آيات قرآنية من كتاب الحسين في مواجهة الضلال للسيد سامي البدري (ح 1)
د . فاضل حسن شريف
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . فاضل حسن شريف
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
جاء في کتاب الحسين عليه السلام في مواجهة الضلال الأموي وإحياء سيرة النبي صلّى الله عليه وآله وعلي عليه السلام للسيد سامي البدري: عن أبي حمزة الثمالي، قال الصادق عليه السلام: (قل إذا زرت الحسين عليه السلام: اللّهمّ إنّي أَشهَدُ أنّ هذا قبرُ ابنِ حبيبِك، وصَفوتِك من خلقِك، وأنّه الفائزُ بكرامتِك، أكرمتَه بكتابِك، وخصَصْتَه وائتمَنْتَه على وحيك، وأعطيتَه مواريثَ الأنبياء، وجعلته حجّة على خلقِك، فأعذرَ في الدعاء، وبذَل مُهجتَه فيك، ليستنقذ عبادَك من الضلالة والجهالة والعَمى، والشك والارتياب إلى باب الهدى). رواه ابن قولويه في كتابه كامل الزيارات (ص:223)، قال: حدّثني أبو عبد الرحمن محمّد بن أحمد بن الحسين العسكري، ومحمد بن الحسن جميعاً عن الحسن بن علي بن مهزيار، عن أبيه علي بن مهزيار، عن محمّد بن أبي عمير، عن محمّد بن مروان: (وأعطيته مواريث الأنبياء): أي تسلّم الحسين عليه السلام مواريث الأنبياء بعد موت أخيه الحسن عليه السلام، فهو وأخوه وأبوهما من قبل والتسعة من ذرّيته عليهم السلام من بعدهم المذكورون في قوله تعالى: "ثمّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُو الْفَضْلُ الْكَبِيرُ" (فاطر 32).
عن تحريف بنو أمية للدين يقول السيد البدري حفظه الله: كيف حرّف بنو اُميّة دين الله وسنّة نبيّه، وكيف نهض الحسين عليه السلام بوجههم، وكيف وفّق لتكون حركته وشهادتُه عليه السلام سبباًَ لهداية الناس إليه، وسنّة النبي صلى الله عليه وآله الصحيحة، ولولا ذلك لكانت الأمّة إلى اليوم تعيش ضلالة بني اُميّة. وفي ضوء هذا التفسير تأتي ضرورة مواصلة إحياء ذكرى هذه الشهادة، لأنّها مَعْلَمٌ ورايةٌ تنبِّه الغافلين من المسلمين والباحثين عن الحقيقة في تاريخ الإسلام: "لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ" (الأنفال 42).
وعن الوظيفة الإلهيّة للأئمّة الاثني عشر عليهم السلام يقول السيد سامي البدري في كتابه: الإمامة الإلهيّة لأهل البيت عليهم السلام لها نظير في الاُمم السابقة: إمامة أهل البيت الإلهيّة بعد النبي صلى الله عليه وآله التي يحصرها الشيعة بعلي عليه السلام والطاهرين من ذرّية النبي صلى الله عليه وآله والحسن والحسين والتسعة من ذرّية الحسين عليهم السلام، هي امتداد لإمامة النبي صلى الله عليه وآله الإلهيّة، نظير إمامة لوط وإسماعيل وإسحاق ويعقوب التي كانت امتداداً لإمامة إبراهيم الإلهيّة، ووارثة لها بأمر إلهي، كما في قوله تعالى: "وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطاً إلى الأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ * وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلاً جَعَلْنَا صَالِحِينَ * وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا" (الأنبياء 71-73). وهي أيضاً نظير إمامة هارون وآل هارون الإلهيّة، التي هي امتداد لإمامة موسى الإلهيّة، المشار إليها في قوله تعالى: "وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَلا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَائِهِ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ * وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ" (السجدة 23-24)، وقوله تعالى: "وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمْ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ" (البقرة 248)، وقوله تعالى: "وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمْ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً" (المائدة 12). يعتقد الشيعة تبعاً للرواية عن الأئمّة عليهم السلام: أنّ الشهداء على الناس في قوله تعالى: (وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُو اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُو سَمَّاكُمْ الْمُسْلِمينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ" (الحج 78)، هم هؤلاء الاثنا عشر فقط، وقد جعلهم النبي صلى الله عليه وآله عدلَ القرآن بقوله: (إنّي تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبداً، كتاب الله وعِترتي أهل بيتي). وأنّ الآية الكريمة: "فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمْ اقْتَدِهِ" (الأنعام 89-90)، تشير إليهم وإلى وظيفتهم، والكفر بالرسالة هو رفضها أو تحريفها. لقد وكّل الله تعالى بدينه ورسالته بعد النبي صلى الله عليه وآله هؤلاء الاثني عشر من أهل بيته، ليدافعوا عنها ويحفظوها في المجتمع إذا تعرّضت لتحريفٍ ماحِقٍ يستلزم بطلان حجّة الله تعالى على الناس.
