شَعَّتْ فلا الشَّمسُ تَحكيها ولا القمَرُ
زَهراءُ من نورِها الأكوانُ تزدهِرُ
بنتُ الخلودِ لها الأجيالُ خاشعةٌ
لم تأْتلِف بيننا الأرواحُ والصُّوَرُ
معنى النّبوّةِ سرُّ الوحي قد نزلتْ
في بيتِ عصمتِها الآياتُ والسّوَرُ
تمثل سيدتنا سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء ( عليها السلام) كل معاني وقيم الدين الحنيف من الطهر والنقاء والعصمة أنها مدرسة الاخلاق والعبادة والقدوة الحسنة لكل الموالين من الرجال والنساء في عصرنا الحاضر.
وبقدر ما كانت الطاهرة الزهراء (عليهاالسلام) تحتل القمّة في علاقتها بالله تعالى كانت كذلك في سمو أخلاقها، ومعاملتها مع زوجها وولديها (عليهم السلام) وخادمتها وجيرانها والناس اجمعين كانت (سلام الله عليها) ميزانا ومقياسا لرضى الله تعالى حيث ورد عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي بن الحسين، عن الحسين بن علي، عن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال: يا فاطمة إن الله تبارك وتعالى ليغضب لغضبك، ويرضى لرضاك قال: فجاء صندل فقال لجعفر بن محمد (عليهما السلام) يا أبا عبد الله إن هؤلاء الشباب يجيئونا عنك بأحاديث منكرة فقال له جعفر (عليه السلام):
وما ذاك يا صندل، قال: جاؤونا عنك أنك حدثتهم أن الله ليغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضاها؟ قال: فقال جعفر (عليه السلام): يا صندل ألستم رويتم فيما تروون أن الله تبارك وتعالى ليغضب لغضب عبده المؤمن، ويرضى لرضاه؟ قال: بلى قال:
فما تنكرون أن تكون فاطمة (عليها السلام) مؤمنة يغضب الله لغضبها ويرضى لرضاها، قال:
فقال له: الله أعلم حيث يجعل رسالته(١)،
وكذلك كان أمير المؤمنين (عليه السلام) كان المفرق بين الحق والباطل والإيمان والنفاق الإمام الباقر (عليه السلام): قال عبد الله بن عمر: "والله، ما كنا نعرف المنافقين في زمان رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلا ببغضهم عليا (عليه السلام)"(٢). وكما جاء في المستدرك على الصحيحين برواية أبي ذر: "ما كنا نعرف المنافقين إلا بتكذيبهم الله ورسوله، والتخلف عن الصلوات، والبغض لعلي بن أبي طالب" (رضي الله عنه) (٣).
ومقياسا لمعرفة الإنسان الطهر المولد من عدمه، وأنه لامر عظيم شأن الزهراء وبعلها بل وشأن أبنائها الائمة المعصومين( عليهم السلام)
وحسبنا في فضل الزهراء (عليها السلام) أنها المطهرة من الرجس النقية من الدنس كلّه.
وإذا كانت كتب السيرة لا تذكر من سيرة الزهراء (عليها السلام) الحافلة بالمفاخر إلا اليسير فإنّ ذلك اليسير كفيل بإعطائنا صورة عن الدرجة العليا التي بلغتها فاطمة الزهراء (عليها السلام) في مضمار الكمال والعبادة والأخلاق،
كيف لا وقد أشرف على إعدادها صاحب الخلق العظيم،والمتمّم لمكارم الأخلاق محمد (صلى الله عليه واله)فكانت بحق خير قدوة لكل نساء العالمين
وقد كان من سيرتها قولها سلام الله عليها :
(حُبِّبَ إلَىَّ من دُنياكُم ثَلاثٌ :
* تِلاوَةُ كِتابِ اللّه
* و النَّظَرُ في وَجهِ رَسولِ اللّه ِ
* و الإنفاقُ في سَبيلِ اللّه).
فالمرأة الصالحة لا تفارق كتاب الله في سيرتها العملية وكذا في تدبر اياته وكذلك طاعتها لرسول الله والنظر لوجه الشريف ومد يد العون للمسكين واليتيم والأسير وقد نزل بذلك قرآن يتلى آناء الليل وأطراف النهار(ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا انما نطعمكم لو جه الله لا نريد منكم جزاءا ولا شكورا).
إنّ المرأة التي تحبّ الزهراء (عليها السلام) ينبغي أن ترفض كلّ سلوك وعمل ينافي الأخلاق التي التزمتها الزهراء (عليها السلام) ودعت إليها عبر عمرها الشريف، ولعل ما ينبغي أن تحافظ عليه كل مسلمة اليوم هو العفّة والشرف، ونبذ كلّ محرم وسلوك يخالف شريعة الله تعالى مهما كان وزنه، فقد روي عنها (سلام الله عليها) : (مَن أصعَدَ إلَى اللّه ِ خالِصَ عِبادَتِهِ أهبَطَ اللّه ُ إلَيهِ أفضَلَ مَصلَحَتِهِ).
على ان العبادة لا تقتصر بحسب الفهم الضيق لدى البعض على الصلاة والصيام إلى غير ذلك من العبادات وإنما تشمل الإخلاص في العمل وأداء حقه والخروج من عهدة التقصير فيه ليبارك له الله في رزقه وينزل له افضل مايصلح حاله ما به تستقيم اموره ويحيا حياة طيبة كريمة.
ومن كمالاتها سلام الله عليها علمها وهو ما تكشف عنها خطبها العظيمة والتي من ضمنها بيان فلسفة التشريع حيث قالت في الخطبة المعروفة بالفدكية حيث تقول:
" فجعل الله الإيمان تطهيرا لكم من الشرك، والصلاة تنزيها لكم عن الكبر،
والزكاة تزكية للنفس، ونماء في الرزق، والصيام تثبيتا للإخلاص،
والحج تشييدا للدين،
والعدل تنسيقا للقلوب،
وطاعتنا نظاما للملة،
وإمامتنا أمانا من الفرقة،
والجهاد عزا للإسلام،
والصبر معونة على استيجاب الأجر،
والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مصلحة للعامة،
وبر الوالدين وقاية من السخط،
وصلة الأرحام منسأة في العمر، ومنماة للعدد،
والقصاص حقنا للدماء،
والوفاء بالنذر تعريضا للمغفرة،
وتوفية المكاييل والموازين تغييرا للبخس، والنهي عن شرب الخمر تنزيها عن الرجس، واجتناب القذف حجابا عن اللعنة،
وترك السرقة إيجابا للعفة،
وحرم الله الشرك إخلاصا له بالربوبية.
فاتقوا الله حق تقاته، ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون، وأطيعوا الله فيما أمركم به
ونهاكم عنه، فإنه إنما يخشى الله من عباده العلماء ".
وبهذا الإيجاز القاصر عن اداء ما للزهراء عليها السلام من حق واجب علينا اختم كلماتي هذه تمنياتي لجميع الموالين بالتوفيق والنجاح في طريق ولاية اهل البيت (عليهم السلام).
المصادر
————
(١ )البحار : العلامة المجلسج ٤٣ ص ٢ عن أمالي الصدوق
(٢) قرب الإسناد: ٢٦ / ٨٦ عن عبد الله بن ميمون عن الإمام الصادق (عليه السلام)، بحار الأنوار: ٣٩ (http://shiaonlinelibrary.com/%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%AA%D8%A8/1470_%D8%A8%D8%AD%D8%A7%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%86%D9%88%D8%A7%D8%B1-%D8%AC-%D9%A3%D9%A9) / ٣٠١ / ١١٢.
(٣) المستدرك على الصحيحين: ٣ / ١٣٩ / ٤٦٤٣، المتفق والمفترق: ١ / ٤٣٤ / ٢٢٠، كنز العمال. (http://shiaonlinelibrary.com/%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%AA%D8%A8/2277_%D9%83%D9%86%D8%B2-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%85%D8%A7%D9%84-%D8%AC-%D9%A1%D9%A3)
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat