اليوم الدولي للتضامن الإنساني 20 ديسمبر (ح 3) (وتعاونوا على البر والتقوى)
د . فاضل حسن شريف
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . فاضل حسن شريف
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
جاء في موقع الموسوعة الحرة عن اليوم العالمي للتضامن الإنساني حددت الجمعية العامة للأمم المتحدة، في قرارها 209/60 التضامن باعتباره أحد القيم الأساسية والعالمية التي ينبغي أن تقوم عليها العلاقات بين الشعوب في القرن الحادي والعشرين، وتقرر، في هذا الصدد، أن تعلن 20 كانون الأول/ديسمبر من كل عام يوما دوليا للتضامن الإنساني، في مؤتمر القمة العالمي للتنمية الاجتماعية، التزمت الحكومات بالقضاء على الفقر باعتبار ذلك حتمية أخلاقية واجتماعية وسياسية واقتصادية للبشرية. وأنشأت الجمعية العامة في شباط/فبراير 2003، بموجب قرارها 265/57 صندوق التضامن العالمي بوصفه صندوقا استئمانيا تابعا لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي. ويتمثل الهدف منه في القضاء على الفقر وتعزيز التنمية البشرية والاجتماعية في البلدان النامية، ولا سيما بين القطاعات الأكثر فقرا من سكانها. وعُزز مفهوم التضامن بوصفه أمرا بالغ الأهمية في مكافحة الفقر وفي إشراك جميع أصحاب المصلحة ذوي الصلة، من خلال مبادرات من قبيل إنشاء صندوق التضامن العالمي من أجل القضاء على الفقر وإعلان اليوم الدولي للتضامن الإنساني. ويذكرنا اليوم الدولي للتضامن الإنساني بأهمية التضامن لتحقيق المعاهدات المتفق عليها دوليا، بما في ذلك برامج عمل المؤتمرات الدولية والاتفاقات متعددة الأطراف. اليوم العالمي للتضامن الإنسانى هو: يوم للاحتفاء بوحدتنا في إطار التنوع. يوم لتذكير الحكومات بضرورة احترام التزاماتها في الاتفاقات الدولية. يوم لرفع مستوى الوعي العام بأهمية التضامن. يوم لتشجيع النقاش بشأن سبل تعزيز التضامن لتحقيق الأهداف الإنمائية للألفية، بما في ذلك القضاء على الفقر. يوم للعمل على تشجيع على مبادرات جديدة للقضاء على الفقر
جاء في موقع توينكل عن أنشطة توينكل التعليمية تناسب اليوم الدولي للتضامن الإنساني: كيف يمكنني استخدام برنامج العرض التقديمي كجزء من مكافحة التنمر؟ هدفنا من خلال هذا العرض التقديمي هو تزويدك بأداة موثوقة وغنية بالمعلومات لاستخدامها عند تعليم الطلاب أهمية مكافحة التنمر. يغطي العرض التقديمي بعض الأشكال المختلفة للتنمر، وتأثير التنمر، وكيف يمكن للأطفال المساعدة في تغيير بيئتهم لمنع التنمر وذلك باستخدام بعض الرسوم التوضيحية الرائعة خلال هذا العرض.
جاء في موقع موضوع سؤال وجواب ما هي الآيات التي تحدثت عن التضامن في القرآن الكريم؟ التضامن سلوكٌ إنسانيٌّ يجعل المرء يشعر بالآخرين ويزيد من قوة علاقته بمجتمعه وفيه تحقيقٌ لأهم معاني الوحدة والتعاون التي يُحبها الله -سبحانه- ويرضاها والقرآن الكريم مليءٌ بالآيات التي تتضمن هذا المعنى سأذكر لك بعضها فيما يأتي "يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ "قُلْ مَا أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عليم" (البقرة 215). "مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ " وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ " وَاللَّهُ وَاسِعٌ عليم" (البقرة 261). "إن تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ " وَيُكَفِّرُ عَنكُم مِّن سَيِّئَاتِكُمْ" (البقرة 271). "وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ" (المائدة 2). "وَآتِ ذَا الْقُرْبَىٰ حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ" (الإسراء 26). "قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا" (الكهف 95). "وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي* هَارُونَ أَخِي* اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي * وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي" (طه 29-32). "قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ" (القصص 35). "مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ " وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ" (الفتح 29). "وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا" (الحجرات 9). "إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ" (الحجرات 10). "لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ" (الطلاق 7). "إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنْيَانٌ مَّرْصُوص" (الصف 4).
عن تفسير مجمع البيان للشيخ الطبرسي: قوله عزت قدرته "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّن رَّبِّهِمْ وَرِضْوَانًا ۚ وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا ۚ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَن تَعْتَدُوا ۘ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ" (المائدة 2) ابتدأ سبحانه بتفصيل الأحكام فقال: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا" أي: صدقوا الله ورسوله، فيما أوجب عليهم "لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ" اختلف في معنى شعائر الله على أقوال: أحدها: إن معناه لا تحلوا حرمات الله، ولا تتعدوا حدود الله، وحملوا الشعائر على المعالم أي: معالم حدود الله، وأمره ونهيه، وفرائضه، عن عطاء، وغيره. وثانيها: إن معناه لا تحلوا حرم الله، وحملوا الشعائر على المعالم أي: معالم حرم الله من البلاد، عن السدي وثالثها: إن معنى شعائر الله: مناسك الحج، أي: لا تحلوا مناسك الحج فتضيعوها، عن ابن جريج، وابن عباس. ورابعها: ما روي عن ابن عباس أن المشركين كانوا يحجون البيت، ويهدون الهدايا، ويعظمون حرمة المشاعر، وينحرون في حجهم. فأراد المسلمون أن يغيروا عليهم، فنهاهم الله عن ذلك. وخامسها: إن شعائر الله هي: الصفا، والمروة، والهدي من البدن، وغيرها، عن مجاهد. وقال الفراء: كانت عامة العرب لا ترى الصفا والمروة من شعائر الله، ولا يطوفون بينهما، فنهاهم الله عن ذلك، وهو المروي عن أبي جعفر عليه السلام. وسادسها: إن المراد لا تحلوا ما حرم الله عليكم في إحرامكم، عن ابن عباس، في رواية أخرى. وسابعها: إن الشعائر هي العلامات المنصوبة للفرق بين الحل والحرم، نهاهم الله سبحانه أن يتجاوزوها إلى مكة بغير إحرام، عن أبي علي الجبائي. وثامنها: إن المعنى لا تحلوا الهدايا المشعرة أي: المعلمة، لتهدى إلى بيت الله الحرام، عن الزجاج، والحسين بن علي المغربي، واختاره البلخي. وأقوى الأقوال هو القول الأول، لأنه يدخل فيه جميع الأقوال من مناسك الحج وغيرها، وحمل الآية على ما هو الأعم أولى. "وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ" معناه: ولا تستحلوا الشهر الحرام بأن تقاتلوا فيه أعداءكم من المشركين، كما قال تعالى: "يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ" عن ابن عباس، وقتادة. واختلف في معنى الشهر الحرام هنا، فقيل: هو رجب، وكانت مضر تحرم فيه القتال. وقيل: هو ذو القعدة، عن عكرمة. وقيل: هي الأشهر الحرم كلها، نهاهم الله عن القتال فيها، عن الجبائي، والبلخي، وهذا أليق بالعموم. وقيل: أراد به النسئ كقوله "إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ" عن القتيبي. "وَلَا الْهَدْيَ" أي: ولا تستحلوا الهدي: وهو ما يهديه الإنسان من بعير، أو بقرة، أو شاة، إلى بيت الله، تقربا إليه، وطلبا لثوابه. فيكون المعنى: ولا تستحلوا ذلك، فتغصبوه أهله، ولا تحولوا بينهم وبين أن تبلغوه محله من الحرم، ولكن خلوهم حتى يبلغوا به المحل الذي جعله الله له.
ويستطرد الشيخ الطبرسي في تفسيره للآية (المائدة 2) قائلا: وقوله "وَلَا الْقَلَائِدَ" معناه: ولا تحلوا القلائد، وفيه أقوال أحدها: إنه عنى بالقلائد الهدي المقلد، وإنما كرر لأنه أراد المنع من حل الهدي الذي لم يقلد، والهدي الذي قلد، عن ابن عباس، واختاره الجبائي. وثانيها: إن المراد بذلك القلائد التي كان المشركون يتقلدونها إذا أرادوا الحج، مقبلين إلى مكة، من لحاء السمر، فإذا خرجوا منها إلى منازلهم منصرفين منها إلى المشعر، عن قتادة قال: كان في الجاهلية، إذا خرج الرجل من أهله، يريد الحج، يقلد من السمر، فلا يتعرض له أحد، وإذا رجع يقلد قلادة شعر، فلا يتعرض له أحد. وقال عطا: إنهم كانوا يتقلدون من لحاء شجر الحرم، يأمنون به إذا خرجوا من الحرم. وقال الفراء: أهل الحرم كانوا يتقلدون بلحاء الشجر، وأهل غير الحرم كانوا يتقلدون بالصوف، والشعر، وغيرهما. وثالثها: إنه عنى به المؤمنين، نهاهم أن ينزعوا شيئا من شجر الحرم، يتقلدون به، كما كان المشركون يفعلونه في جاهليتهم، عن عطا في رواية أخرى، والربيع بن أنس. ورابعها: إن القلائد ما يقلد به الهدي، نهاهم عن حلها، لأنه كان يجب أن يتصدق بها، عن أبي علي الجبائي، قال: هو صوف يفتل ويعلق به على عنق الهدي. وقال الحسن: هو نعل يقلد بها الإبل، والبقر، ويجب التصدق بها إن كانت لها قيمة. والأولى أن يكون نهيا عن استحلال القلائد، فيدخل الإنسان والبهيمة، أو يكون نهيا عن استحلال حرمة المقلد، هديا كان ذلك، أو إنسانا "وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ" أي: ولا تحلوا قاصدين البيت "الْحَرَامَ" أي: لا تقاتلوهم لأنه من قاتل في الأشهر الحرم، فقد أحل، فقال: لا تحلوا قتال الآمين البيت الحرام: أي القاصدين. والبيت الحرام: بيت الله بمكة، وهو الكعبة، سمي حراما لحرمته. وقيل: لأنه يحرم فيه ما يحل في غيره. واختلف في المعني بذلك فمنهم من حمله على الكفار، واستدل بقوله فيما بعد: "وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ" الآية. ومنهم من حمله على من أسلم، فكأنه نهى أن يؤخذ بعد الإسلام بذحل الجاهلية، لان الإسلام يجب ما قبله. "يَبْتَغُونَ" أي: يطلبون يعني الذين يأمون البيت "فَضْلًا مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَانًا" أي: أرباحا في تجاراتهم من الله، وأن يرضى عنهم بنسكهم على زعمهم، فلا يرضى الله عنهم وهم مشركون. وقيل: يلتمسون رضوان الله عنهم، بأن لا يحل بهم ما حل بغيرهم من الأمم من العقوبة، في عاجل دنياهم، عن قتادة، ومجاهد. وقيل: فضلا من الله في الآخرة، ورضوانا منه فيها. وقيل: فضلا في الدنيا، ورضوانا في الآخرة، وقال ابن عباس: إن ذلك في كل من توجه حاجا، وبه قال الضحاك، والربيع. واختلف في هذا فقيل هو منسوخ بقوله "فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ" عن أكثر المفسرين. وقيل: لم ينسخ في هذه السورة شيء، ولا من هذه الآية، لأنه لا يجوز أن يبتدئ المشركون في الأشهر الحرم بالقتال، إلا إذا قاتلوا، عن ابن جريج، وهو المروي عن أبي جعفر عليه السلام، وروي نحوه عن الحسن. وذكر أبو مسلم: إن المراد به الكفار الذين كانوا في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فلما زال العهد بسورة براءة، زال ذلك الحظر، ودخلوا في حكم قوله تعالى "فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا". وقيل: لم ينسخ من المائدة غير هذه الآية "لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ" عن الشعبي، ومجاهد، وقتادة، والضحاك، وابن زيد. وقيل: إنما نسخ منها قوله "وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ" إلى "آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ" ذكر ذلك ابن أبي عروبة، عن قتادة قال: نسخها قوله "فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ" وقوله "مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ" وقوله "إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا" في السنة التي نادى فيها بالأذان، وهو قول ابن عباس. وقيل: لم ينسخ من هذه الآية إلا القلائد، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد.
ويستمر الشيخ الطبرسي في تفسيره الآية (المائدة 2) عن تعاونوا: "وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا" معناه: إذا حللتم من إحرامكم فاصطادوا فيها الصيد الذي نهيتم أن تحلوا، فاصطادوه إن شئتم حينئذ، لان السبب المحرم قد زال، عند جميع المفسرين "وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ" أي: ولا يحملنكم. وقيل: لا يكسبنكم "شَنَآنُ قَوْمٍ" أي: بغضاء قوم "أَنْ صَدُّوكُمْ" أي: لأن صدوكم أي: لأجل أنهم صدوكم "عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ" يعني النبي وأصحابه، لما صدوهم عام الحديبية "أَنْ تَعْتَدُوا" ومعناه: لا يكسبنكم بغضكم قوما الاعتداء عليهم، بصدهم إياكم عن المسجد الحرام. قال أبو علي الفارسي: معناه لا تكتسبوا لبغض قوم عدوانا، ولا تقترفوه. هذا فيمن فتح أن، ويوقع النهي في اللفظ على الشنآن، والمعني بالنهي المخاطبون كما قالوا: لا أرينك ههنا "وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ". ومن جعل "شَنَآنُ" صفة، فقد أقام الصفة مقام الموصوف، ويكون تقديره. ولا يحملنكم بغض قوم والمعنى على الأولى. ومن قرأ: "أَنْ صَدُّوكُمْ" بكسر الألف، فقد مر ذكر معناه و "أَنْ تَعْتَدُوا" معناه: أن تتجاوزوا حكم الله فيهم إلى ما نهاكم عنه. نهى الله المسلمين عن الطلب بذحول الجاهلية، عن مجاهد، وقال: هذا غير منسوخ، وهو الأولى. وقال ابن زيد: وهو منسوخ "وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ" وهو استئناف كلام، وليس بعطف على "تَعْتَدُوا" فيكون في موضع نصب. أمر الله عباده بأن يعين بعضهم بعضا على البر والتقوى، وهو العمل بما أمرهم الله تعالى به، واتقاء ما نهاهم عنه، ونهاهم أن يعين بعضهم بعضا على الإثم، وهو ترك ما أمرهم به، وارتكاب ما نهاهم عنه، من العدوان، وهو مجاوزة ما حد الله لعباده في دينهم، وفرض لهم في أنفسهم، عن ابن عباس، وأبي العالية، وغيرهما من المفسرين. "وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ": هذا أمر منه تعالى بالتقوى، ووعيد، وتهديد لمن تعدى حدوده، وتجاوز أمره يقول: احذروا معصية الله فيما أمركم به، ونهاكم عنه، فتستوجبوا عقابه، وتستحقوا عذابه. ثم وصف تعالى عقابه بالشدة. لأنه نار لا يطفأ حرها، ولا يخمد جمرها، نعوذ بالله منها.
جاء في تفسير الميسر: قوله عزت قدرته "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّن رَّبِّهِمْ وَرِضْوَانًا ۚ وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا ۚ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَن تَعْتَدُوا ۘ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ" (المائدة 2) أي: لا يحملنَّكم بغضُ قوم قد كانوا صدُّوكم عن الوصول إلى المسجد الحرام عام الحديبية، على أن تعتدوا في حكم الله فيكم، فتقتصُّوا منهم ظُلمًا وعُدوانًا، بقصد الانتقام والتشفِّي.
وعن تفسير الجلالين لجلال الدين السيوطي: قوله تعالى عن تعاونوا "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّن رَّبِّهِمْ وَرِضْوَانًا ۚ وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا ۚ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَن تَعْتَدُوا ۘ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ" (المائدة 2) "يا أيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله" جمع شعيرة أي معالم دينه بالصيد في الإحرام "ولا الشهر الحرام" بالقتال فيه "ولا الهدْي" ما أهدى إلى الحرم من النِّعم بالتعرض له "ولا القلائد" جمع قلادة وهي ما كان يقلد به من شجر الحرم ليأمن أي فلا تتعرضوا لها ولا لأصحابها "ولا" تحلوا "آمِّين" قاصدين "البيت الحرام" بأن تقاتلوهم، "يبتغون فضلا" رزقا "من ربهم" بالتجارة "ورضوانا" منه بقصده بزعمهم الفاسد وهذا منسوخ بآية براءة، "وإذا حللتم" من الإحرام "فاصطادوا" أمر إباحة، "ولا يجرمنَّكم" يكسبنكم "شنَآن" بفتح النون وسكونها بغض (قوم) لأجل "أن صدوكم عن المسجد الحرام أن تعتدوا" عليهم بالقتل وغيره، "وتعاونوا على البرِّ" بفعل ما أمرتم به، "والتقوى" بترك ما نهيتم عنه، "ولا تعاونوا" فيه حذف إحدى التاءين في الأصل "على الإثم" المعاصي "والعدوان" التعدي في حدود الله، "واتقوا الله" خافوا عقابه بأن تطيعوه، "إن الله شديد العقاب" لمن خالفه.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat