زيارة الأربعين (2) جريان السيرة عليها
الشيخ حسن يوسف
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
الشيخ حسن يوسف
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
يبدو أن السيرة جارية على إحياء زيارة الأربعين وعدّها موسمًا خاصًّا بالزيارة عند الشيعة منذ زمن النص إلى اليوم، أي منذ زار جابر الأنصاري رضوان الله عليه، إلى زمن العسكري عليه السلام حتى غدت علامة تميّز الشيعة عن غيرهم، إلى يومنا هذا...
بل هي سلوك مترسخ في الوجدان الشيعي ومن أجلى مصاديق قول الصادق عليه السلام: من أراد الله به الخير قذف في قلبه حب الحسين وحب زيارته.
لذلك فإنه وإن اشتد الظرف ومُنعت الزيارة لعقود متوالية، حتى مضى جيل ونشأ جيل جديد لم يعرف شيئا عن الزيارة، ولكن فور ارتفاع المنع في صفر 1424هـ خرج الناس زرافات مشيًا على الأقدام متجهين إلى كربلاء، هذا والأمن لمّا يستتب، ولم يكن آنذاك توجيه دعا الناس وحرّضهم على إحياء الزيارة وإنما حرّكهم الارتباط والعُلقة في قلوبهم تجاه زيارة سيد الشهداء عليه السلام.
***
ومن شواهد جريان السيرة على ذلك:
قال أبو الريحان البيروني (440هـ): وفي العشرين (يعني من صفر) رد رأس الحسين إلى جثته حتى دفن مع جثته، وفيه زيارة الأربعين.
وقال شمس الدين القرطبي (671هـ): والإمامية تقول إن الرأس أعيد إلى الجثة بكربلاء بعد أربعين يومًا من المقتل وهو يوم معروف عندهم يسمون الزيارة فيه زيارة الأربعين.
وقال الشيخ خضر بن شلال رحمه الله (1255هـ): ومن زيارات الحسين عليه السلام المخصوصة يوم العشرين من صفر، الذي قد لا يُرتاب في أن مزيد فضل العشرين منه وفضل الأعمال فيه -وخصوصًا زيارة الحسين عليه السلام- عند الإمامية كنار على علم.
وقال السيد عبد الرزاق المقرم رحمه الله (1391هـ): ولهذا اطّردت عادة الشيعة على تجديد العهد بتلكم الأحوال يوم الأربعين من كلّ سنة، ولعلّ رواية أبي جعفر الباقر عليه السلام: (إنّ السّماء بكت على الحسين أربعين صباحاً تطلع حمراء وتغرب حمراء) تلميح إلى هذه العادة المألوفة بين النّاس. وحديث الإمام الحسن العسكري عليه السلام: (علامات المؤمن خمس صلاة... الحديث) يرشدنا إلى تلك العادة المطّردة المألوفة.
وعبّر السيد محسن الحكيم رضوان الله عليه (1390هـ) عن زوار الحسين عليه السلام في الأربعين بـ(الأنصار)، قال رحمه الله: الأموال التي تجمع لعزاء سيد الشهداء (ع) من صنف خاص لإقامة مأتمهم أو من أهل البلد لإقامة مأتم فيها أو للأنصار الذين يذهبون في زيارة الأربعين إلى كربلاء..
وجرى بعده على نفس التعبير سائر علمائنا الأعلام.
***
كما أفتى علماؤنا على مر العصور باستحباب هذه الزيارة بعنوانها، مثل: الشيخ المفيد (413هـ) في مزاره وفي مسار الشيعة، والشيخ الطوسي (460هـ) في المصباح، وابن المشهدي (594هـ) في المزار، وابن طاووس (664هـ) في الإقبال، والعلامة الحلي (726هـ) في منتهى المطلب والتحرير والتذكرة، والشهيد الأول (786هـ) في المزار، والحر العاملي (1104هـ) في الوسائل وهداية الأمة وغيرهم رضوان الله عليهم جميعًا.
وهذا كله كاشف عن أن السيرة جارية على تعظيم هذه الزيارة بعنوانها وإحيائها منذ زمن النص إلى اليوم.
***
وحاصل هذا البيان أن زيارة الأربعين منذ زمن النص كانت علامة وشعارا للمؤمنين ومن المرتكزات الثابتة في الوجدان الشيعي، وكانوا عليها عليه خلفا عن سلف حتى عرفت شعارًا يميز الشيعة.
وبلغت من الأهمية حدا يغني عن التشجيع والحث عليها، وإنما تذكر في كتب الفقه والتاريخ استطرادا كما تورد البديهيات...
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat