفسيره للآية المباركة القصص 77 قائلا: والنصيحة الرابعة والأخيرة أن لا تغرنّك هذه الاموال والامكانات المادية فتجرّك الى الفساد. "ولا تبغ الفساد في الآرض إنّ الله لا يحبّ المفسدين". وهذا أيضاً حقيقة واقعية أُخرى، إنّ كثيراً من الأثرياء وعلى أثر جنون زيادة المال أحياناً أو طلباً للاستعلاء، يفسدون في المجتمع، فيجرّون إلى الفقر والحرمان، ويحتكرون جميع الأشياء في أيديهم، ويتصورون أنّ الناس عبيدهم ومماليكهم، ومن يعترض عليهم فمصيره الموت، وإذا لم يستطيعوا إتهامه أو الإساءة إليه بشكل صريح، فإنّهم يجعلونه معزولا عن المجتمع بأساليبهم وطرائقهم الخاصة. والخلاصة: إنّهم يجرون المجتمع إلى الفساد والإنحراف. وفي كلام جامع موجز نصل إلى أن هؤلاء الناصحين سعوا أولا إلى أن يكبحوا غرور قارون. ثمّ نبهوه أَن الدنيا إنّما هي وسيلة ـ لا هدف ـ في مرحلتهم الثّانية. وفي المرحلة الثّالثة أنذروه بأن ما عندك تستفيد من قسم قليل منه، والباقي لغيرك. وفي المرحلة الرابعة أفهموه هذه الحقيقة، وهي أن لا ينسى الله الذي أحسن إليه فعليه أن يحسن إلى الآخرين. وإلاّ فإنّهُ يسلب مواهبه منك. وفي المرحلة الخامسة حذروه من أن مغبة الفساد في الأرض الذي يقع نتيجة نسيان الأصول الأربعة آنفة الذكر. وليس من المعلوم بدقّة من هم الناصحون لقارون يومئذ ولكن القدر المسلم به أنّهم رجال علماء متقون، أذكياء، ذوو نجدة وشهامة، عارفون للمسائل الدقيقة الغامضة. ولكن الاعتقاد بأنّ الناصح لقارون هو موسى عليه السلام نفسه بعيد جدّاً، لأنّ القرآن يعبّر عن من قدم النصح بصيغة الجماعة "إذ قال له قومه". والآن لنلاحظ ما كان جواب هذا الإنسان الباغي والظالم الإسرائيلي لجماعته الواعظين له.

جاء في صوت الأزهر عن الرسول حارب الفساد والمفسدين: أكد الدكتور خالد عبدالعال أستاذ العقيدة والفلسفة كلية الدعوة بجامعة الأزهر أن الإسلام جاء ليصلح أمر الدنيا ويهدى الناس إلى سبيل النجاة فى الآخرة فهو دين ودنيا وأخلاق ومعاملة وسلوك ومن ثم حارب الإسلام الفساد بكل صوره وأشكاله لأن المجتمع لن ينصلح إلا بمقاومة الفساد والتصدى له وجاءت نصوص القرآن والسنة لمقاومة الفساد ومحاربته قال تعالى "ولا تفسدوا فى الأرض بعد إصلاحها" (الاعراف 56) وقال "ظهر الفساد فى البر والبحر بما كسبت أيدى الناس ليذيقهم بعض الذى عملوا" (الروم 41) وقال "ولا تبغ الفساد فى الأرض إن الله لا يحب المفسدين" (القصص 77). قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (يكون فى آخر هذه الأمة خسف ومسخ وقذف، فقلت: يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: نعم إذا ظهر الخبث).


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . فاضل حسن شريف
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2025/01/28



كتابة تعليق لموضوع : ضرر الفساد في أمثلة (ولا تبغ الفساد في الأرض ان الله لا يحب المفسدين) (ح 33)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net