صفحة الكاتب : محمد  عبد الجبار الشبوط

القومية الإنسانية
محمد عبد الجبار الشبوط

في العصر الحديث، أثبتت التجارب التاريخية والاجتماعية أن الدول التي تعتمد على القومية العرقية أو الطائفية أو الدينية تواجه تحديات كبيرة في تحقيق الاستقرار والأمن والتنمية. بدلاً من ذلك، يتم تقديم مفهوم "القومية الإنسانية" أو "القومية المدنية" كأساس لبناء الدولة الحضارية الحديثة. هذا المفهوم يقوم على مجموعة من المبادئ التي تسعى لتحقيق الحرية، والمساواة، والعدالة بين المواطنين.

1. القومية الإنسانية مقابل القومية العرقية والطائفية والدينية:
القومية الإنسانية ترتكز على مبدأ اعتبار جميع المواطنين كأفراد متساوين في الكرامة والحقوق، بغض النظر عن خلفياتهم العرقية أو الدينية أو الطائفية أو الطبقية. على النقيض من ذلك، تؤدي القومية العرقية والطائفية والدينية إلى تقسيم المجتمع إلى فئات مُتباعدة ومتخاصمة، مما يعيق عملية البناء الوطني ويزيد من احتمالات الصراع الداخلي.

2. مبدأ المواطنة المتساوية:
في ظل القومية الإنسانية، تكون المواطنة هي الرابط الأساسي والوحيد بين الفرد والدولة. كل فرد يُعامل كمواطن ذي حقوق وواجبات متساوية. الدولة لا تميز بين مواطنيها على أساس الدين أو الطائفة أو الطبقة أو العرق. هذا المبدأ يعزز الشعور بالانتماء ويشجع على المشاركة الفعالة في الحياة السياسية والاجتماعية.

3. الديمقراطية وحقوق الإنسان كركائز أساسية:
الديمقراطية تُعدُّ أساسًا لتحقيق القومية الإنسانية، حيث يتمكن المواطنون من المشاركة في اتخاذ القرارات السياسية من خلال الانتخابات الحرة والنزيهة. حقوق الإنسان هي الدعامة الأخرى التي تُؤكد على حماية كرامة الفرد وحريته. في الدولة الحضارية الحديثة، يتم احترام حقوق الإنسان من خلال قوانين وسياسات تُؤمّن حقوق الحرية، التعبير، الدين، والتعليم والعمل.

4. سيادة القانون والعدالة الاجتماعية:
الدولة الحضارية الحديثة تقوم على أساس سيادة القانون، حيث يُعَامَل جميع الأفراد على قدم المساواة أمام القانون. هذا يمنع التمييز والتفرقة ويعزز الثقة في النظام القانوني. العدالة الاجتماعية تعني توفير فرص متساوية لجميع المواطنين لبلوغ إمكانياتهم وتحقيق طموحاتهم، من خلال نظام تعليمي وصحي متوازن وسياسات اقتصادية تضمن توزيعاً عادلاً للثروات.

5. التعايش السلمي والتماسك الاجتماعي:
بفضل المبادئ السابقة، تسعى الدولة الحضارية الحديثة إلى تحقيق التعايش السلمي بين مختلف مكوناتها. التماسك الاجتماعي ينبع من الاعتراف بالتنوع واحترامه والعمل على تعزيز الوحدة الوطنية من خلال قواسم مشتركة تجمع بين أفراد المجتمع.

الختام:
الدولة الحضارية الحديثة التي تبنى على القومية الإنسانية تحقق التنمية المستدامة والأمن والاستقرار. بتعزيز قيم الحرية، المساواة، الديمقراطية، وحقوق الإنسان، تكون هذه الدولة قادرة على مواجهة التحديات المختلفة وبناء مستقبل مشرق لجميع مواطنيها. وفي مجتمع اسلامي نستطيع ان نلاحظ ان القران الكريم يقر المبادئ الاساسية للقومية الانسانية.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد عبد الجبار الشبوط
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2024/09/22



كتابة تعليق لموضوع : القومية الإنسانية
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net