وعن التناظر التكويني بين الأئمّة من أهل البيت عليهم السلام والأئمّة من بني إسرائيل يقول السيد البدري حفظه الله في كتابه: وقد شاءت حكمة الله تعالى أن يكون هناك تناظر تكويني بين الأئمّة من أهل البيت عليهم السلام والأئمّة من بني إسرائيل: فجعل الله تعالى الأئمّة من أهل البيت عليهم السلام اثني عشر، نظير جعل الأئمّة من بني إسرائيل بعد موسى اثني عشر، قال تعالى: "وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمْ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً" (المائدة 12). وقد أكّد النبي صلى الله عليه وآله هذه المقارنة حين سُئل عن عدد الأئمّة من بعده، قال: (عدّة نقباء بني إسرائيل اثني عشر، لا يضرّهم مَنْ عاداهم). وجعل أغلب أوصياء محمّد صلى الله عليه وآله من ذرّية أخيه ووزيره وأوّل أوصيائه علي عليه السلام، نظير جعله أغلب أوصياء موسى عليه السلام بعده في ذرّية أخيه ووزيره هارون عليه السلام، وهم (آل هارون).
ويقول السيد سامي البدري عن ما هي الوظيفة الإلهيّة لأهل البيت عليهم السلام بعد النبي صلى الله عليه وآله؟: يمكننا تلخيص وظيفة أهل البيت عليهم السلام بوصفهم أئمّة إلهيين بعد النبي صلى الله عليه وآله بأمرين أساسيين هما: الأمر الأوّل: المحافظة على سنّة النبي صلى الله عليه وآله في المجتمع من الضياع والتحريف، ومواجهة الضلالات والفتن الأساسية التي يُخشى منها على الإسلام، وبالتالي مواصلة الهداية الخاصة، والشهادة والحجّة على الناس التي أسسها النبي صلى الله عليه وآله، قال الله تعالى: "فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْماً لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمْ اقْتَدِهِ" (الأنعام 89-90)، [وقال أيضاً:] "مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُو سَمَّاكُمْ الْمُسْلِمينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ" (الحج 78). قال النبي صلى الله عليه وآله: (إنّي تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبداً كتاب الله وعترتي أهل بيتي). الأمر الثاني: إعطاء سيرة وتجارب ومواقف معصومة هادية في الجانب الشخصي والاجتماعي والسياسي، كالدعوة والثورة والحكم والصلح والتعايش مع المخالفين بالرأي داخل المجتمع الإسلامي، بحسب الموقع الذي يحتله المعصوم في المجتمع، إلى جنب ما أعطاه النبي صلى الله عليه وآله من مواقف معصومة هادية في الدعوة والثورة والحكم والصلح مع المجتمع المشرك بحسب المواقع التي تبوّأها.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat